جمعية رام تستمد القوة من مصابي الحرب

حجم الخط

جمعية رامجمعية رام

جمعية رام تستمد القوة من مصابي الحرب

مساعدات لـ300 عائلة ولائحة الانتظار تطول

في ظل الواقع الاجتماعي والاقتصادي المتردي الذي نعيشه اليوم، وغياب الدولة، وفوضى تكاثر الجمعيات الخيرية في لبنان، برز إسم جمعية “رام” كواحدة من الجمعيات الموثوقة وذات المصداقية العالية، من خلال الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة من الشهداء الأحياء الذين لم يبخلوا علينا بقطعة من أجسادهم يوم دعت الحاجة، حاملين صليبهم مع كل نفس ودقة قلب. “المسيرة” التقت رئيستها فانيسا سعيد التي شرحت تفاصيل عمل هذه الجمعية.

جمعية “رام” هي جمعية غير حكومية لا تبغي الربح، توفر الخدمات الاجتماعية والصحية لذوي الاحتياجات الخاصة، تُعرف اليوم بأسم “Ram – rise and move” تتكوّن هيئتها الإدارية من ستة أعضاء، فؤاد سعيد نائب رئيس الجمعية وهو من مصابي الحرب، وريتا كيروز سمعان أمينة الصندوق، ميريام خضرا أمينة السر، أونجيل أوباري الشاعر محاسبة، ونتالي نصرالله أبي حبلة عضو، وفانيسا سعيد رئيسة الجمعية.

وتضيف: “الجمعية على تواصل تام مع جهاز الشهداء والمصابين والأسرى في حزب القوات اللبنانية، ومن خلاله نتعرّف الى الأشخاص الذين هم بحاجة الى مساعدة. وهنا يأتي دورنا بتأمين احتياجاتهم، خاصة في هذا الوقت الصعب الذي نعيشه، حيث أصبح المصروف أكبر بكثير من المدخول، وبالتالي أصبح عملنا اليوم كجمعية أصعب من قبل.

تساعد “رام” اليوم حوالى 300 عائلة بالإضافة الى 17 شخصًا موجودين في مركز بيت شباب، مع العلم ان هناك حوالى 300 عائلة أخرى على لائحة الانتظار.

وتلفت سعيد الى أن مساعدة هذه العائلات تتم من خلال دراسة كل حالة لاختيار من هم الأكثر حاجة وتستدعي حالتهم التدخل بشكل أسرع. وتعمل الجمعية بجهد مكثف اليوم لفتح أبواب للتمويل وتأمين حاجات عدد أكبر من عائلات ذوي الاحتياجات الخاصة.

المصداقية هي الركن الأساس في العمل، على ما تقول سعيد، “لنيل ثقة الناس في عملنا كجمعية. وتتوزع المساعدات بين مالية لبعض العائلات وكل ما يحتاجونه من مستلزمات طبية، ومعدات، وأطراف إصطناعية، وكراسٍ متحركة، أو فرشات خاصة ومواد غذائية وغيرها، ونرسل للمتبرّع صورًا وإيصالات توضح أين وكيف تم صرف تبرّعه، سواء أكان ماديًا أو عينيًا.

بعد الزيارات التي قاموا بها لأكثر من عائلة ولمركز بيت شباب، لاحظ أعضاء الجمعية أن العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة يتمتعون بمواهب كثيرة، تمكّنهم من كسب عيشهم من دون الحاجة الى طلب مساعدة من أحد، انطلاقًا من ذلك، أخذت الجمعية على عاتقها مسؤولية تنمية هذه المواهب ومساعدتها ليتمكن أصحابها من الوصول الى الاكتفاء الذاتي، والشعور بأنهم منتجون وليسوا عالةً على أحد.  صحيح أن المساعدة مهمة، ولكن الأهم هو الشعور بالاستقلالية والقدرة على تأمين احتياجاتهم، لذلك تؤكد سعيد “موهبتهم هي مسؤوليتنا اليوم، وقد بدأنا العمل على تنظيم معرض يستمر ليومين يضم أشغالهم اليدوية وأعمالهم من لوحات زيتية، ورسم على البورسلان، وخشبيات، وتطريز، وتصنيع  مواد غذائية ومربيات وغيرها، وسيتم  تخصيص قاعدة في مقر جمعية “رام” لتكون معرضًا دائمًا لبيع منتجاتهم. وتوضح، أن بعض ذوي الاحتياجات الخاصة يتصلون بنا طالبين تأمين عمل لهم كي يستطيعوا إعالة أنفسهم.

