26 تموز 2005.. سمير جعجع الحرّ أينما كان

حجم الخط

حين اعتُقل سمير جعجع في 21 نيسان 1994 كثر من الرفاق والمناصرين وحتى المعارضين كانوا في سني المراهقة. بعضهم تعرّف إلى الحكيم من خلال ساحات النضال التي كانوا يسمعون حكاياتها في جلسات سرية خلال مرحلة اعتقاله، وبعضهم الآخر كان شاهدًا على دروب جلجلة الأب أو الأخ أو رفاق اضطُهدوا وعُذبوا واعتُقلوا فقط لأنهم آمنوا بحرية جعجع والتزموا بالقضية.

ولكن بعضهم من الجيل الجديد عرف الحكيم وتغذى من مشارب القضية من خلال صفحات مجلة “المسيرة” التي كانوا يحملونها سرًا ويطوفون بها على الرفاق للاطلاع على أخبار الحكيم وقراءة جلسات المحاكمة، وأيضًا شهادات رفاق خرجوا من الاعتقال. ثم يعودون مساء إلى غرفهم ليقرأوا على ضوء الشمعة ما كُتب للتاريخ عن سمير جعجع الذي “أخرجته” الحرب عام 1975 من كلية الطب في الجامعة الأميركية بعد 3 أعوام من دخوله لدراسة الطب وحمل البندقية دفاعًا عن لبنان، وصولاً إلى تلك اللحظة التي ودع فيها الشباب عند بوابة مقرّ الحزب في غدراس قائلاّ لهم: “بشوف وجكن بخير”.

القواتيون باتوا أكثر من جيل، صاروا جزءًا من تاريخ وحاضر ومستقبل. هم القواتيون الذين رافقوا بشير الجميل، عملوا معه شهدوا على حلمه وما بعده، وهم القواتيون الذين عرفوا سمير جعجع والتزموا بقضية قائدها في السجن وحزبها ممنوع وشبابها مطاردون ومعتقلون ومضطهدون ومضطربون لأنهم قواتيون وقد أدركوا بأنه ما ضاع حق وراءه مطالب!

11 عامًا انتظروه. حاولوا تهميشهم وتحريف القضية وأمعنوا في تزوير الحقائق. فكان الثمن الحرية وباللحم الحي!

26 تموز 2005 صار للحرية طعم. الحرّ سمير جعجع خرج من سجنه الصغير الذي سحق ظلماته ومظلومية سجانيه بإيمانه، وهو الذي قال في أول خطاب له بعد خروجه إلى الحرية من مطار رفيق الحريري: “خرجتم من السجن الكبير الذي كنتم قد وُضعتم فيه، فأخرجتموني معكم بالفعل ذاته من السجن الصغير الذي كنت قد وُضعت فيه”.

رُبّ قائلٍ تعودون إلى ألبوم صور وكلمات سطّرها مفكرون ورفاق ومحطات من ذاكرة صفحات “المسيرة” لذاك التاريخ المفصلي في تاريخ القوات اللبنانية و”الحكيم” بعدما شحّت الكلمات والمواقف؟

صدقًا ليس استنفادا للكلمات وفي جعبتنا الفكرية والنضالية والمهنية الكثير الكثير لنقول، وسنقول ونكتب لنبقى ونستمر. لكن لذاك الجيل الذي وعى على قضية قائدها في السجن، لهم ولسواهم ممن أنكروا التاريخ وباعوا الحاضر والمستقبل بفلسين من الذهب…

لهم، ولكي لا ننسى، لكي نتذكر، لكي نعرف ونحفظ، لكي نتعرّف ونتعلّم، لكي نبقى بالفعل والإيمان لا بالشعارات فقط، تستعيد “المسيرة” تلك المحطات من مقالات وألبومات صور وتحقيقات نُشرت في عدد خاص، إضافة إلى مقالات من الحاضر المستمد من تاريخ مجبول بعرق الرفاق ودماء شهدائنا.

نعم تلك كانت محطات من الفرح ورقص على وقع طبول الحرية وصلوات مكلّلة بدموع والدي سمير جعجع وعقيلته النائب ستريدا جعجع والرفاق والزغاريد التي عمّت كل لبنان ذاك اليوم، ولكي نبقى ثابتين بالأمل. كيف لا وهو من ثوابت الوجود!

أجل نعود بالصور إلى 26 تموز 2005 وكلمات قالها سمير جعجع ليس لتعبئة صفحات ولا للترويج. فالقضية ما كانت يومًا تحتاج إلى من يروّج لها أو أن يحوّل من كلمات الحكيم مادة إعلانية. ما يهمنا من هذا التاريخ كله أن نأخذ العِبر لئلا نقع ويقع آخرون في الخطأ والخطيئة.

أجل مصرّون على أن نتذكرها ونذكّر بها تباعًا من عاشوا تلك اللحظات ومن عرفوا سمير جعجع لكي يعودوا إليها فرحين وممتلئين بالعنفوان والأمل.

ولمن كانوا مراهقين وأطفالا، فليتعرّفوا إليه.

 

كتبت جومانا نصر في “المسيرة” ـ العدد 1754​

للإشتراك في “المسيرة” Online:

http://www.almassira.com/subscription/signup/index

from Australia: 0415311113 or: [email protected]​​​​​​​​​​​​​​

المصدر:
المسيرة

خبر عاجل