يرى الكثير من الخبراء الاقتصاديين والماليين أن “لبنان في خطر جدي لناحية احتمال إدراجه على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي الدولي FATF”، لافتين إلى أن “لبنان تملَّص بشبه أعجوبة من وضعه على اللائحة الرمادية في الاجتماع الأخير ل FAFT، لكن الخطر المرجح بقوة لا يزال قائماً لأننا لا نلمس لغاية الآن خطوات جدية واضحة وثابتة ومتماسكة من قبل السلطات المعنية لتجنُّب الوقوع في هذه الحفرة التي ستكلّفنا الكثير”.
الخبراء الذين استطلع موقع القوات اللبنانية آراءهم حول هذه المسألة، يعتبرون أن “عوامل عدة تجعل لبنان مرشحاً مثالياً للدخول إلى نادي الدول المدرجة على اللائحة الرمادية، أبرزها السياسات الضريبية الخاطئة التي تدفع أكثر نحو التهريب والتهرب الضريبي والاقتصاد النقدي أو ما يعرف باقتصاد الكاش الذي بات يوازي نحو 60% تقريباً من حجم الاقتصاد اللبناني، مع كل ما يمكن أن يرافقه من شبهات حول تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وغيرها من العمليات المالية غير الشرعية وفق القواعد والقوانين الدولية المعتمدة والتي تستوجب وضع عقوبات على الدول التي تكون في هذا الوضع”.
الخبراء يحذّرون، من أن “وضع لبنان على اللائحة الرمادية، في حال حصوله، سيكون له انعكسات سلبية كبيرة على الاقتصاد اللبناني لناحية هروب الاستثمارات. فالمستثمر سيفكّر ألف مرة قبل الاستثمار في بلد مدرج على اللائحة الرمادية وتحوم حوله شبهات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، تجنُّباً لتعريض نفسه لتلك الاتهامات”.
أضف إلى ذلك، يتابع الخبراء: “الشركات التي تتعاطى الاستيراد والتصدير ستصبح تحت سيف التدقيق والمراقبة الشديدة والتضييق على أعمالها وتعاملاتها مع المصارف، ليس لأن هذه الشركة أو تلك سيئة لكن لأن المصارف ستتجنَّب التعامل مع شركات في بلد مدرج على اللائحة الرمادية لئلا تضع نفسها في دائرة الشبهات بتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، ومن غير المستبعد أن تقفل حسابات الشركات تجنُّباً لوجع الرأس كما يقال”.
الخبراء يؤكدون، أن “إدراج لبنان على اللائحة الرمادية سيؤثر على علاقات المصارف اللبنانية مع المصارف المراسلة في الخارج. فحتى في حال استمر بعض المصارف المراسلة في تعامله مع المصارف اللبنانية، سيعمد في حالة وضع لبنان على اللائحة الرمادية إلى رفع الكلفة وتحميلها للمصارف اللبنانية التي ستتحمّل كلفة عمليات التدقيق والمراجعة لكل عملية مصرفية تقوم بها مع المصارف المراسلة. بالتالي، كلفة الاستيراد والتصدير سترتفع وسيتحمّلها في النهاية المواطن اللبناني، من دون أن ننسى الكلفة على تحويل الأموال من المغتربين اللبنانيين إلى عائلاتهم في لبنان”.
الخبراء يخشون من أن “الخوف من إدراج لبنان على اللائحة الرمادية خلال الاجتماع المقبل لمجموعة FAFT، جدي جداً، على أمل أن يستفيق المسؤولون من غيبوبتهم بأعجوبة ما لتجنيبنا هذه المسألة الخطيرة، فبعد اللائحة الرمادية تأتي اللاحة السوداء وهناك الكارثة الكبرى”.