لا تميّز جمعية “رام” بين مصابي حرب أو حوادث أو منذ الولادة، لكن ارتباطها التنظيمي حزبي مع جهاز الشهداء والأسرى والمصابين في حزب “القوات اللبنانية”، فالأولوية هي لمصابي الحرب في القوات. وتعمل اليوم على زيادة مدخولها من خلال تنظيم نشاطات وجمع تبرّعات، وفتح قنوات اتصال مع جمعيات عالمية و NGOللحصول على تمويل لتأمين المساعدة لأكبر عدد ممكن من المحتاجين، بالإضافة الى الدعم الخارجي الدائم الذي يأتيهم من الانتشار.

وتستكمل الجمعية تحضيراتها لإقامة حفل Sunset dinner السنوي تحت عنوان Walk for hope في 25 حزيران بصفر تكلفة، يعود ريعه بالكامل للجمعية. يتضمن برنامج الحفل عشاءً ومشروبًا وبرنامجًا فنيًا. بالإضافة الى تنظيم حدثين أو ثلاثة آخرين خلال السنة لجمع التبرّعات.

أما عن تجربتها في رئاسة الجمعية، فتقول سعيد إنها زارت مع أعضاء الجمعية عددًا من العائلات ومركز بيت شباب، وتأثرت بعددٍ منهم، خصوصًا قصة حياة ماري خوري المقيمة في مركز بيت شباب وتمارس هواية الرسم وهي ترتدي آلة خاصة تساعدها على الإمساك بالريشة، كونها تعاني من الشلل، ولوحاتها ستكون معروضة مع اعمال الآخرين في المعرض الذي نعمل على إقامته لهذه الغاية.

أيضًا، هناك شهادة نقولا معلولي وزوجته لور سعد التي تروي كيف نستمد من الضعف قوة، عندما نرى ما تركه الله لنا لنستفيد منه. نقولا كان محاربًا أصيب عام 1976 خلال الحرب وأصبح مقعدًا، ونُقل الى مركز بيت شباب حيث عاش هناك مدة 17 سنة بعد أن تدمر منزله خلال القصف، وعلى الرغم من ذلك لم يحتج لأحد في حياته. تعلّم جميع أنواع المهن التي توفرت له، من تصليح الكراسي المتحركة، الى الرسم على لوحات وأيقونات وقناني زجاج وغيرها من الحِرَف، ولم يقبل المساعدة من أحد، بل كان هو من يعرض مساعدته على الآخرين.

أما زوجته لور، فقد أصيبت بالشلل عام 1989 إثر تعرّض منزلها لقذيفة وكانت في داخله، وانتقلت الى مركز بيت شباب، وبقيت هناك مدة سنة كاملة لا تتقبل ما حدث معها هي التي كانت لا تتسع لها الدنيا، الى أن تعرّفت على نقولا الذي ساعدها على تقبّل واقعها، لتتطور بعدها علاقتهما ويغرمان ببعضهما ويتزوجان واليوم لديهم ولد يبلغ 18 سنة من العمر.

كذلك الأمر بالنسبة الى رنده كريّم، وهي أيضًا مصابة حرب، تعيش لوحدها في منزلها، تمارس الرسم على البورسلان وتعتاش منه.

في كل مرة تزور فيها سعيد عائلات مصابي الحرب تطلب القوة من الله قبل أن تطأ أقدامها أرض أماكن إقامتهم، لكن يحصل العكس، إذ تمتلئ قوة منهم، لأنهم أشخاص يتحلون بالقوة وبالإيمان والإرادة الصلبة ويستمدون من ضعفهم قوة.

“المسيرة” ـ العدد 1753

للإشتراك في “المسيرة” Online:

http://www.almassira.com/subscription/signup/index

from Australia: 0415311113 or: [email protected]​​​​​​​​​​​​​​

المصدر:
المسيرة

خبر عاجل