خاص ـ ضغوط النزوح وتداعياته على الرعاية الصحية في لبنان

حجم الخط

منذ بداية الأزمة في لبنان، هاجر الآلاف من الأطباء والممرضين تأثراً بالتداعيات الاقتصادية والاجتماعية للأزمة. عدد الأطباء الذين هاجروا تجاوز 3.500 طبيب من مختلف الإختصاصات، بالإضافة إلى حوالي 3000 ممرض وممرضة. ذلك على مدار السنوات الأخيرة مع انفجار مرفأ بيروت وبالنظر لتعاطي القضاء مع القضية، وأيضاً مع تدهور الوضع الأمني وارتفاع معدل نسبة الجرائم خصوصاً التي يرتكبها الأجانب. فكيف لبلد صغير ينزف أساساً من أزمة في القطاع الاستشفائي أن يتمكن من مواجهة واقع وجود ملايين النازحين على أرضه، مع ما يرافق ذلك من ضرورة تأمين الطبابة لكل إنسان انطلاقاً من شرعة حقوق الإنسان الصادرة عام 1946 ويعتبر لبنان من أول المنضمين إليها؟

تعاني مرافق الاستشفاء بسبب الضغط الزائد على البنية التحتية الصحية جراء النزوح السوري، من نقص في الموارد الطبية الأساسية مثل الأدوية والمعدات الطبية والموظفين الطبيين المدربين، فيصبح من الصعب على هذه المرافق تلبية الطلب المتزايد على الرعاية الصحية. هذا الأمر أدى إلى تعثر مراكز طبية ومستشفيات حكومية عدة خصوصاً في السنوات الأخيرة، وصل بعضها إلى حد إقفال أقسام كاملة وطوابق أو إلى الإقفال التام، خصوصاً في المناطق التي تقع خارج المدن الرئيسة.

يؤدي التجمع الكبير للنازحين السوريين في المخيمات أو الملاجئ المؤقتة إلى انتشار الأمراض المعدية بسرعة، بسبب التجمع الكبير للأفراد في مساحات صغيرة مع ظروف عيش غير صحية. هذا التجمع يساهم في انتشار الأمراض والأوبئة بشكل سريع وواسع، خصوصاً مع نقص الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي.

في هذه الحالة، من الصعب تطبيق التدابير الوقائية الأساسية مثل النظافة الشخصية والتباعد الاجتماعي، ما يزيد من فرص انتقال الأمراض المعدية مثل الإسهالات والتيفوئيد والحصبة والتهابات الجلد والأمراض التنفسية المعدية كالإنفلونزا وأمراض الجهاز التنفسي العلوي. كما يساهم ذلك في انتشار الأمراض والأوبئة الخطيرة في جميع أنحاء البلاد، ما يزيد وضع القطاع الاستشفائي خطورة.

عانى النازحون من آثار نفسية خطيرة نتيجة فقدانهم للمنازل والمجتمعات والروابط الاجتماعية، وهذا قد يؤثر على صحتهم العقلية ويزيد من مخاطر الاكتئاب والقلق والإجهاد النفسي. وجود النازحين في ظروف قاسية وغير مستقرة قد يزيد من احتمالية تنفيذهم لأفعال جرمية ما يصعّب وضع قطاع الاستشفاء النفسي.

وفقًا لشرعة حقوق الإنسان، يتم التأكيد على ضرورة توفير الرعاية الصحية لكل إنسان. يجب أن يكون الوصول إلى الرعاية الصحية حقًا مكفولًا للجميع، بما في ذلك النازحين والمهاجرين، بموجب الاتفاقيات الدولية والمعايير الإنسانية.

من هنا، وبما أن لبنان يتعرض لتحديات هائلة في مجال الرعاية الصحية نتيجة لوجود عدد كبير من النازحين السوريين على أراضيه، فالقطاع الصحي في لبنان الذي يعاني بالفعل من نقص في الموارد والبنية التحتية، لا يستطيع تحمّل الضغط الكبير الناتج عن وجود هذا العدد المتزايد من النازحين. فمع تزايد أعدادهم، يصبح من الصعب تلبية احتياجاتهم الطبية وتوفير الرعاية اللازمة لهم وللمواطنين اللبنانيين.

بالتالي، يمكن الاستدلال بأنه من الواجب إيجاد حل لملف النازحين السوريين في لبنان، للحفاظ على استقرار القطاع الصحي وضمان توفير الرعاية الصحية اللازمة للمواطنين اللبنانيين. يمكن أن يكون ذلك ضمن إطار التعاون مع الجهات الدولية والمنظمات الإنسانية، لتوجيه النازحين إلى بلدان أخرى حيث يمكن تقديم الرعاية الصحية لهم بشكل أفضل وتحسين جودة حياتهم.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل