حتى الآن لم تُجد الضغوط التي تمارس لوقف الاندفاعة المسجّلة لضبط الوجود السوري غير الشرعي في لبنان نفعاً، بعدما استفحل وبلغ مندرجات خطيرة باتت تهدد الوجود اللبناني في الصميم. فرسالة ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إيفو فرايسن إلى وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي والتي تخطت كل الأصول والأعراف الدبلوماسية مردودة، بل باتت المفوضية هي تحت المساءلة مع مهلة تنتهي آخر أيار الحالي لتسليم داتا السوريين النازحين وغير الشرعيين في لبنان التي بحوزتها. بالإضافة إلى أن العراقيل والاعتراضات على انطلاق الخطة الأمنية في بيروت وضواحيها لوقف الفلتان الحاصل، سواء بالنسبة للوجود السوري غير الشرعي أو لمختلف المخالفين خصوصاً لناحية الدراجات النارية والمركبات غير الشرعية بعد تكاثر عمليات النشل والسرقة والاعتداء بواسطتها، لن توقف الخطة الأمنية وضبط الوجود السوري غير الشرعي في كل لبنان.
مصدر أمني مسؤول، يؤكد لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “التعليمات واضحة لمختلف الأجهزة الأمنية، قوى أمن داخلي وأمن عام وأمن دولة ومخابرات الجيش، بتطبيق التعليمات المعطاة والقوانين لضبط الوجود السوري غير الشرعي والحفاظ على الأمن من دون مراعاة لأي اعتبارات أخرى، فالمسألة باتت تشكل تهديداً جدياً على المصلحة الوطنية العلياً ولم يعد بالإمكان التهاون إزاءها”.
المصدر ذاته، يكشف لموقع “القوات”، عن أنه “من آلاف الدراجات النارية المضبوطة منذ بدء تطبيق الخطة الأمنية، هناك نحو 10% أو أكثر بقليل فقط من التي بحاجة إلى تصحيح أوراق أو تجديد رخصة السير وما شابه، فيما الباقي تبيّن أنه شبه لا داتا فيها ولا أوراق ولا تسجيل وهي كأنها غير موجودة على الأراضي اللبنانية، فهل يجوز السكوت على هذا الأمر والبعض لا يتورّع عن الاعتراض؟!”.
بالعودة إلى الوجود السوري غير الشرعي، يلفت المصدر إلى أنه “على سبيل المثال، أقفل الأمن العام بالشمع الأحمر في منطقة جبيل وحدها، ساحلاً وجبلاً، نحو 15 مؤسسة تجارية ومحلات يديرها ويستثمرها سوريون غير شرعيين ولا يملكون الأوراق القانونية اللازمة، وهي محلات مختلفة (سمانة، ملابس، معدات، تلفونات وأجهزة إلكترونية، كاراجات ميكانيك وغيرها). بالتالي هذه ليست أعمال في الزراعة وما شابه ممّا تجيزه القوانين اللبنانية المرعية الإجراء ومخالفة صريحة لها”.
يضيف: “نحن لا نتحدث عن مستثمر دخل إلى البلاد بطريقة شرعية عبر المطار مثلاً ويملك رأسمالاً كبيراً يريد توظيفه في لبنان، واستحصل على إقامة شرعية وترخيص بإنشاء تجارة واستثمارات ووضع تأميناً مالياً في المصارف، إنما نحن بصدد سوريين دخلوا خلسة إلى البلاد عبر التهريب ولا يملكون إقامة أو انتهت مدتها. بالتالي لا يمكن للسوريين من هذه الفئة التحجج بأنهم نازحون ليخالفوا القوانين والعمل في مختلف المهن التجارية وغيرها من دون أوراق وإفادات رسمية، علماً أنهم يستحصلون في الوقت ذاته على بطاقة نازح من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ويقبضون منها الأموال بهذه الحجة”.
يتابع: “الأمن العام أوقف في منطقة جبيل نحو 15 سورياً غير شرعي دخلوا البلاد خلسة، وبعض هؤلاء كان يدير ويستثمر مؤسسات من بين الـ15 التي أقفلها بالشمع الأحمر، فيما تم سحب أوراق ومستندات نحو 50 سورياً لكون أوراقهم غير قانونية، إما لانتهاء مدة الإقامة أو عدم وجود إفادة عمل أو ترخيص بالاستثمار أو منهم من هرب من عند كفيله وراح يعمل على حسابه من دون إجازة رسمية، ونُظِّمت محاضر بذلك. هؤلاء يترك القرار بشأنهم للمدير العام للأمن العام، علماً أن 90% من الحالات يتم ترحيلهم بدءاً خصوصاً بالذين دخلوا لبنان خلسة”.
المصدر الأمني عينه، يشير إلى “تواطؤ بعض اللبنانيين مع السوريين غير الشرعيين طمعاً بالفريش دولار. على سبيل المثال في جبيل، تنطلق دورية للأمن العام باتجاه محل في منطقة معينة بناء على معلومات مؤكدة عن وجود سوريين غير شرعيين يديرونه ويستثمرونه، تصل الدورية وتنفذ الإجراءات القانونية بحقهم. لكن ما أن تعود دورية الأمن العام لتنطلق متوجهة إلى محل آخر في المنطقة أو إلى أخرى قريبة، حتى تفاجأ بوجود صاحب المحل اللبناني الذي يدعي أن لا عمّال سوريين لديه وأنه يديره بنفسه”.
“بالتالي، هذا تواطؤ مكشوف وتغطية وتحايل على القانون”، وفق المصدر الأمني الذي يضيف: “اكتشفنا أن السوريين غير الشرعيين لديهم مجموعات واتساب تنسّق فيما بينهم، وما أن يلمح أحدهم دورية للأمن العام في منطقة معينة يبلّغ الآخرين ليتواروا عن الأنظار ويحضر صاحب المحل اللبناني”، مؤكداً أن “هذا التحايل مكشوف بالنسبة لنا ونحن نستكمل معطياتنا وسيحاسب كل متواطئ مع السوري غير الشرعي في هذا السياق”.
المصدر الأمني نفسه، يكشف لموقع “القوات”، أن “الأمن العام في جبيل تمكّن من توقيف 6 سوريين يؤلّفون مع آخرين، لبنانيين وسوريين، شبكة لتهريب السوريين إلى لبنان، رأسها في منطقة الشمال وتمتلك شركات نقل تستخدمها لنقل السوريين غير الشرعيين وتهريبهم من سوريا إلى لبنان”، مشيراً إلى “شبهات معينة حول تغطية هذه الشبكة من قبل أصحاب نفوذ في الشمال”، ومؤكداً أن “الأمن العام بالمرصاد والتحقيقات مستمرة في هذه القضية لاستكمال جمع المعلومات والمعطيات تحت إشراف النيابة العامة المختصة”.