دير الأحمر نموذج قانوني لإخراج النازحين

حجم الخط

دير الأحمرلبنان

دير الأحمر نموذج قانوني لإخراج النازحين

5000 نازح بينهم “غير شرعي” وتفكيك 180 خيمة من أصل 680

لا يختلف اثنان اليوم على أن النظرة الى النزوح السوري في لبنان قد تغيّرت في الأشهر القليلة الماضية، بعد أن استشعر الجميع خطورة هذا النزوح في هذه المرحلة على السلم الأهلي بناءً على التقارير الأمنية الصادرة، وتعدّد المخاطر التي يشكّلها النازحون السوريون على أمن لبنان واستقراره ووجوده. من هنا، وجّه اتحاد بلديات منطقة دير الأحمر بالتعاون مع بلديات وأهالي المنطقة عشرات الإنذارات للنازحين السوريين بإخلاء 180 خيمة موجودة في نطاق الاتحاد، وأعطاهم مهلة للإخلاء حتى تاريخ 20 أيار 2024 الفائت. وبناءً عليه باشر البعض من النازحين بتفكيك خيمهم والنزوح باتجاه مناطق أخرى. “المسيرة” واكبت مراحل النزوح السوري عن منطقة دير الأحمر. ماذا في التفاصيل؟

تضم منطقة دير الأحمر حوالى 5000 نازح سوري، يتوزعون على 680 خيمة، غالبيتهم لا يملكون إقامات شرعية وتصاريح عمل، ويمارسون مهنًا ممنوعة عليهم بحسب قوانين العمل اللبنانية، وباتوا ينافسون اليد العاملة اللبنانية في قطاعيّ التجارة واستثمار الأراضي الزراعية، ليتحوّلوا من عمّال الى أرباب عمل، مما دفع بأهالي المنطقة الى رفع الصوت ومطالبة بلدياتهم بتنظيم هذا الوجود السوري، وتنفيذ التعاميم الصادرة بهذا الخصوص، من أجل الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها.

رئيس اتحاد بلديات منطقة دير الأحمر جان فخري يؤكد لـ”المسيرة”، “أن إزالة خيم النازحين السوريين من قرى وبلدات دير الأحمر تأتي في إطار مؤازرة الأهالي وتنفيذًا لمطالبهم باسترداد أراضيهم. وقد جاء هذا القرار المتخذ بالتنسيق مع القوى الأمنية حفاظًا على امن المجتمع المحلي”.

وكان أهالي دير الأحمر قد سبقوا اتحاد البلديات بقرارهم، بعد أن تنبهوا للتبعات الاقتصادية السلبية للنزوح السوري على منطقتهم، وتهديد هذا النزوح للسلم الأهلي، فبدأوا يطالبون بترحيل النازحين السوريين غير الشرعيين.

في دراسة تفصيلية وواقعية حول حجم الوجود السوري في المنطقة، تبيّن أن حوالى 90 في المئة من هذا الوجود هو بين بلدتي دير الأحمر وبتدعي، وقد أظهرت الدراسة المعمّقة لهذه الداتا أمورًا جعلت الاتحاد والبلديات المعنية تدق ناقوس الخطر منها ارتفاع نسبة الولادات لديهم، وعدد التلامذة وكيفية توزيعهم على مدارس المنطقة، وغيرها من الأمور.

ويوضح فخري أن الظروف اليوم تغيّرت، إن كان من جهة مطالبة الأهالي بترحيل السوريين غير الشرعيين، أو من ناحية تنفيذ القرارات الصادرة عن وزارة الداخلية بهذا الخصوص، والتي وضعت موضع التنفيذ الفعلي لأول مرة وتواكبها البلديات والأجهزة الأمنية للحفاظ على مصلحة أهلنا، الذين نسير وراء مطالبهم المحقة. وفي السياق، عُقدت اجتماعات عديدة لفاعليات المنطقة الروحية والسياسية والحزبية والاجتماعية، لتنظيم هذا الموضوع بما يخدم مصلحة المزارع ولا يضر به، حيث إننا مجتمع زراعي بحاجة الى اليد العاملة السورية. وقبل توجيه الإنذارات أعطينا المزارعين مهلة لترتيب أوضاع عمالهم بطريقه شرعية.

وبالتالي، فإن المفهوم القانوني للنازح لا يسمح له بالعمل، وهذا ما لا ينطبق على أرض الواقع، حيث إنه تم تحويل العمال الموسميين الى نازحين من قبل الجمعيات والمنظمات. لذلك وتطبيقاً للقانون فكل نازح يعمل تسقط عنه صفه النزوح. كما لفت فخري الى المفهوم المزيّف للنزوح الذي تحوّل إلى استعمار تجاري واقتصادي وغذائي وتربوي، مما أدّى إلى تقهقر المجتمع المحلي. وأوضح أن البلديات تستفيد حاليًا من استنفار أجهزة الدولة، وهي بدأت بتنظيم القطاع الزراعي في منطقة دير الأحمر، وتتعاطى مع النازحين السوريين وفق ما يسمح به القانون، مؤكدًا أن موضوع الترحيل مُناط بالأمن العام.

