خاص ـ تصحيح الرواتب بعد إعادة هيكلة القطاع العام

حجم الخط

الرواتب

لا يزال البعض يطرح مخاوف معينة من تأثيرات زيادة الرواتب في القطاع العام والتي أقرتها الحكومة في شباط الماضي، على استقرار سعر الصرف في مرحلة معينة، ما لم تقم الحكومة بالإصلاحات المطلوبة في المجالات الاقتصادية والمالية، من إعادة هيكلة القطاع العام والتصحيح المالي والإصلاحات بالوزارات والمؤسسات العامة قبل زيادة الرواتب. علماً أن سياسة تجفيف السوق من الكتلة النقدية بالليرة التي باتت نحو 55 تريليون ليرة أو أكثر بقليل، بعدما تخطت الـ80 تريليون ليرة في فترات سابقة، ساهمت في منع المضاربة واستقرار سعر الصرف.

لا بد أيضاً من الإشارة إلى أن ودائع القطاع العام لدى مصرف لبنان بلغت أكثر من 4.52 مليار دولار الشهر الماضي، أي أنها تخطت النفقات العامة في موازنة العام 2024 التي قدّرتها الحكومة بنحو 3.3 مليار دولار، على الرغم من أن أداء المؤسسات العامة والخدمات التي تقدّمها للمواطنين ليس بالمستوى المطلوب، (الطرقات، الكهرباء، الصحة، الاتصالات، وغيرها). فهل يجوز للحكومة التصرف بتلك الأموال من خارج النفقات المقرّة في الموازنة العامة للعام 2024؟

عضو تكتل الجمهورية القوية النائب رازي الحاج، يلفت إلى “العمل الكبير الذي قامت به لجنة الإدارة والعدل وتكتل الجمهورية القوية، للدفع نحو فصل السياسة النقدية عن السياسة المالية”، مشيراً إلى أنها “معركة خاضها التكتل منذ البداية وتصدّى للمواجهة عند اقتراب نهاية ولاية الحاكم السابق لمصرف لبنان واستلام نائب الحاكم وسيم منصوري لمسؤوليته الجديدة بالإنابة، حيث في تلك الفترة كان هناك محاولة من الحكومة للضغط على مجلس النواب لإصدار قانون لاستمرار تمويل الدولة من قبل مصرف لبنان لفترة 6 أشهر بقيمة مليار و200 مليون دولار، فتصدّينا وقلنا إنه بأدوات نقدية بحتة يمكن أن يتمّ ضبط سعر الصرف، وهكذا حصل بالفعل كما هو قائم منذ أكثر من سنة لغاية الآن”.

الحاج ينوّه، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أن “هذا الإنجاز يسجّل أولاً لتكتل الجمهورية القوية، لأن هذه كانت واحدة من المعارك التي تمكّنا من فرضها والفوز بها، في وقت كانت الإدارة السياسية تتجه نحو إعطاء الحكومة هذا الطلب واستمرار السياسة النقدية بتمويل السياسة المالية”.

يضيف: “لا شك أن الأدوات النقدية البحتة التي استخدمها مصرف لبنان، (أي وقف المضاربة من خلال تجفيف السوق من الليرة اللبنانية وإقامة توازن بين ما تجبيه الدولة من ضرائب بالليرة ومن ثم يقوم مصرف لبنان في المقابل بضخّ عملات في السوق أكانت لبنانية أو عملات صعبة)، نجحت بإقامة هذا الاستقرار في سعر الصرف ووقف المضاربة”، لافتاً إلى أن “الدولة بدأت من خلال الموازنة العامة للعام 2024 بتصحيح الأرقام، وكنا نتمنى أن يكون هذا التصحيح من الجانبين، الدولة والمواطنين، أي كما يدفع المواطن ضرائبه على السعر الفعلي للدولار في السوق أن يتمكن أيضاً من الحصول على أمواله في المصارف والتي هي حق له بالسعر الفعلي للدولار”.

الأهم وفق الحاج، أن “زيادة الرواتب لا يجب أن تكون بعد اليوم بالطريقة الارتجالية والعشوائية الحاصلة راهناً، لأن زيادة الرواتب على هذا النحو لا يتم ضمن إطار إعادة هيكلة القطاع العام، حيث تقدمت شخصياً باسم تكتل الجمهورية القوية بسؤال إلى الحكومة حول إعادة هيكلة القطاع العام وإلغاء أو دمج مؤسسات عامة”.

بالتالي، يتابع الحاج: “هذا هو المدخل لإدارة عامة مستدامة وعصرية، فمن خلال هذه الهيكلة نتمكن من وضع توصيف وظيفي جديد لحاجات الإدارة العامة لمواكبة التطور من أمور متعلقة بالتكنولوجيا والمكننة والذي من المفترض أنه لا يحتاج إلى وقت كثير لإنجازه، ومن ثم يفترض بالتأكيد أن يكون هناك إعادة بحث في مسألة تصحيح الرواتب والتي يستحقها الأكفاء في القطاع العام لا الأزلام والمحاسيب”، مؤكداً أنه “بعد إعادة هيكلة الإدارة العامة وتصغير حجم القطاع العام وجعله على المستوى المطلوب بتأدية الخدمات للمواطنين نحن مع أن يكون هناك رواتب جديدة لكل القطاع العام”.

أما بالنسبة لارتفاع ودائع القطاع العام لدى مصرف لبنان، يشير الحاج إلى أنه “من الواضح أن الجباية في هذه الفترة تحقق أرقاماً أعلى من تقديرات الحكومة في موازنة العام 2024، لكن ذلك لا يسمح للدولة بصرف هذه المبالغ الإضافية المحققة، لأن الصرف له حدود هي أرقام الموازنة العامة ويجب أن يتناسب مع النفقات التي طرحتها الحكومة في الموازنة، والاحتياط جزء من هذه الأموال”.

الحاج يوضح، أن هناك “احتياط الموازنة العامة والذي هو من ضمن الموازنة، وهناك أيضاً ما يسمّى الوفر الذي يمكن أن تحققه أي موازنة”، مشدداً على أن “هذا الوفر لا يمكن أن يُستخدم، لكن للأسف يسعى من يمسك بزمام السلطة منذ سنوات دائماً إلى مخالفة القانون ويحاول استخدام هذا الوفر عبر سلفات خزينة وما شابه، والذي هو مخالف للقانون”، مذكّراً بأن “موقفنا لدى بحث الموازنة العامة للعام 2024 في مجلس النواب طالبنا بمنع استخدام سلفات الخزينة والتي هي خارج أرقام الخزينة وخارج الإطار الصحيح للإنفاق”.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل