بالوقائع: انكشاف “دولة” الاستاذ بري في تقليبه صفحات الماضي

حجم الخط

نبيه بري

على الرغم من أن الحملة المبرمجة المنظمة على حزب “القوات اللبنانية” ورئيسها ما زالت في أوج نشاطها، تنبّه المنظمون المحرّكون لهذه الحملة أن الضرورة باتت تقضي بتدخل قوى الصف الأول بعد الفشل الملحوظ الذي منيت به قيادات الصف الثاني والثالث في الممانعة وأبواقها وكتابها ومستكتَبيها، فاستنفَر رأس الممانعة نصرالله، مهاجمًا مخوّنًا كما استُنفِر وكيله في رئاسة المجلس النيابي المتمسك برئاسته لحركة “أمل”، الاستاذ نبيه بري، مقلّبًا بصفحات الماضي بالمقلوب، منقلبًا على الحقائق مزوّرًا لها، لأهداف معروفة غير شريفة في المنافسة السياسية واللعبة الديمقراطية، وانطلق بري حينها من مبدأ يؤمن به كان قد عبّر عنه بقوله في 23 أيلول 2018، “لبنان ديمقراطي بالإسم”.

يقول الأستاذ نبيه بري في مضبطة اتهامه غير الموفقة إن “جعجع يسعى الى الفدرالية وما زال يقيم في حالات حتمًا”، إن المحامي رئيس السلطة التشريعية شأنه شأن من سبقوه في الاتهام، عمدوا وتعمدوا الخلط بين الفدرالية “النظام الاتحادي” لكثير من الدول المتعددة ثقافاتها وإتنياتها وحضاراتها، وبين التقسيم. في هذا الإطار نعود الى التبرير العلمي الشرعي والقانوني لطرح الدولة الاتحادية والتي تبنته  مقررات خلوة الجبهة اللبنانية في سيدة البير، وحضرها كل من أركان الجبهة: كميل شمعون، سليمان فرنجية، بيار الجميل، الآباتي شربل قسيس و”عدد من رفاقهم في النضال”، والتي استمرت ثلاثة أيام من 21 ولغاية 23 كانون الثاني من العام 1977 ومما جاء فيها: “اعتماد تعدّدية المجتمع اللبناني، بتراثاتها، وحضاراتها الأصيلة أساسًا في البيان السياسي الجديد للبنان الموحّد، تعزيزًا للولاء المطلق له، ومنعًا للتصادم بين اللبنانيين، بحيث ترعى كل مجموعة حضارية فيه جميع شؤونها، وبخاصة ما تعلّق منها بالحريّة وبالشؤون الثقافية والتربوية والمالية والأمنية والعدالة الاجتماعية، وعلاقاتها الثقافية والروحية مع الخارج وفقا لخياراتها الخاصة”، كما نعود الى تاريخ 12 تشرين الثاني 1982 عندما دافع الكاتب الصحافي الشيعي جهاد الزين عن الطرح الفدرالي بمقاله في صحيفة السفير اذ قال فيه: “أما آن الأوان لكي نخترق عقدة الذنب هذه عبر طرح سياسي يلغي معيار الخطيئة التي تتحكّم بعلاقة الطوائف ببعضها البعض؟ أما آن الأوان بعد كلّ الظروف والتجارب التي مرّ فيها البلد والتي دفعت تجربة الوحدة والانقسام إلى أبعد درجاتها، أن يُعاد النظر في مفهوم الوحدة اللبنانيّة حيث يستبعد مفهوم الوحدة الانصهاريّة لصالح مفهوم الوحدة التعدّديّة التي تعكس فعلاً الواقع الحقيقي للبنان ولحركة طوائفه غير القابلة للانصهار ببعضها البعض، بل التي لا يمكن لها أن تنصهر. يجب أن نذكّر هنا بإنصاف تاريخي أن ما تسمّى بـ”المارونيّة السياسيّة” كانت السبّاقة إلى اعلان ذلك عبر القرارات الشهيرة لخلوة سيّدة البير التي عقدتها الجبهة اللبنانيّة في أواخر العام 1976 والتي دعت فيها للتعدديّة الحضاريّة في لبنان… لماذا اذاً هاجس الوحدة الانصهاريّة غير الممكن تاريخيًّا وثقافيًّا، فيما بالإمكان أن يتحوّل لبنان إلى كيان متماسك في اطار تعدديّته”.

أما وأن الأستاذ بري وحليفه “الحزب” معتنقان لفكرة أن “الديمقراطية في لبنان هي بالاسم فقط”، فهما بكل بساطة يمارسان الفيدرالية بمعناها “التقسيمي” في السلطات، في الهيمنة على قرارات الحكومة واحتلال المجلس النيابي وطغيان الأعراف بالقوة على القوانين والدستور، من فرض الثلث المعطّل في الحكومة وعلى قراراتها، الى فرض الإمضاء الثالث الشيعي في وزارة المالية، الى الكانتون الشيعي المغلق بوجه الدولة وبسط سيادتها عليه أمنيًا سياسيًا اقتصاديًا مصرفيًا اجتماعيًا وحتى أخلاقيًا.

