جريمة المرفأ.. 4 سنوات راوح مكانك!

حجم الخط

أهالي مرفأ بيروتمرفأ بيروت

جريمة المرفأ.. 4 سنوات راوح مكانك!

هل تُفكك ثنائية الحجار ـ البيطار لغز جريمة العصر؟

مع اقتراب الذكرى السنوية الرابعة لانفجار مرفأ بيروت، لا يزال كابوس التحقيقات غير المكتملة يثقل كاهل أهالي الضحايا. وعلى الرغم من تولّي القاضي جمال الحجار مهام النيابة العامة التمييزية خلفًا للقاضي غسان عويدات، وعلى رغم التفاؤل المتزايد الذي بُني حول الثنائية الجديدة البيطار-الحجار، إلا أن المعادلة لم تتغيّر وبقي الجمود سيّد الموقف.

هي ليست المرة الأولى التي يدخل فيها ملف جريمة تفجير المرفأ “ثلاجة” القضاء، آخرها وليس أخيرها، قيام المدعي العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات، بسلسلة من الإجراءات التي أثارت غضب أهالي ضحايا انفجار بيروت، حيث أصدر توجيهات إلى الضابطة العدلية بعدم تنفيذ قرارات قاضي التحقيق طارق البيطار، ما أدى إلى تعطيل التحقيق وتعليق عمل البيطار، بناءً على طلبات الرد التي قُدّمت ضده.

ووسط التداعيات المستمرة لجريمة العصر، أظهر تقرير نُشر على إحدى الفضائيات الإخبارية، يُظهر تورّط “الحزب” في تفجير مرفأ بيروت عام 2020 من خلال وثائق تؤكد شراءه كميات كبيرة من مادة نيترات الأمونيوم بين عامي 2013 و2014  وتخزينها في المرفأ، ما أدى إلى انفجارها وسقوط 240 ضحية إضافة إلى نحو 7000 جريح، ونال التقرير اهتمام المواطنين المتضامنين مع أسر الضحايا، حيث رأى البعض فيه فرصة لكسر جمود التحقيقات وإعادتها إلى المسار القانوني، ولإعادة النظر في طلبات الرد.

المحامي يوسف لحود، من مكتب الادعاء في نقابة المحامين، يُشير تعقيبًا على التقرير إلى أن الأمور ليست بهذه البساطة، كما تطرّق إلى دور القاضي جمال الحجار المحوري، بالإضافة إلى مصير طلبات الرد.

لحود لم ينكر أهمية دور الإعلام، معتبراً أنه يسهم في ردع الأعمال الجرمية داخل المجتمع وزيادة الوعي لدى المواطنين عند تسليطه الضوء على الجرائم، ومع ذلك يؤكد أن لا وجود لأدلة “عبر الإعلام” بل “أدلة تُبرز أمام قاضي التحقيق”، ويرى بالتالي، أن دور الإعلام هو المساعدة على كشف الحقيقة، والتعاون مع التحقيق وتقديم ما يملكه من أدلة ومستندات حول ملف مرفأ بيروت إلى المدعي العام التمييزي أو مباشرة إلى المحقق العدلي.

ويضيف أنه يحق لقاضي التحقيق استدعاء مصدر المعلومات للاستماع إليه كشاهد، ومن ثم يستند إلى ذلك لاتخاذ القرارات المناسبة. بينما تقتصر صلاحيات النيابة التمييزية على جمع المعلومات والوثائق وتقديمها للمحقق العدلي لاتخاذ الإجراءات المناسبة، بالإضافة إلى توجيه الاتهام لأي شخص يشتبه به وإحالته للمحقق العدلي لاتخاذ الإجراءات القانونية”.

وفي ما يتعلّق بتولي مدعي عام التمييز الرئيس جمال الحجار المسؤولية وتسلّمه الملف، يؤكد لحود أن التواصل معه تم وحصل فريق الادعاء على وعد منه بالنظر في قرارات القاضي غسان عويدات التي أعاقت التحقيق، بما في ذلك إلزام النيابة العامة التمييزية وموظفيها والجهاز التابع لها، بطلب خطي عدم التعاون مع قاضي التحقيق العدلي. ويلفت: «كمحامٍ في مكتب الادعاء بنقابة المحامين أن المسألة لا تحتمل هذا الوقت الكبير للدراسة، فنحن أمام دعوى العصر بسبب نتائجها الكارثية سواء من حيث عدد الضحايا أو المصابين، حيث وصل عددهم إلى المئات والآلاف، ومعاناتهم مستمرة”.

