مؤتمر بروكسيل والمقاربة غير العادلة

حجم الخط

صحيفة النهار – نايلة تويني

يقول جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، نائب رئيس المفوضية الأوروبية “إن التوصل إلى حل سياسي شامل يتم بلوغه من خلال الأمم المتحدة، ويحظى بالدعم الكامل من جميع أعضائها، يظل هو الضرورة القصوى: يجب أن يحصل الشعب السوري على فرصة للعيش بكرامة وسلام. وهذا ما يعمل الاتحاد الأوروبي من أجله، بالوقوف إلى جانب الشعب السوري إلى أن يتحقق هذا الاحتمال – مهما بدا بعيد المنال في بعض الأحيان”.

 

اليوم ينظم الاتحاد الأوروبي ويستضيف في العاصمة البلجيكية مؤتمر بروكسيل الثامن حول “دعم مستقبل سوريا والمنطقة”. ووفقاً للموقع الرسمي للمؤتمر، فإن الاجتماع الوزاري سيشهد مشاركة ممثلين عن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والدول المجاورة لسوريا ودول أخرى، إضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمجتمع المدني السوري. وسيشارك الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي ونائب رئيسة المفوضيّة الأوروبيّة جوزيب بوريل في رئاسة المؤتمر نيابة عن الاتحاد الأوروبي، إلى جانب المفوّض الأوروبي المكلّف بالجوار ومفاوضات التوسّع أوليفير فارهيلي والمفوّض المكلّف بإدارة الأزمات يانيز لينارسيتش.

 

ويهدف القسم الوزاري من المؤتمر إلى حشد الدعم المالي الحيوي من أجل تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً للسوريين والمجتمعات المحليّة المستضيفة لهم، وتجديد دعم المجتمع الدولي الحل السياسي بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254.

 

وقبل الدخول في الشأن المالي المسمى دعماً للاجئين والنازحين السوريين، لا بد من التوقف عند كلام بوريل، وهو ليس جديدا، لكنه يحتاج باستمرار الى اعادة تذكير بالقيم التي ينادي بها الاتحاد الاوروبي، وهي قيم انسانية وحقوقية، لكن تطبيقها بات مجتزأً ومنحازاً ايضاً.

 

فالكلام عن “فرصة للعيش بكرامة وسلام” للشعب السوري، يجب ان ترافقه اجراءات جازمة في هذا المجال، لان العيش بسلام وكرامة لا يتحقق في بلدان اللجوء وفي المخيمات والخيم، ولا يتحقق من دون عودة كريمة الى المدن والقرى السورية، ولا يتحقق عبر فتات خبز يوزع على اللاجئين.

 

والفرصة لا تكون بالقضاء على فرص الآخرين، كما هو حاصل في لبنان، لان النازحين السوريين الذين بلغ تعدادهم نحو مليونين، وهو نصف عدد اللبنانيين المقيمين، بدأوا يُفقِدون لبنانيين الفرصة بل فرص العيش بكرامة وأمان. فهل هي القيم الاوروبية التي تتم الدعوة اليها باستمرار؟

 

واذا كان لا بد من لجوئهم الى بلدان ثالثة، فليكن. وليس بالضرورة ان تحمل اوروبا كل هذا العبء، إذ ليست هي المسؤولة عن كل ما جرى، وانما هي مبادرة الى تسريع الحلول، ويجب ان يُنظر اليها على هذا النحو. لكن من واجبها ايضا ما دامت ترعى الحلول، ان تسرع عملية لجوئهم الى دول تحتاج الى العمالة، ودول تتناقص شعوبها، او بلغت مرحلة متقدمة من العمر.

 

أما في الملف المالي، فان تفاوت المداخيل بين مواطنين لبنانيين اصابهم الانهيار المالي بمقتل، وبين اللاجئين السوريين، يولّد نقمة اجتماعية كبيرة، كما ان المساعدات الاوروبية للبنان تظهر تفاوتا كبيرا ايضا. فقد وعدت المفوضة الاوروبية في آخر زيارة لها الى بيروت بتخصيص مليار يورو على اربع سنوات لمساعدة لبنان كمجتمع مضيف، أي بمعدل 250 مليون يورو في السنة، وهو رقم قليل مقارنة بما أظهره تقرير مؤتمر بروكسيل أن مصر، التي لم تصلها تلك الأعداد من اللاجئين، مقارنة بعدد سكانها المئة مليون، حصلت على تعهدات وقروض لمصلحة اللاجئين على أراضيها بنحو 1.28 مليار يورو (نحو 1.4 مليار دولار) خلال العام الماضي 2023، علما ان مصر التي عرفت ازمة مالية – اقتصادية كالتي ألمّت بلبنان، تمكنت بفضل سياساتٍ من الحدّ منها، والعمل على تجاوزها، في حين أن لبنان غارق في أزماته.

المصدر:
النهار

خبر عاجل