“أئمة الشيعة” يردّون على أحمد قبلان دفاعًا عن “معراب”

حجم الخط

إن ما شبّ عليه “الوطنيون اليساريون الحركيّون” وبعدهم المحتلون الرابضون المغادرون، وصولًا الى “المقاومين الدينيين”، من تخوين وتهويد وصهينة كل معارض سيادي وطني سياسي صحافي كاتب أو أديب، قد شاب عليه تابعوهم والمستتبعون لهم في السياسة والوطن والطائفة ـ ومنهم المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد عبد الأمير قبلان ـ الى حدّ أن الهرم والوهن والعجز، تجلّى بتكرار ممّل لـ”اللّازمات” و”الشمّاعات” الممجوجة الباهتة بالمضامين الفارغة من البراهين، حتى أصبح المواطن اللبناني المستهدفة رموزه ومقدساته وتاريخه يتمتع بمناعة عالية تحميه من  تصديق كل ما يسمع ويقرأ، وتقيه من  أن يبلع ويهضم كل ما يُرمى على موائد الاتهام والافتراء والتشهير والاستهداف السياسي، على ما جهد “الممتعضون” المتضرّرون من تلاقي أحزاب ومجموعات وشخصيات لبنانية في معراب، لتعبّر عن معارضتها لنهج الشطط المدّمر للدولة وسيادتها وقراراتها والمانع لوفائها بالتزاماتها، باحترام القرارات الدولية، لا سيما القرار 1701 الناتج عن انتصار تموز 2006.

من هنا برز الرد الهجومي للمفتي  أحمد قبلان على لقاء معراب، مُستعيدًا الأدبيات المنتهية الصلاحية التي اعتمدت في تخوين لقاء قرنة شهوان ومكررًا ما سبق أن ساقه في 3 آذار 2024 بحق البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بعد طرح رأس الكنيسة المارونية للحياد، حيث اتهم قبلان الراعي بمثل ما اتهم الحاضرين في لقاء معراب وعلى رأسهم رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، إذ قال حرفيًا يومها: “الحياد انحياز لصالح الإسرائيلي، والتنديد بأشرف وأهم جبهة هدية مجانية للإسرائيليين وإضعاف علني لموقف لبنان، والكلمة الفصل للميدان، ولا قيمة للسياسات الوطنية والتسوية الرئاسية من دون المرور بجبهة لبنان. لسنا معنيين بأي وعود خارج سيادة لبنان ومصالحه، وما ينتظر تل أبيب لحظة المواجهة المفتوحة سيكسر كل التوازنات، وحذار من الخطأ الإستراتيجي، لأن الأصبع على الزناد”.

أمام افتراض الحزب ومستتبعيه – ومنهم قبلان – “عُلُوّهم” فوق الآخرين وافتراض قدرتهم على القول ما يشاءون من دون ردّ أو حساب الا لقدرتهم المادية العسكرية، وأمام الاتهامات بإضعاف المقاومة والتماهي مع العدو الإسرائيلي في مطالبة البعض بالحياد والسيادة وباندماج الجميع بلبنان أولًا وخاصة الطائفة الشيعية الكريمة وبرفض وحدة الساحات ونزع السلاح الذي يستعمل في الداخل، نحيل الشيخ قبلان الى ما قاله الشيخ الوالد عبد الأمير قبلان والامام المؤسس للمجلس الشيعي الأعلى موسى الصدر ونائبه الامام محمد مهدي شمس الدين، ليكون ما قالوه ردًّا من “أهل البيت” الشيعي على الشيخ الممتاز قبلان و”الحزب” ودفاعًا عن بيان “اللقاء الوطني في معراب”.

1 ـ يقول الشيخ عبد الأمير قبلان مهاجمًا “الحزب” في ما اعتبره نجله “تلاقي مع إسرائيل” في 12 أيار 1988: “…نصركم يكون بتحرير القدس لا بالسيطرة على ضاحية الضحايا، ولا بالهيمنة على المشردين من الشريط الحدودي ومن البقاع المهمل ومن الضاحية التي نبت فيها الرجال… يا ابناء الضاحية قولوا بصوت واحد لا لقوة الارتزاق ولا للهيمنة المفتعلة، وكلنا يعرف التوجه وأين تصب هذه الأعمال”.