وبالنسبة للإقامة في “حالات حتمًا” فإن القاصي والداني يعلمان بأن الرئيس بري ما انفك مقيمًا هانئًا في مكان إقامته في 6 شباط 1984 وما زال، وما مساهمات حركته في كثير من المحطات اللاحقة الا الدليل على عدم تركه لما حصل في 1984 من الاعتداء على المواطنين وإقفال الطرقات في 2007، الى مساهمته غير المتواضعة في 7 ايار 2008 واعتداءات شرطة المجلس “غير المشرّعة” على المعتصمين والمتظاهرين، مرورًا بالطيونة في 2021، وصولا الى مساندته جبهة “الحزب” المساندة في الجنوب… حركة الرئيس بري على ما ذكرنا لم تُلقِ السلاح ولم تُحل ميليشياتها على عكس “القوات اللبنانية”… أما في موضوع مطار حالات والتي كانت المطالبة به نتيجة للتفلت والخطف والقتل أيام الحرب مبررة عند المسيحيين و”القوات اللبنانية” ورئيسها، فإن المطالبات اليوم بفتح مطار القليعات ومن غير القوات، له ما يبرره، وهو أن “الحزب” والحركة ما يزالان يقيمان في مطار بيروت وعلى طريقه منذ العام 1984 وما مصير المخطوف جوزف صادر الا عيّنة ذات دلالة على تلك الإقامة غير الشرعية المتمادية.

وعليه، بما أن من يُنقب في الطرح الفدرالي وطرح حالات حتمًا، أراد إعادة المقيمين في العام 2024 الى مرحلة 1987 ـ 1990، معتقدًا أنه ينال من ماضي القوات المشرّف، فإن الحقيقة تقضي بالعودة الى ما كان يقال بحق المنقّب رئيس حركة أمل الاستاذ نبيه بري عبر وسيلة الحزب الحليف التؤام لحركة النبيه جريدة “العهد” في أعدادها لينقلب السحر والافتراء على الساحر المفتري.

العهد العدد 203 في 14 أيار 1988:

“نداء الى مقاتلي حركة أمل،

… يا من ظلمكم مرتين مرة بإبعادكم عن ساحة الشرف الحقيقية، ساحة البطولة، ساحة المواجهة مع إسرائيل، ومرة أخرى بالزج بكم في أتون عمياء وحرب مجرمة ضد إخوتكم وأبناء دينكم وأهلكم وضاحيتكم وضد المجاهدين الشرفاء في الحزب. وما هجمته هذه الا خدمة رخيصة ومجانية لأميركا وإسرائيل وإرضاء لنزوة التسلط لديه…”.

حسين الموسوي: “…تصرفت قيادة أمل في بيروت بعقلية المنتصر في الجنوب فدُمرت الضاحية فوق رؤوس أهلها. ونحن لا نقبل أن يدعي انه انتصر في الضاحية، لأن الانتصار على غير إسرائيل وعملائها هزيمة كبرى… لا يليق بكل من له علاقة بمؤسسات الإمام الصدر أو نهجه أن يبحث كيف يوظف الفتنة لمصلحة قوته السياسية الشخصية والزعامة التي يحلم بها”.

 

العهد العدد 313 في 22 حزيران 1990 تحت عنوان: “لماذا تُخوف أمل الناس من المقاومة

“المتتبع للبيانات الصادرة عن حركة أمل ولتصريحات قادتها ولخطابات مسؤوليها والدائرين في فلكها، يستنتج دون عناء أوجه شبه كثيرة بين لغة حركة أمل وموقفها من المقاومة، وبين لغة العدو الصهيوني والمسؤولين الأميركيين، حتى أن المراقب يشعر وكأن مشروع هؤلاء جميعًا هو مشروع واحد… وليس أدل على هذا الأمر من تجربة الحرب التي شنتها حركة امل ضد مخيمات الشعب الفلسطيني لمدة ثلاث سنوات متواصلة تحت شعار نزع سلاح عرفات… ها قد انتهت الحرب – ولله الحمد – بعد ألفي قتيل شيعي وأربعة آلاف جريح ومعوق، وستة آلاف آخرين من الشعب الفلسطيني… وإذا بحركة أمل وجماعة عرفات يصبحان حلفاء واذا بالسلاح العرفاتي يتعزز وجوده في الجنوب… “الحزب” خائف كل الخوف أن تسلّم حركة أمل كل الجنوب وأهله وشهداءه لقمة سائغة هيّنة الى العدو الصهيوني”.

العهد العدد 316 في 13 تموز 1990، تحت عنوان: “وكيل الحروب الشيعية

تنقل بين بلاطات الأمراء والولاة والزعماء علّه يصيب من المسؤولية موقعًا.

مرة جاء الى كامل الاسعد الذي كان رئيسًا للمجلس النيابي وعلى خصومة شديدة مع الإمام السيد موسى الصدر، وطلب منه قبوله على لائحته الانتخابية، لكن المال الذي كان بين يديه لم يكن كافيًا، فقال له الأسعد، اجمع المبلغ المطلوب ثم عد، فلم يجد أمامه الا حركة الإمام الصدر فانضم اليها نكاية بالأسعد علّه يصل الى النيابة”…

وكان ما كان… وعليه، طبعًا لن تتوقف الحملة على المعترضين على أداء الثنائي والممانعة في تخطي الصلاحيات والقوانين والدساتير، لمجرد اصطدامها بالحجج والبراهين والأدلة الداحضة والمرتدة على مطلقيها، كما لن تتوقف محاولات ثني كل معارض عن التعبير عن رفضه بالترهيب بالقوة، عتادًا وعددًا على ما ورد في إطلالة نصرالله الأخيرة، وبالخداع الدستوري القانوني “العُرفي” والوضعي كما ورد على لسان الرئيس نبيه بري.​

إقرأ أيضًا

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل