بعد مبادرة القوات… ضوابط للنازحين واجراءات للمفوضية

حجم الخط


أشارت مصادر قواتيّة إلى أنّ مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة اتخذت قراراً مهماً يعني لبنان واللبنانيين بعدما قرّرت خفض عدد موظفيها في لبنان مع تخفيض الميزانيات التي كانت ترصدها الدول الغربية للسوريين المتواجدين في لبنان.

وعلّقت قائلة: هذا في الشكل، ولكن في عمق القرار الأممي أسباب أخرى جعلت من الدول المانحة تسلك مساراً مختلفاً عما كانت تقوم به في السابق، وذلك يعود الى الضغوطات الشعبية والسياسية والدبلوماسية التي قامت بها مجموعة من اللبنانيين الرافضين لهذا الوجود السوري ولأداء المفوضية التي تساهم في تثبيتهم داخل الأراضي اللبنانية دون حلول فعليّة لقضيتهم ودون محاولات جديّة لإعادتهم الى سوريا.

وتابعت المصادر عينها: لا شك أن لحزب القوّات اللبنانية التأثير الأكبر في الضغوطات التي مورست والتي يتابعها حزب القوات على المستويات المحليّة والدولية.

في هذا السياق، يُذكر أن القوات قدّمت حلولا عمليّة للحدّ من حركة النزوح السوري باتجاه لبنان. وكان رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع أوّل من طالب بإقامة مخيّمات حدوديّة داخل الأراضي السورية تساعد في تنظيم هذا النزوح تحت إشراف الأمم المتحدّة، وكان ذلك عام 2013. ومنذ ذلك الوقت لم تتحرّك أي جهة داخليّة لبنانية بهدف إيجاد حلول جديّة لأزمة الوجود السوري في لبنان الذي ارتفع بشكل مهول في السنوات الأخيرة. فالقوّات اللبنانية وبعد تطوّرات عديدة شهدها لبنان بسبب الوجود السوري وتداعياته على الامن تحديداً والاقتصاد، وبعد جريمة اغتيال القيادي في القوات اللبنانية باسكال سليمان، انتهج حزب القوات اللبنانية مساراً تصعيدياً ساعياً الى إيجاد حلول لأزمة النزوح تلك.

ولفتت المصادر أن القوات اللبنانية بدأت بتشخيص صحيح لأزمة النزوح مع مؤتمر صحافي عقده الدكتور جعجع في 19 نيسان 2024 متحدثاً بدقّة مسؤولة عن مخاطر النزوح، إذ شدّد على “أنّنا اليوم أمام خطر وجودي فعلي وقد نخسر وطننا، وكلما هاجر اللبنانيون كلما جاء النازحون السوريين.” وركّز جعجع في مؤتمره هذا على المخاطر الديموغرافية المستقبلية للنزوح في حال لم تتخذ السلطات الرسمية الإجراءات المطلوبة لإيجاد حلول عمليّة، وأعلن أن حزب القوات اللبنانية سيتخذ خطوات عمليّة باتجاه المرجعيات الرسمية اللبنانية من جهة وباتجاه المنظمات الدولية التي تدعم الوجود السوري في لبنان. وهذا ما حصل بعد أن قام وفد نيابي من تكتل الجمهورية القويّة بزيارة رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، حيث أكّد الوفد أمام رئيس الحكومة “أن لبنان بلد عبور، وليس أبدا بلد لجوء. كما أن البلديات في المناطق التي ينشط فيها نواب التكتل تقوم بواجباتها في تنظيم هذا الوجود، إلا أن هذا الأمر لوحده غير كاف أبداً، وعلى القوى الأمنية والأمن العام القيام بدورهما الأساسي والمركزي في هذه المسألة.”

وكشفت المصادر القواتيّة أنّ الوفد تمنّى على الرئيس ميقاتي “إعطاء تعليماته الواضحة لوزيريْ الداخلية والدفاع، لكي يتولى كل منهما ضمن صلاحيته متابعة المديرية العامة للأمن العام والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والجيش تطبيق القانون على كل أجنبي موجود بشكل غير شرعي على الأراضي”. كما زار وفد من تكتل الجمهورية القويّة وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي رفض القوات اللبنانية سياسات الجمعيات المحليّة والدوليّة وطريقة تعاطيها مع مسألة النزوح السوري في لبنان والشروط التي تفرضها الجهات المانحة ومؤسساتها على الجمعيات والبلديات من أجل تنفيذ سياساتها على حساب مصلحة لبنان وشعبه وأمنه واستقراره، ولا سيّما أن هذه السياسات تهدف إلى تمويل وجود النازحين السوريين فيه كمدخل أساسي لتوطينهم في لبنان. كما دعا الوفد الوزير المولوي إلى اتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة لوضع حدّ لممارسات تلك الجمعيات على الأراضي اللبنانيّة، انطلاقاً من أن الجمعيات والبلديات تخضع لسلطة وإشراف وزير الداخليّة والبلديات.

واشارت إلى أنّ القوّات اللبنانية استكملت حراكها باتجاه مفوضية اللاجئين، وفي 9 أيار 2024 زار وفد من التكتل المفوضيّة وقدّم باسم حزب القوات اللبنانيّة ورئيسه سمير جعجع كتابًا إلى المكتب الإقليمي لمفوّضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيروت في مقره في منطقة الجناح، بشخص ممثل المفوضية إيفو فرايسن. طالب الوفد آنذاك من خلال الكتاب المفوضية بوقف الممارسات كافة التي تتعارض مع مذكرة التفاهم الموقعة عام 2003 بين الأمن العام اللبناني والمكتب الإقليمي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيروت، ولا سيّما المساعي الهادفة إلى إبقاء السوريين المتواجدين في لبنان بشكل غير شرعي ومخالف للقوانين اللبنانية. كما قامت وفود من حزب القوات اللبنانية بزيارات لواشنطن، الأمم المتحدة، باريس، برلين، وبروكسيل بهدف وقف تمويل النازحين السوريين من خلال المنظمات الدولية أو من خلال جمعيات الأمم المتحدة. خارجياً كان لحزب القوات اللبنانية حراكاً حاشداً وملفتاً في 27 أيار 2024 في بروكسل أمام مقر محكمة العدل، تحت عنوان “مخاطر النزوح السوري في لبنان: لتحرّك عاجل”.

أضافت: وفي 18 حزيران 2024 وجّه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع كتاباً الى الأمين العام للأمم المتحدّة بصفته رئيس حزب القوات اللبنانية الذي تأسس في لبنان منذ 45 عاماً، وبصفته رئيس أكبر كتلة برلمانية في المجلس النيابي اللبناني، وكلاهما، اي الحزب والكتلة النيابية، يعدّان من أبرز المدافعين عن السيادة اللبنانية، وفي طليعة من بذلوا كل التضحيات من أجل صون استقلال لبنان وحريّة شعبه. وقد فنّد جعجع بنقاط أربعة أداء مفوضيّة اللاجئين التي تسعى “الى دمج اللاجئين السوريين في المجتمع اللبناني”، كما أنها “تمتنع عن تسليم السطات الرسمية اللبنانية المعلومات التي وثّقتها عن السوريين الداخلين الى لبنان على الرغم من الطلب المقدّم اليها بهذا الشأن.” بالإضافة الى ذلك فإن المفوضية “تمتنع عن تنفيذ مذكرة التفاهم التي سبق ان وقّعتها مع المديرية العامة للأمن العام، بتاريخ 9/9/2003، والتي صدّقتها الحكومة اللبنانية بموجب المرسوم رقم 11262 تاريخ 30/10/2003 والتي أقرّت المفوضية بموجبها ان لبنان ليس بلد لجوء بل مجرد بلد عبور”. فالمفوضية أيضاً “تمنح اللاجئين السوريين بطاقات لجوء وافادات سكن، متجاوزةً بذلك سلطة الدولة اللبنانية الحصرية في هذا الشأن”. وبصفته المشرف على أعمال المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، طالب جعجع الأمين العام للأمم المتحدّة “الإيعاز الى المكتب الاقليمي للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في بيروت لوقف جميع الممارسات التي ذُكرت سابقاً”، كما “الإيعاز الى المكتب عينه بوجوب الالتزام بمضمون مذكرة التفاهم الموقعة من قبله بتاريخ 9/9/2003 مع المديرية العامة للأمن العام اللبناني” و “تسليم الأمن العام اللبناني كامل الداتا والمعلومات التي وثّقها عن السوريين الداخلين إلى لبنان.”

وختمت المصادر قائلة: أمام كل ذلك وبسبب الجهود “القوّاتية” المسؤولة، لاحظ اللبنانيون تبدلاً واضحاً في قضية الوجود السوري غير الشرعي في لبنان حيث لاقى الرأي العام اللبناني حزب القوات اللبنانية على المطالبة الملحّة والمحقّة لحل قضيّة سياديّة بهذا الحجم. ولعلّ قرارات مفوضية اللجوء الأخيرة ومزاج الجهات المانحة بدأ يتبدّل بفعل الضغوطات الدبلوماسية والسياسية والشعبية التي حملها حزب القوات اللبنانية ويستمر في متابعتها.​

المصدر:
وكالات

خبر عاجل