يدعّم الشيخ قبلان ما كان قد ذكره في العام 1988 بقوله في 31 تموز 1990: “بتقديرنا أن حركة أمل مظلومة ومعتدى عليها والحزب هجم عليها. ليس حركة أمل فحسب، بل إن الجماهير في الجنوب هي المظلومة ويجب أن يوضع حد لهذه الهجمة على جماهير الجنوب، التي أصبحت تتوق الآن وبشكل قاطع الى وضع حد لهذه الاعتداءات، وقد آن الاوان لهذا الشعب أن يعيش وأن يحيا وأن يستقر بأمان، وهذا الاستقرار لا نراه الا من خلال خروج كل المسلحين… من منطقة اقليم التفاح”.

2 ـ نقرأ في كتاب وصايا الإمام محمد مهدي شمس الدين الصفحة 27 ـ 28: “الى عموم الشيعة في مختلف الأوطان أن يدمجوا أنفسهم في أقوامهم ومجتمعاتهم وفي أوطانهم… ولا يخترعوا لأنفسهم مشروعًا خاصًّا، يميّزهم عن غيرهم تحت أي ستارٍ من العناوين، من قبيل إنصافهم ورفع الظلامة عنهم، أو من قبيل كونهم أقلية من الأقلّيات لها حقوق غير تلك التي تتمتع بها سائر الأقليات ولا يجوز ولا يصحُّ أن يحاولوا – حتى أمام ظلمِ الأنظمة – أن يقوموا بأنفسِهم وحدهم وبمعزل عن قوى أقوامهم بمشاريع، خاصّة للتصحيح والتقويم، لأن هذا يعود عليهم بالضرر ولا يعود على المجتمع بأي نفع”… ليكمل الإمام الشيعي في كتاب “وصاياه ” في الصفحة 55 ـ 56: “…وأكرّر وصيتي بأن يتجنّب الشيعة حقوق الطائفة والمطالبة بحصص في النظام”.

3 ـ واقتناعًا بضرورة الابتعاد عن لعبة المحاور، وإبقاء لبنان في جو الحياد، قال الإمام موسى الصدر في 16 أيلول 1977، وبما يشبه “الدفاع المسبق” عن طرح البطريرك الراعي ولقاء معراب: “لا بد من اخراج لبنان من جوّ المحاور، والتي تعتمد غربيًّا ودوليًا بسرعة، وبالتالي يؤدي ذلك الى إدخالنا من جديد في لعبة الأمم التي جرّبناها ودفعنا ثمنها غاليًا”.

وفي مقابلة مع الصحافي الشهيد سليم اللوزي في مجلة الحوادث تاريخ 2 أيلول 1977 يقول الصدر بما يشبه الردّ على قبلان والحزب في آن: “أعتقد أن الشيعة في لبنان لبنانيون عرب مسلمون قبل كل شيء، وأن الربط السياسي بينهم وبين أي بلد آخر غير لبنان سيما البلاد غير العربية خطأ كبير لا بل خطيئة، وهل يشكو لبنان من قلّة الولاءات حتى نحاول إضافة محور سياسي جديد، وأرجو أن يفهم هذا الموقف من قبل الجميع، لبنانيين وعربًا وإيرانيين، ومن قبل بعض السياسيين الذين يتاجرون بهذه العلاقات ويستفيدون منها على حساب الوطن وعلى حساب الطائفة. فليهنأوا بعيشهم، وجنّبنا الله هذا العيش”. …وفي نفس المقابلة يقول مؤسس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى ورئيسه: “هناك في إيران وفي لبنان من يريد أن يجعل من الطائفة الشيعية طائفة مرتبطة بإيران سياسيًا، وأنا أرفض هذا الترابط وأعتبره خلاف مصلحة طائفتي ووطني وخلاف مصلحة إيران أيضًا”.

امام غلوّ الممسكين بالطائفة الشيعية بشعورهم بفائض القوة وباستعمالهم لها على بقية اللبنانيين، مخونين متهِمين مفترين ظالمين، لا يسعنا الا أن نستذكر ما قاله رمزهم وإمامهم موسى الصدر علّهم يعتبرون، إذ يقول في 13 تشرين الأول 1973: “القوة مهما غشمت فستتحطّم أشلاء، وتذهب هباء إذا لم يكن في جذورها الإنسان”، والأهم في تأييد الصدر لبيانات المعارضة لـ”الحزب” الديني الذي خرج من رحم “حركة المحرومين” بقوله في 27 تشرين الأول 1976: “على اللبنانيين أن يتدفقوا ويقتحموا الساحات ويضعوا حدًّا للمتطرفين”.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل