خاص ـ استقرار سعر الصرف مستمر طالما “المركزي” على قراره

حجم الخط

سعر الصرف

يعيش لبنان منذ أكثر من سنة في حالة الاستقرار النقدي وعدم حصول هزّات في سعر الصرف الثابت عند حدود 90 ألف ليرة للدولار الواحد، على الرغم من الأزمات الاقتصادية المستمرة والأوضاع المتوترة جنوباً والمخاوف من اتساع رقعتها. أسباب عدة تقف وراء استقرار سعر الصرف بينها سبب رئيسي يعود، وفق الكثير من الخبراء الاقتصاديين، لقرار المصرف المركزي بعدم الاستجابة لطلبات الحكومة بالاستدانة منه وتمويل عجزها. بالتالي، طالما “المركزي” ثابت على قراره، على الرغم من المحاولات الالتفافية التي تقوم بها الحكومة بين فترة وأخرى للعودة إلى نغمة الاستدانة منه تحت هذا العنوان أو ذاك، يمكن توقع استمرار استقرار سعر الصرف المرحلي في المستقبل، المنظور على الأقل، إلا إذا طرأت متغيرات كبرى تغيّر المشهد بكامله.

رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق الخبير الاقتصادي باتريك مارديني، يرى عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “السبب الأساسي وراء الاستقرار النقدي الذي نشهده حالياً يعود لامتناع المصرف المركزي عن إقراض الحكومة اللبنانية بأي شكل، أكان ذلك بالليرة اللبنانية أو بالدولار الأميركي”، معتبراً أن “هذا القرار جلب وأمَّن الاستقرار في سعر الصرف”.

مارديني يشير، إلى أن “ما فعله المصرف المركزي هو خفض حجم الكتلة النقدية في السوق بعدما كانت تخطّت الـ80 تريليون ليرة، إلى ما بين 55 إلى 60 تريليون تقريباً حالياً. بالتالي، محافظة “المركزي” على حجم كتلة نقدية صغيرة في السوق بحدود الـ60 تريليون ليرة بالمقارنة مع حجم كتلة نقدية ما فوق الـ80 تريليوناً، عامل أساسي باستقرار سعر الصرف القائم حالياً، على الرغم من أن رقم الـ60 تريليون ليرة رقم كبير بعدما كان حجم الكتلة النقدية قبل اندلاع الأزمة بحدود الـ4 تريليون ليرة، لكنه أفضل من كتلة نقدية بحجم يتخطى الـ80 تريليون ليرة”.

مارديني يعتبر، أنه “طالما يحافظ المصرف المركزي على كمية النقد بالتداول في السوق حالياً عند هذه الحدود، سيكون لدينا استقرار نقدي واستقرار في سعر الصرف”، محذراً من أن “ما يمكن أن يخرّب هذا الاستقرار هو أن تعاود الحكومة اللبنانية محاولاتها للاستدانة من المصرف المركزي بالليرة وممارسة أي ضغوط في هذا الإطار، بحجة زيادة الرواتب والأجور أو غيرها من الذرائع والأسباب المختلفة”.

في هذه الحالة، يتابع مارديني: “هنا نصبح إزاء خطر هزّ الاستقرار النقدي، إذ ندخل في مسألة أن المصرف المركزي يصبح إما مضطراً لطباعة الليرة فيكون عملياً يموّل هذه الزيادات من خلال التضخم وانهيار سعر الصرف كما حصل خلال المراحل السابقة من الأزمة، وإما سيستعمل الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لديه إذا كان سيدفع للحكومة بالدولار فيكون بصدد تكبير الأزمة لا خفض مستوياتها وهزّ الاستقرار في سعر الصرف وخسارة المزيد من الاحتياطي النقدي”.

في سياق متصل، يرى مارديني أن “المشكلة الأساسية هي التهرب الضريبي والجمركي الحاصل، والواقع في قسم كبير منه نتيجة السياسة المالية والضريبية المتّبعة من قبل الحكومة ووزارة المالية بفرض المزيد من الضرائب والرسوم. فهذه السياسة المالية الضريبية وكأن وظيفتها “تهشيل” الشركات القانونية التي تصرّح عن موازناتها وحجم أعمالها، ودفعها للانتقال إلى السوق السوداء والتهرّب الضريبي”.

يضيف: “المطلوب أن تكون مساعي الحكومة والإدارة الضريبية وأهدافها مركّزة على تحفيز وجذب الاستثمارات. بالتالي المسؤولية كبيرة على السياسة المالية والضريبية المتّبعة التي يجب أن تعمل على خفض الضرائب لجذب المستثمرين وتأسيس شركات ومؤسسات وتوظيف يد عاملة، وتشجيع الشركات المتهرّبة من التصريح المالي والعاملة في السوق السوداء باقتصاد الكاش على العودة إلى العمل الشرعي، بدل تكبير حجم السوق السوداء عن طريق قمع الشركات التي تصرّح عن أعمالها بطرق قانونية ودفعها إلى التهرب الضريبي”.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل