بالتأكيد، إن التوصية النيابية التي أصدرها مجلس النواب بشأن مواجهة إحدى أخطر الأزمات “الوجودية” التي تؤثر على لبنان واللبنانيين، وهي أزمة الوجود السوري غير الشرعي، ليست ملزمة. فعلى الرغم من أنها تمثل خطوة إيجابية، إلا أن تنفيذها يتطلب صدقية والتزاماً جاداً، خاصة فيما يتعلق بتحديد السبل الصعبة والمعقدة لعودة النازحين السوريين، خاصة الذين يشكلون الأغلبية العظمى والذين يُعتبر وجودهم غير شرعي في لبنان. ومع ذلك، فإنه يجب الاعتراف بأنه ليس في كل يوم، خاصة في ظل الانقسامات والخلافات السياسية في لبنان، يتمكن مجلس النواب من التوافق “النادر” على توصية، حتى لو كانت مبدئية، لوضع خارطة طريق نظرية لحل أزمة النازحين السوريين.
في هذا السياق، صادق رئيس مجلس النواب نبيه بري في جلسة البرلمان أمس الأربعاء على توصيتين نيابيتين متناقضتين للحكومة في شأن إعادة النازحين السوريين المقيمين إقامة غير شرعية في لبنان الى ديارهم. مصادر نيابية بارزة روت لـ”نداء الوطن” وقائع جلسة البرلمان أمس، فقالت: “جرى في جلسة البرلمان أمس تقديم توصيتين:
الاولى، اتفقت عليها مجموعة كتل، والثانية قدمها تكتل “الجمهورية القوية”.
أضافت: “الفارق بين التوصيتين على الرغم من التقاطع بينهما هو أنّ توصية الكتل التي تضم 9 بنود هي فضفاضة وإنشائية ولا تتضمّن اية
خطة عملية، بل تتكلم على كل شيء من الحدود الى الحكومة السورية والدول المانحة وقانون قيصر وتأليف لجان بعد مرور 11 عاماً على أزمة النازحين السوريين.
أما التوصية الثانية، فكانت واضحة بالقول إنّ الحكومة التي بدأت اجراءاتها في شأن النازحين السوريين، عليها أن تكمل عملها انطلاقاً من ان كل وجود غير شرعي يجب إخراجه من لبنان. ولا همّ اذا ما اعترض الاتحاد الأوروبي أو الحكومة السورية على ذلك، فلبنان اتخذ قراراً سيادياً، وعلى الحكومة أن تمضي في إجراءاتها. وكذلك على المجلس النيابي أن يمضي الى المزيد من دعم الحكومة وتحفيزها وتشجيعها في هذا المسار، ما يعني توجيه رسالة الى كل المعنيين في العالم أن الحكومة اللبنانية اتخذت قراراتها. وكان يؤمل أن تشكّل هذه الجلسة نوعاً من غطاء لمواصلة الدينامية التي انطلقت”.
تابعت المصادر: “الخوف الآن هو من أن تضرب توصية الكتل ببنودها التسعة الدينامية المتعلقة بإنهاء الوجود غير الشرعي لملف النازحين السوريين في لبنان”.
في الموازاة، أشارت مصادر سياسية مطلعة لـ”اللواء” إلى أن جلسة مجلس النواب لم تخالف التوقعات بشأن إصدار توصية بنقاط تستدعي متابعة لمعالجة ملف النازحين السوريين، ورأت أن هذه الجلسة نجحت من حيث الشكل بالأحاطة بالملف في حين بقيت هبة المليار يورو من دون قرار على ان المسألة يجب ان تبت داخل الحكومة، إذ لا صفة للمجلس في التقرير.
لاحظت هذه المصادر أن التوصية التي صدرت من مجلس النواب فندت الدور الذي يجب أن تضطلع به الجهات المعنية بهذا الملف وكان تأكيد على تحمل الحكومة مسؤولياتها، وأوضحت أنه يمكن القول أن تم طي صفحة الهبة بعد ان خلصت الجلسة إلى بنود حول معضلة النزوح، في حين أن الرسالة مما جرى موجهة إلى الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي والى المعنيين بهذا الملف.
في ما خص الملف الرئاسي، اجتمع أمس الأربعاء سفراء اللجنة الخماسية في مقر السفارة الأميركية في عوكر. وبحسب معلومات “نداء الوطن”، وضع السفراء الذين يمثلون الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والسعودية ومصر وقطر سقفاً زمنياً لعمل اللجنة، وتوافقوا على إنجاز مشاورات الاستحقاق الرئاسي بنهاية أيار الحالي، وشددوا على مندرجات بيان الدوحة الصادر في تموز عام 2023.
كان لافتاً عدم صدور بيان عن الاجتماع، كما لم تلتقط له صورة.