ابتداءً من هذا العدد تفتح مجلة “المسيرة” ملف البلديات في لبنان: تمديدًا ومعاناة مع الدولة من جهة، ومع شح الموارد وتراكم المطالب والمسؤوليات من جهة أخرى، وكيفية التوفيق بين الإمكانيات والاحتياجات، خصوصًا بعدما ألقى عليها غياب الدولة مهامًا أهمها ضبط النزوح السوري وتنظيمه في كل منها. فكيف تتعامل في هذه الظروف وماذا تقدِّم للمواطنين في نطاقها البلدي؟ وما هي مطالبها لتوفير القدرة على الاستمرار؟
أول الغيث مع رئيس بلدية المطلة المهندس إرنست عيد الذي يتحدث عن كل هذه القضايا، مع ما لبلدية المطلة، كما سواها، من خصوصيات، مكررًا موقفه الرافض للتمديد للبلديات، ومؤكدًا على التعاون الأهلي لتمرير المرحلة، ومعدّدًا ما قامت به بلدية المطلة من مشاريع.
السؤال البديهي اليوم عن التمديد للبلديات. فبعض المجالس البلدية وجدت فيه استمرارًا في موقع القرار، والبعض حمّلها التمديد عبئاً كبيراً بسبب ازدياد المسؤوليات وشح الموارد. فما موقفكم من ذلك؟
بداية يشير عيد الى أنه ضد التمديد للبلديات ومع إعادة انتخاب مجالس بلدية جديدة حتّى تبقى اللعبة الديمقراطية قائمة في البلد. ولكن بما أن التمديد قد حصل، فسوف نكمل بمسؤوليتنا مثلما تعودنا منذ 15 عامًا. ويلفت الى أن الواردات من الدولة اللبنانية إلى مجلس البلدية قليلة ولا تتعدى المئة وعشرين مليون ليرة لبنانية، أي ما يعادل الألف وأربعمئة دولار أميركي. في حين يتوجب على المجلس البلدي أن يؤمِّن ويقوم بصيانة كل البنى التحتية من إنارة وموارد مائية وإعادة إعمار وتأهيل البلدة. ويضيف: «لدينا أحلام كبيرة، مثلًا على صعيد الإنارة، اضطرت البلدية أن تقوم بالأعمال واستعانت بأهالي البلدة من أصحاب الأيادي البيضاء.
ويشدد على أن المطلوب من الحكومة والسلطات المعنية أن تعطي البلديات حقها من الصندوق البلدي المستقل ومحاسبتها بحسب السعر الرسمي للدولار اليوم وغلاء المعيشة، ولكن ما زالت تدفع لنا بحسب سعر صرف 1,500 ليرة بدل ال 89,000 ليرة، فيما أعمال الصيانة والإنماء ننفذها بحسب سعر السوق. نحن نتفهم الوضع وسبب عجز الدولة لكن على الأقل فليعتمد سعر صرف 15,000 ليرة.
حول موقفه من لامركزية العمل البلدي يقول عيد: البلديات أوكل إليها الأمن والإنماء وصيانة الشبكات الكهربائية والمائية. والسبب هو أن الدولة اللبنانية عاجزة. وهنا نؤكد أن اللامركزية هي الحل الوحيد لإنماء البلد وأفعل بكثير من العمل البيروقراطي والتقليدي لإنماء الوطن.
وفي أزمة النزوح السوري وكيفية تعاطي المجلس البلدي في المطلة في هذا الملف، يقول: في نطاق بلدة المطلة تنبهنا لمشكلة النزوح السوري منذ اليوم الأول، ووضعنا شروطًا قاسية وفرضنا ضرائب على المنازل المستأجرة ومنعنا أي نازح من أن يسكن في البلدة إن لم يكن مستحصلًا على المستندات القانونية المطلوبة للإقامة والعمل. فحصرنا العدد الذي لا يتخطى 68 سوريًّا مع عائلاتهم، ونقوم بجولات تفتيش دوريا على المنازل للتأكُّد من أن إقامتهم ما زالت صالحة ومستوفاة الشروط. أيضا وجّهنا النازحين الى الانتباه من أي زائر لهم والتأكد من أوراقه ونيته وسبب الزيارة، وإلا فليتحملوا مسؤولية أي مشكلة تنتج عن ذلك.
الى هذه المسؤوليات، نفذت بلدية المطلة سلسلة مشاريع وأسست جمعيات منها الإنمائية والاجتماعية والثقافية، وأنشأنا ناديًا للشباب، كما أنشأنا بمساعدة أبناء البلدة مستوصفًا طبيًّا بالتعاون مع جمعية 3 nails.
أما أبرز المشاريع التي عمل عليها المجلس البلدي في المطلة منذ تسلّم عيد مهام الرئاسة قبل 15 عامًا هي:
توسيع الطرقات الداخلية للبلدة.
بناء جدران مع أحجار مكدسة وتلبيس.
استحضار مولّد كهرباء، وتوزيع الكهرباء لأهل البلدة.
بناء مقرّ بلدي من بين أكبر الأبنية البلدية.
إقامة مقام ضخم للسيدة العذراء.
إعادة إعمار كنيسة البلدة، حيث كانت البلدية الراعي الأول للمشروع مع مساعدة لجنة الوقف. وافتتحنا الكنيسة العام الماضي 2023.
ومن المبادرات التي من شأنها أن تخدم بقاء أبناء المطلة في بلدتهم: إقامة احتفالات لجمع التبرّعات إضافة الى المهرجانات الثقافية، واستضافة مطربين وشعراء في حفلات ضمّت كل المنطقة، مما ساهم في تحويل بلدة المطلة الى نقطة تلاقٍ وانفتاح. ونفتخر بأن بعض الأهالي الذين كانوا نزحوا عنها لظروف مختلفة، عادوا إليها بفضل جهود كثيرة بذلناها وأصبحوا يترددون دائمًا إلى بيوتهم.
ويختم عيد: بادر اتحاد بلديات إقليم الخروب الجنوبي الى التعاون معنا من أجل مشاريع مستقبلية، ولكن بقي التعاون محدودًا بسبب الإمكانيات القليلة. فترميم البنى التحتية من ماء، كهرباء وأمن، يحصل بالتعاون مع أبناء البلدة بسبب الإمكانيات البلدية الضيّقة عمومًا.
“المسيرة” ـ العدد 1753
للإشتراك في “المسيرة” Online:
http://www.almassira.com/subscription/signup/index
from Australia: 0415311113 or: [email protected]