صحيفة النهار – نبيل بومنصف
يمكننا الجزم بأن الجهة الخارجية الأكثر ما توجّست من توافق لبناني عريض على إمكان انطلاق خطة ملبننة تفرض بقوة داخلية متينة بدء إعادة جدّية للنازحين السوريين الى سوريا هي #النظام السوري نفسه. ولأن الإغراق في جدليات عبثية مع حلفاء هذا النظام في لبنان لا جدوى منه إطلاقاً، يتعيّن وضع بعض الحقائق في موضعها الحقيقي، سواء أبقيت الجلسة النيابية اليوم الأربعاء “مؤهلة” لإصدار موقف يُعتدّ به أم تعرّضت لـ”القنص” القاتل لإجهاض المطلوب منها على يد حليف أو حلفاء النظام السوري.
شاء من شاء الاعتراف بالوقائع أو أبى فإن مقتل #باسكال سليمان، بتلك الطريقة الهمجية البشعة، أشعل ملف النازحين السوريين وكان، وإن بصورة رمزية مصغرة، بمثابة اغتيال الرئيس رفيق الحريري لجهة إشعال الثورة السيادية على وصاية النظام السوري. حصلت قبل وبعد مقتل المسؤول القواتي ولا تزال تحصل يومياً حوادث تنضح بالتسيّب الأمني الخطير لواقع النازحين السوريين كما لواقع أمني عام متأتٍّ من اهتراء اجتماعي هو الأخطر في تاريخ لبنان. لكن لولا الرافعة السياسية الضاغطة المتصاعدة بقوة غير مرتدّة من جانب القوى السيادية والمعارضة لما تحرّك ساكن وحتى لو كانت “الهبّة” الأوروبية أيقظت في السلطة الحكومية تلك الاستفاقة لكي تنزع الحكومة عن ظهرها تبعة ما لا أكثر.
ولكن في ظل الخشية من أن تكون التراجعات الحكومية عن مستوى التمثيل الرسمي في مؤتمر بروكسيل المؤشر الحاسم الى الرضوخ لابتزاز النظام السوري كما للانصياع التقليدي للثنائي الشيعي حليف النظام الأول، بات واضحاً أنه سيكون على القوى السيادية والمستقلة المعارضة أن تنبري بسرعة الى تصويب أي جموح خطير في الموقف والخطاب السياسي من ملف النازحين يمكن أن يصبّ في خدمة ما يبدو أنه “قنص ممانع” على الموقف اللبناني العارم الصارخ بضرورة انطلاق خطة جدية صارمة لإعادة النازحين السوريين. من غير الجائز بعد الآن مماشاة تلك الأسطورة الطالعة بفتح البحر على الغارب للنازحين لـ”غزو أوروبا ” التي توّج المناداة بها، بعد آخرين، السيد نصرالله. إنها أشبه بوصفة عاجلة لتحريض الغرب والأمم المتحدة ودولاً كثيرة على عزل لبنان وتجفيف بقايا الدعم الدولي عنه في كل المجالات تحت وطأة انفعالات المزايدات من جهة والتوظيف الفاقع “الممانع” لواقع رفض التسيّب الحاصل بما يخدم حليفهم النظام ويحاصر خصومهم المعارضين بغوغاء مخيفة. ولا ترانا في حاجة الى التذكير بما يذكره ويعرفه الجميع من أن المناداة بفتح البحر لـ”هجرات النازحين الجماعية”، وإن شابها الخيال السينمائي أكثر منه الواقعي، تغدو أكثر من مشكوك في أهدافها الحقيقية متى جاءت من “الحزب” صاحب اليد الطولى في التورّط في الحرب السورية وتهجير السوريين من أرضهم.
ثم إنه يتعين على القوى السيادية المعارضة تصويب مسار آخر لئلا يتحوّل تصويب خطأ بخطأ أفدح وهو المسار المتعلق بالتعامل مع الاتحاد الأوروبي وسواه من الجهات الغربية والدولية. فـ”الانتفاض” على خطأ “الرشوة” شيء والسقوط في فخ الانجراف الى حرب تخدم النظام السوري وحلفاءه الممانعين في لبنان شيء آخر مختلف تماماً. وليس في اندفاع النظام وحلفائه في الأيام الأخيرة الفاصلة عن جلسة البرلمان أو عن مؤتمر بروكسيل سوى الإثبات القاطع بأن هؤلاء لا يفوتهم تحيّن أي فرصة للإجهاز على فرص تعويم التوافقات اللبنانية متى بشّرت بتحكيم مصالح اللبنانيين أولاً وقبل أي مصالح وارتباطات خارجية مريبة…