رسالة مزدوجة يوجّهها لحود عبر “المسيرة”، الأولى إلى مدعي عام التمييز القاضي جمال الحجار، والثانية إلى المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، ويحث في الأولى على اتخاذ قراره بشكل فوري، سواء بالتراجع عن القرارات غير القانونية التي اتُخذت سابقًا، أو بالتمسك بها ليُبنى على الشيء مقتضاه، معتبراً أن عدم اتخاذ أي قرار حتى الآن أمر غير إيجابي، مع تشديده على أن لا وجود للمواقف الرمادية في القضاء بل “إما أسود وإما أبيض”.

وفي رسالته الثانية، يطلب لحود من القاضي البيطار العودة إلى مكتبه واستئناف جلساته، مما يعرّض من يحاولون عرقلة عمله للإحراج. ويوضح أن قاضي التحقيق العدلي يتمتع بصلاحيات واسعة، بحيث لا يمكن لأحد تكبيل يديه، وليس لدى النيابة العامة التمييزية السلطة لمنعه من إصدار القرارات، بل يمكنها فقط عرقلة تنفيذها عند إحالتها إليها.

وإذ يشيد بحسن التقدير لدى القاضي لكونه ربما يملك معطيات أفضل من معطياته، لكنه يعتبر أن لا جدوى من بقاء الدعوى عالقة بين انتظارين، الأول لمدعي عام التمييز والثاني لقاضي التحقيق، مع التأكيد على ثقته المطلقة بالقضاء، من نيابة عامة تمييزية أو قاضي تحقيق عدلي أو سواها من مرجعيات قضائية والرهان عليهم.

فيما يتعلق بمصير دعاوى الرد ومخاصمة الدولة، يبدي لحود وجهة نظره بوضوح، حيث يؤكد أن المسألة سهلة، مشيرًا إلى قرار سابق صدر عن قاضي التحقيق العدلي ينص على عدم تأثير تلك الدعاوى على سير العمل القضائي. ومع ذلك، يُعيد التذكير بوجود عقدة لا تزال قائمة، وتتمثل في تنفيذ قرارات قاضي التحقيق العدلي من قبل النيابة العامة التمييزية.

بدورها، تشير المحامية سيسيل روكز، شقيقة أحد ضحايا انفجار مرفأ بيروت، إلى أن وفدًا من أهالي الضحايا التقى في شهر آذار الماضي القاضي الحجار لمناقشة قضية اغتصاب السلطة والقرارات غير القانونية التي اتخذها القاضي غسان عويدات، بما في ذلك قرار عدم الالتزام بأي أمر صادر عن المحقق العدلي، مطالباً بسحبها جميعها.

وتضيف أن القاضي الحجار طلب خلال الاجتماع إعطاءه المزيد من الوقت للبت في الأمر، وعبّر عن استعداده للتعاون وعن امتلاكه تصوّرًا للحل. ولم تعتبر روكز هذا التأخير مماطلة من جانب الحجار “لأننا نريد أن نكون عادلين معه، باعتبار أنه تولّى المنصب منذ فترة زمنية قصيرة ووعد بالعمل لحل القضية”.

في المقابل تشدد روكز على ضرورة تطبيق مبدأ المحاسبة على الجميع، سواء من هم في مواقع السلطة السياسية أو القضائية، وتعتبر أن تصرفات القاضي غسان عويدات غير مقبولة إن من الناحية القانونية أو الأخلاقية، حيث استغل صلاحياته ونفوذه لحماية السلطة السياسية الفاسدة، عوض التزامه بتمثيل الحق العام.

وتلفت إلى أن أهالي ضحايا انفجار المرفأ قدموا دعوى ضد النائب العام التمييزي السابق أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، وهي محكمة خاصة جداً تُرفع أمامها قضايا محددة مثل مخاصمة دولة وتعيين مرجع، لكن الدعوى تعثّرت بسبب الشغور في الهيئة العامة كونها غير مكتملة حالياً وتفتقد لنصابها القانوني، توضح روكز، معلنة إصرارها على ملاحقة عويدات وكل المتورّطين مهما حاولوا إيجاد مخارج للإفلات من العقاب.وتعترف روكز بأن متابعة ملف انفجار المرفأ بات مضنياً للأهالي في ظل توالي العراقيل أمام تحقيق العدالة فيما مؤسسات الدولة تزداد فساداً، وملفات كثيرة يتم تمريرها خلافاً للقانون وبوقاحة مطلقة.

وتختم روكز: “عندما يصبح لدينا عدد كبير من القضاة نظيفي الكف مثل القاضي طارق البيطار للوقوف بوجه الفاسدين، ننجح في العبور إلى الدولة”.

“المسيرة” ـ العدد 1753

للإشتراك في “المسيرة” Online:

http://www.almassira.com/subscription/signup/index

from Australia: 0415311113 or: [email protected]​​​​​​​​​​​​​​

المصدر:
المسيرة

خبر عاجل