وكان بدأ الاتحاد العمل على تنفيذ القرارات الصادرة مؤخرًا بهذا الخصوص وإزالة المخالفات، ومنها إخراج قطعان الماعز والغنم من المخيمات والتي تتعدى على المزروعات، وذلك بالتعاون مع شرطة بلدية دير الأحمر ومنع سير الدراجات النارية.

تعتبر بلدة دير الأحمر الأكبر بين بلدات المنطقة، وتقع على عاتق شرطة بلديتها تنفيذ أغلبية القرارات الصادرة تجاه النازحين لوجود أكثريتهم في سهلها، بحسب ما يؤكد رئيس بلديتها لطيف القزح، وقد عقد العديد من الاجتماعات المتتالية بهذا الخصوص، تم على أثرها اتخاذ العديد من الخطوات العملية منها منع سير الدراجات النارية على أنواعها والمركبات غير الشرعية، وحصر توقيت تجوّل السوريين من الساعة السابعة مساءً ولغاية السادسة صباحًا، ومنع اقتناء المواشي لما تسببه من أضرار جسيمة على المزروعات في سهل دير الأحمر. وتم توجيه إنذارات الى 180 خيمة غير شرعية موجودة في سهل دير الأحمر وبتدعي.

وبعد مداهمة من مخابرات الجيش للمخيمات يقول تبيّن وجود خيم مغلقة بداخلها أغراض خاصة بأصحابها ولكنهم غير موجودين فيها، بحسب القزح، مما يعني أنهم يعملون خارج نطاق اتحاد بلديات منطقه دير الأحمر، وتم استدعاؤهم والطلب منهم إزالة الخيم ومغادرة المنطقة، مؤكدًا على أن البلديات تنفذ القرارات الصادرة عن وزارة الداخلية بهذا الخصوص. وبعد انتهاء مهله 20 أيار التي أُعطيت لإخلاء هذه الخيم أُجري مسح شامل لمعرفة من رحل ومن بقي، وتم اتخاذ التدابير القانونية اللازمة في هذا المجال بالتعاون مع الأجهزة الأمنية ومخابرات الجيش والأمن العام.

تفشي السرقات في المنطقة والضغط الذي يشكله الوجود السوري، ومنافسة اليد العاملة في قطاع البناء والتجارة والزراعة، كل هذه المسببات دفعت الأهالي الى إطلاق الصرخة لوضع حد للوجود السوري غير الشرعي في المنطقة. ويقول منسق البقاع الشمالي في “القوات اللبنانية” الياس بو رفول إن “القوات” هي جزء من نسيج هذا المجتمع، فقد التفت حول بلدياتنا في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها، ومددنا يد العون من خلال الدراسات التي قمنا بها على الأرض مع فريق عمل متخصص لمعرفة حقيقة حجم الوجود السوري في نطاق منطقة دير الاحمر، حيث تبيّن من نتيجتها أن الوجود السوري ينقسم الى ثلاث فئات، الأولى هي فئة العمال الذين يملكون إقامات شرعية وتصاريح عمل صادرة عن وزارة العمل. الفئة الثانية هي من النازحين السوريين الذين دخلوا الى لبنان بعد سنة 2011، وتبيّن لنا أن جزءًا كبيرًا منهم يذهبون الى سوريا ويعودون مما ينزع عنهم صفة النازح. وهناك الفئة الثالثة وهي الأخطر لأنها تضم الذين دخلوا خلسةً الى لبنان، وتغلغلوا داخل هذه المخيمات، وبالتالي أصبحوا يشكلون هاجسًا كبيرًا لدينا خشية إقدامهم على ارتكاب جرائم وأعمال خارجة عن القانون.

كما اظهرت هذه الدراسة، يتابع بو رفول، وجود 680 خيمة، منها 89 خيمة فقط يعتبر وجودهم شرعي، إذ يملك المقيمون فيها إقامات وأذونات عمل رسمية، فيما الباقون ينضوون تحت صفة نازح ووجود غير شرعي.

على غرار باقي المناطق والأراضي الزراعية، تحتاج منطقة دير الأحمر الى السوريين “لكن كعمال وليس كنازحين، فهي منطقة زراعية وبحاجة الى عمال، وهذا الواقع كان موجودًا قبل سنة 2011 حيث كان يأتي عمال سوريون موسميون لحصاد المواسم، ويعودون الى بلادهم بعد انتهائها”.

بالأرقام، يشير بو رفول الى وجود 1077 طالبًا سوريًا في مدارس المنطقة من أصل 680 خيمة، مما يعني أن النمو السكاني يقارب 8 في المئة سنويا، ومن أصل 3700 نازح في المنطقة، يوجد بينهم 1500 نازح ما دون 15 سنة، مقابل 0.8 في المئة من نسبة الولادات لدينا. وهذا الأمر يشكل على المدى البعيد تغييرًا ديموغرافيًا خاصة بعد هجرة شباب المنطقة نحو الساحل أو الى الخارج من أجل إيجاد فرص عمل.

ويضيف بو رفول، هذا الجيل الذي عمره 15 سنة ولد وتربّى في دير الأحمر سيعتبرها بعد 10 سنوات موطنه، لذلك فإن هذه الخطوة التي نقوم بها اليوم، هي خطوة محقة تجاه السوريين، كي يكون لديهم انتماء لبلدهم، إذ لا يجوز أن يشعروا بأن لديهم وطناً بديلاً وبلدة بديلة لهم الحق بالبقاء فيها بعد تهجيرهم من بلدهم الأصلي.

أما بالنسبه للخطوات على الأرض، فهي تتم فقط عبر البلديات وشرطة البلدية الذين يقومون بواجباتهم على أكمل وجه لغاية الآن، يواكبهم الأمن العام وتساندهم مخابرات الجيش.

بعد انتهاء المرحلة الأولى وهي المهلة التي أُعطيت للسوريين غير الشرعيين للرحيل عن المنطقه قبل 20 أيار، يبدأ تنفيذ المرحلة الثانية من خلال دراسة وضع كل طالب كفالة وصاحب الأرض بحسب الداتا الموجودة، يختم بو رفول.

تحرك أهالي دير الأحمر فعل فعله في ملف النازحين في المنطقة، حيث عمد أصحاب الأراضي المستأجرة لإقامة الخيم الى طلب استردادها ورفض توقيع عقود إيجار جديدة على الرغم من مدخول الفريش دولار الذي كانوا يستفيدون منه، فالمساحات الكبيرة من الأراضي التي تحتلها المخيمات، تحرم مالكيها من فرص استثمارها.

روميو فخري أول المبادرين من أصحاب الأراضي الى رفض تجديد عقد إيجار أرضه. اتخذ هذا القرار لأسباب عديدة، أولها أنه مزارع وبحاجة لأرض يستخدمها كحقل تجريبي لزراعات جديدة ينوي زراعتها، وقد أدى وجود هذه الخيم على أرضه الى إحداث أضرار جسيمة بها بعد صب أرضية الخيم بالباطون، ورص الطرقات بينها، فتحوّلت من أرض زراعية الى أرض بحاجة الى استصلاح من جديد، وهذا سيرتب عليه كلفة أكبر بكثير من المردود الذي كان يحصل عليه مقابل تأجير هذه الأرض، التي كان قد قَبِل بتأجيرها من الناحية الإنسانية، لكن لأربع خيم واليوم أصبحوا 20 خيمة ولا يُعرف من يسكن فيها.

هذا الأمر بات يشكل خطرًا أمنيًا عليّ وعلى عائلتي وضيعتي، خصوصًا بعد الجرائم الكثيرة التي نسمع عنها ويتورط فيها النازحون، لذلك بادرت واتخذت هذه الخطوة برفض تجديد عقد الإيجار كي يتشجع غيري أيضا ويسترجع أرضه لتعود أرضًا زراعية كما كانت. وستعود بهمِّتنا!

 

“القوات” في مؤتمر بروكسل… لتحرك عاجل!

تحت عنوان “مخاطر النزوح السوري في لبنان: لتحرك عاجل”، نفذ حزب “القوات اللبنانية” اعتصامًا في بروكسل، بهدف الضغط على الأوروبيين من أجل إعادة اللاجئين السوريين من لبنان، وذلك أمام مقر محكمة العدل في بروكسل، في 27 من الشهر الماضي، تزامناً مع انعقاد الدورة الثامنة من مؤتمر بروكسل لدعم مستقبل سوريا.

تحرك “القوات اللبنانية” يندرج من ضمن تحرك الجالية اللبنانية في أوروبا بحسب ما يقول منسق بلجيكا في القوات كارلوس كيروز، وكنا موجودين على الأرض تحت راية العلم اللبناني لمطالبة الدول المانحة بمساعدة السوريين للعودة الى بلدهم، وليس البقاء في لبنان الذي لم يعد بمقدوره تحمل هذا العبء، لذلك انطلاقًا من الحملة التي بدأتها القوات في لبنان، قررنا أن يكون التحرك تحت نفس العنوان على الرغم من الصعوبة التي واجهتنا في هذا اليوم، حيث إنه عُقد في أول يوم من الأسبوع والجميع يكون في أعماله، ولكن المشاركة كانت جيدة وضمت عددًا من أبناء الجالية اللبنانية والرفاق من أوروبا، كما تم نقل مكان الاعتصام من ساحة البرلمان الأوروبي الى قصر العدل لتزامنه مع تظاهرة احتجاج للمزارعين البلجيكيين، وبالتالي تم تأجيل توقيت عقد المؤتمر الى ما بعد الظهر، وقد اخترنا الاحتجاج أمام قصر العدل لرمزيته، ولمطالبة النواب الأوروبيين باحترام العدالة والقوانين الدولية وحقوق لبنان، الذي لم يوقع على اتفاقية بأنه بلد لجوء بل هو بلد عبور، وسيتم رفع عريضة احتجاج للمشاركين في المؤتمر.

“المسيرة” ـ العدد 1753

للإشتراك في “المسيرة” Online:

http://www.almassira.com/subscription/signup/index

from Australia: 0415311113 or: [email protected]​​​​​​​​​​​​​​

المصدر:
المسيرة

خبر عاجل