نعم، إنه ذاك الرجل الذي تماهى مع القضية الى حد أصبح هو القضية، وتماهى مع الحرية الى أن صار إسمه مرادفاً لها ومتكاملاً معها .
نعم، وكما وصفها بالفعل “كانت سنوات طوال ظلماء سوداء…” وكأنه كان حاضرًا حضور الجسد بيننا يعرف حق المعرفة بما حل بنا وبماذا مررنا من تنكيل الى اعتقال الى نفي الى ترهيب، حتى وصلت بهم الشراسة لقتلنا وتركنا جثثا في أقبية التعذيب أو بصناديق سياراتنا أو على جانب الطرقات .
كانت حقبة من النضال السلمي بوجه نظام محتل حقير وحكم فاسد عميل لا يخشى سوى الأحرار وكنا له درسًا، فتعلم معنا حقا أنه ما مات حق وراءه مطالب.. ناضلنا بتوجيهات القائد من زنزانته وتحرّرنا وحرّرنا معنا بالفعل ذاته قضيتنا وقائدنا وانتقلنا معه الى مرحلة ما بعد السجن والاحتلال.
كانت اللحظات تاريخية، وغير نمطية، إنها ثمرة التعب والفرحة المنتظرة بعد ألم دام 11 عامًا. إنها مشاعر لا توصف بكلمات، إنها نشوة النصر ولحظة مصافحة قائد تربينا على محبته رغم أننا ما عرفناه، كما قال غبطة البطريرك الراحل صفير… كل هذا ممزوج بالشعور بالرغبة بتسليم الأمانة والنضال معه.. ها قد تحرّر القائد والمشعل ما زال محفوظا بأمانة بين يديه.
كان الحكيم، كما نحن أيضًا، على يقين بأنها ليست النهاية لكل مأساتنا، كما لو أننا بدلنا واقعنا وانتقلنا الى وطن الأحلام أو دولة البشير.. وقد قالها منذ اللحظة الأولى إن أمامنا الكثير من العمل لإعادة الحياة السياسية لشكلها الطبيعي، ولتصحيح الفجوات التي خلّفها نظام الأسد داخل الدولة، أكان بأعماله أو بزرع شخصيات وأحزاب فاعلة عميلة داخل المؤسسات، دورها استكمال التدمير كما “ميشال سماحة” وآخرين ما زالوا حتى يومنا…
ومر ما يقارب الـ19 عامًا ونحن نحاول بكل ما أوتينا من قوة أن نغيّر الوضع ويظهر هذا الأمر جليًا من موقعنا كمعارضين شرسين لسياسة الممانعة وطريقة إدارتها للسلطة.. كما لخطف قرار الدولة وحرية الوطن من حزب إيران..
وكما كنا مع حلفائنا الوطنيين بحلف 14 آذار نسير على الخط السيادي، نشكل اليوم رأس حربة فريق المعارضة لنكون رادعًا قويًا بوجه تفلّت السلاح واستباحة السيادة والتسلط على إرادة المواطنين.. ونعلم كما يعلم الجميع أنه لولا إصرارنا وبقاؤنا على موقفنا وعنادنا لكنا اليوم نعيش في دولة الولاية الإيرانية.. ونعرف أيضًا أنه لولا وجود الحكيم بيننا لكانت الأمور أصعب بكثير..
واليوم كما الأمس نعمل على تمتين جبهة معارضة لتكون متينة قوية مترابطة تعيد إحياء روح 14 آذار التاريخي.. وتنشيط أطياف المعارضة لرصف الصفوف كما فعلنا في 2005، فاستطعنا صنع المستحيل آنذاك وغيّرنا المعادلة.
فلا بد للمعارضة من أن تكتمل لفرض رأي الأكثرية على الأقلية بقوة الحق لا بقوة السلاح الباطل. إنها فرصتنا لاستعادة وطننا لإنهاء الحالة الشاذة على كافة الأصعدة الأمنية والسياسية والاقتصادية.
وختامًا بذكرى حرية رمز الحرية الدكتور سمير جعجع، نكمل النضال بكل تصميم لكي نستعيد وطننا بالصورة التي نطمح لها، ذاك الوطن الذي كلّفنا أرواحًا ودمًا وسنوات طويلة من القمع والسجن، وأن يتحقق مسعانا كحزب بقيادة الحكيم لترجمة مشروعنا في نظام حكم شفاف يقدّس الحرية ويصون السيادة والاستقلال.. فالدكتور سمير جعجع اليوم هو الشخص الوحيد القادر على بناء لبنان جديد يحاكي التطوّر الحاصل على كل المستويات عالميًا، ويعيدنا على الخارطة كدولة فاعلة متطوّرة تليق بهذا الشعب العظيم عاشق الحرية والحياة.
دانيال سبيرو ـ رئيس مصلحة الطلاب عام 2005 وعضو حالي في الهيئة التنفيذية
للإشتراك في “المسيرة” Online:
http://www.almassira.com/subscription/signup/index
from Australia: 0415311113 or: [email protected]