خاص ـ مليارات الدولارات سنوياً.. كيف يُثقل النزوح كاهل خزينة الدولة؟

حجم الخط

منذ سنوات عدة، تجلّى واقع النزوح السوري كمصدر لتحديات هائلة تواجه لبنان، لكن لا شيء يعبر عن الواقع الإنساني والعاطفي لهذه الأزمة كما تفعل الأرقام. فقد باتت الخزينة اللبنانية تتأرجح على حافة الهاوية، مباشرة وجراء وطأة هذا النزوح الضخم. في كل زاوية من أرجاء لبنان، يمكن للعين أن ترى آثار هذا النزوح الجسيم، فالمخيمات “الراقية” على الطرقات والأطفال الذين يتجوّلون بلا مأوى، هم أشبه بأنغام مؤلمة تتردد في أفق الوطن، تداعب قلوبنا وتحاول أن تنبت فيها بذور الرحمة والتضامن.

بملايين القلوب اللبنانية تحمل هذه الأعباء، تتأرجح بين الأمل في يوم جديد والخوف من غد مجهول، حيث يستضيف الوطن الحبيب حوالي مليوني نازح سوري، تكاد تكون نسبتهم تعادل نصف سكانه، أي 43%، وهو أكبر رقم بالمقارنة للدول الغربية (بين 1% و2%).

هذا الضغط الهائل الذي يشكله وجود ملايين النازحين يثقل كاهل خزينة الدولة، خصوصاً البنية التحتية والخدمات العامة. مع ذلك، تبقى شمعة الأمل متوهجة في قلوب الكثيرين، فقد جسد اللبنانيون مراراً وتكراراً معنى العطاء والتضحية واستمروا في تقديم الدعم والمساعدة لإخوتهم السوريين، على الرغم من التحديات الاقتصادية والاجتماعية الجسيمة، لكن “طفح الكيل”.

من الناحية الاقتصادية، تشير مصادر حقوقية عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أن تكلفة النزوح على الخزينة اللبنانية تصل إلى حوالي 3 مليار دولار سنوياً.

تتابع المصادر: “هذه التكلفة تغطي مجموعة واسعة من الخدمات والتحديات التي تشمل الرعاية الصحية، التعليم، البنية التحتية، الأمن، والخدمات الاجتماعية. الضغط الذي يتحمله القطاع الصحي هو أحد أبرز تجليات هذا التأثير، حيث يتطلب استيعاب عدد كبير من النازحين زيادة في الخدمات الصحية وتوفير العلاجات والرعاية الطبية”.

من ناحية أخرى، الخزينة مثقلة إثر تدفق النازحين وزيادة الطلب على التعليم، مما يستلزم توفير مزيد من المدارس والمعلمين ومواد التعليم. يواجه القطاع التعليمي في لبنان تحديات جمة في تلبية هذه الاحتياجات، مما يؤثر على جودة التعليم المقدم لكل من اللبنانيين والنازحين على حد سواء.

البنية التحتية، التي كانت محدودة وغير كافية حتى قبل الأزمة، تعاني الآن من ضغوط مضاعفة. الطرق، المياه، الصرف الصحي، والكهرباء، كلها قطاعات تعاني من الإفراط في الاستخدام والحاجة الماسة إلى التوسع والصيانة. هذا لا يؤدي فقط إلى تدهور الخدمات ولكن أيضاً يزيد من العبء المالي على الدولة.

أمنيًا، يشكل وجود عدد كبير من النازحين تحديات أمنية، حيث يجب على الدولة تعزيز قواتها وإجراءاتها الأمنية للحفاظ على الاستقرار، وهو ما يتطلب تمويلاً كبيراً ومستمراً. بالإضافة إلى ذلك، توجد تحديات اجتماعية ناتجة عن التفاعل بين النازحين السوريين والسكان المحليين، مما يمكن أن يؤدي إلى توترات وصعوبات في الاندماج.

تشكل أزمة النزوح السوري عبئاً ثقيلاً على خزينة الدولة اللبنانية وتحتاج إلى إدارة دقيقة ومستدامة لتقليل الآثار السلبية على البلاد. تبقى الحاجة ملحة لدعم دولي وإقليمي متزايد لمساعدة لبنان على تجاوز هذه التحديات واستعادة استقراره الاقتصادي والاجتماعي.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل