أعاد التحرك الأخير لسفراء دول اللجنة الخماسية، تحريك المياه الراكدة في ملف الانتخابات الرئاسية المعطَّلة و”المستكينة” في فراغ متماد منذ نحو 18 شهراً. البيان الأخير الصادر عن اجتماع سفراء اللجنة الخماسية الأسبوع الماضي، بعد سلسلة جولات ولقاءات قامت بها على مختلف القيادات والمسؤولين، دفع البعض للتساؤل حول احتمال وجود شيء ما تغيّر على صعيد الملف الرئاسي الجامد عند مفترق التعطيل والعرقلة لفريق الممانعة، وما إذا كان بالإمكان إحداث خرق جدي في جدار التعطيل للفريق الممانع.
بيان سفراء اللجنة الخماسية قرأ فيه كثيرون تغيّراً ما، على الأقل لناحية اللهجة والأسلوب الواضح في صياغته، والحديث عن “مشاورات، محدودة النطاق والمدة، بين الكتل السياسية، ضرورية لإنهاء الجمود السياسي الحالي. هذه المشاورات يجب أن تهدف فقط إلى تحديد مرشّح متفق عليه على نطاق واسع، أو قائمة قصيرة من المرشحين للرئاسة، وفور اختتام هذه المشاورات، يذهب النواب إلى جلسة انتخابية مفتوحة في البرلمان، مع جولات متعددة حتى انتخاب رئيس جديد”، بالإضافة إلى دعوتهم “النواب اللبنانيين إلى المضي قدماً في المشاورات والوفاء بمسؤوليتهم الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية”.
اللافت أيضاً في بيان سفراء اللجنة الخماسية “تجديد تأكيدهم على موقف بلدانهم الموحد لدعم حكومة وشعب لبنان، كما تم التعبير عنه في بيان الدوحة الصادر في تموز الماضي”، مشددين على “التزامهم باحترام سيادة لبنان ودستوره”، وأنهم “يواصلون جهودهم الصادقة والمحايدة لمساعدة لبنان على الخروج من أزماته الحالية، واستعادة عافيته السياسية والاقتصادية”.
مصادر سياسية متابعة، تفضّل كنظرة أولى “عدم الذهاب بتوقعات سريعة في الوقت الراهن حول البيان الأخير لسفراء اللجنة الخماسية”. لكن المصادر تستدرك سريعاً، في حديثها إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، وتلفت إلى أنه “بالتشخيص، أمامنا اليوم معطيات جديدة وعلينا أن نقرأها. أما انطلاقاً من هنا وماذا يمكن أن تفعل “الخماسية”؟، لكل حادث حديث، هذا يعود لـ”الخماسية”. أما بالمعطيات التي بين أيدينا، فمن الواضح أن “الخماسية” تبنَّت بشكل كامل موقف، أو ما تقوله أو أدبيات أو سردية القوات اللبنانية والمعارضة النيابية السيادية حول نقطتين أساسيَّتين:
أولاً، نقطة المشاورات محدودة النطاق، أي رفض طاولة الحوار الرسمي. هذا ليس بقليل ومسألة مهمة جداً، لأن رئيس مجلس النواب نبيه بري وفريق الممانعة يتذرّعون ويعطّلون الانتخابات الرئاسية بحجّة أنه يجب أن تسبقها طاولة حوار رسمي. بالتالي أتت اللجنة الخماسية أولاً، بالمشاورات محدودة النطاق، لتنسف طاولة الحوار الرسمي.
ثانياً، حدَّدت “الخماسية” آلية المشاورات المحدودة. أي إما أن توصل إلى مرشح واحد ويتم انتخابه في البرلمان، وفي حال أوصلت إلى رزمة أسماء تحصل جلسة مفتوحة بدورات متتالية. هنا أيضاً نسفت “الخماسية” الفكرة التي يطرحها بري عن جلسات متتالية، إذ قالت بجلسة مفتوحة بدورات متتالية، أي جلسة انتخابية واحدة من أجل ان يكون النصاب بعد أول دورة هو النصف زائداً واحداً، بالتالي حسمت النقاش من هذه الزاوية”.
لذلك، تضيف المصادر عينها: “ما قامت به “الخماسية” بالتشخيص وبالتوصيف، أكدت على الدستور اللبناني أولاً في كيفية انتخاب الرئيس، أكدت على ما تؤكده المعارضة ثانياً لجهة أن الحوار المطروح المشروط يشكّل انقلاباً على اتفاق الطائف ويشكّل تكريساً لأعراف مرفوضة، كما رسمت ثالثاً خريطة الطريق الرئيسية المفترض اعتمادها. بالتالي، من الآن فصاعداً، ماذا يمكن أن يحصل؟، هذا كله طبعاً وقف على “الخماسية” التي تحاول مشكورة من موقعها محاولة تذليل العقبات أمام انتخاب رئيس للجمهورية، في الوقت الذي هناك فريق سياسي داخل البلد يعطّل الانتخابات الرئاسية”.
المصادر نفسها، تلفت إلى أن “هناك سؤالين لا إجابة عليهما لغاية الآن. الأول، هل يمكن أن تسمِّي “الخماسية” الفريق المعطل؟ نعم أم لا؟ لا جواب حتى الآن. الثاني، هل يمكن أن تلجأ “الخماسية” إلى العقوبات، لكونها لوّحت في بيانها الأخير ببيان الدوحة في تموز الماضي بالعقوبات؟، كذلك لا نعرف بعد. ما نعرفه أن “الخماسية” في بيانها الأخير، بالتشخيص وبالأدبيات وبالسردية، اتجهت بشكل واضح إلى ضرورة الذهاب وفقاً للدستور، أي مشاورات محدودة النطاق، مع تذكيرها بمبادرة كتلة الاعتدال الوطني والتي وافقت عليها القوات اللبنانية وسائر المعارضة النيابية السيادية”، مشددة على أن “مبادرة “الاعتدال” واضحة، تشاور من دون أن يكون هناك جهة داعية ومن دون ترؤس”.