تدهور دراماتيكي يشهده لبنان منذ استهداف مجدل شمس في الجولان، إذ اتجهت أصابع الاتهام مباشرة إلى “الحزب”. تصاعدت حدة التصريحات التي تشير إلى ان هناك رداً وشيكاً على لبنان لم يشهده منذ 8 تشرين الأول. تزامناً، فوضت الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو لتحديد نوع وساعة الرد. كل هذا ترافق مع انحدار في الحركة داخل لبنان، إذ بدأت بعض الخطوط الجوية بوقف رحلاتها من وإلى بيروت خشية من أي ضربة محتملة.
محور الاهتمامات انصب من قبل واشنطن التي سارعت بإعطاء إسرائيل حق الدفاع عن نفسها، لكنها في المقابل حذرتها من أي رد غير متوازن يعرض المنطقة إلى مواجهة شاملة تتحول إلى صراع إقليمي، لكن ما لا تريده واشنطن يطمح إليه نتنياهو بحسب ما أفادت مصادر مقربة من الإدارة الأميركية لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني.
تضيف المصادر ذاتها: “نتنياهو العائد من واشنطن متسلحاً بالمواقف المؤيدة لإسرائيل التي سمعها خلال زيارته للمسؤولين الاميركيين، يشعر بفائض قوة، ومن المحتمل توظيفها في الصراع مع لبنان. هو أثبت منذ اللحظة الأولى لإندلاع المواجهات في غزة، بأنه لا يصغي كثيراً لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، فكيف الحال الآن بعدما تم إخراج بايدن من السباق الرئاسي؟”.
تتابع المصادر المقربة من الإدارة الأميركية: “اللافت كان الدعم الذي تلقاه نتنياهو من كافة المرشحين والمسؤولين في واشنطن، وأتت عملية مجدل شمس لتزيد من هذا الدعم، لكن الخوف لدى واشنطن يكمن في كيفية توظيف نتنياهو للدعم الأميركي واستغلاله لتوجيه ضربة كبيرة للبنان. مع تأكيد واشنطن حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها، تتخوف الإدارة الأميركية من تفلت الأوضاع وخروجها عن السيطرة، لأن لا احد قادر على لجم الأمور، فواشنطن المنهمكة بالانتخابات الرئاسية، مقيدة قليلاً، وليس بيدها سوى سلاح الاتصالات التي تجريها مع المعنيين في إسرائيل ولبنان، وحثّ الطرفين على عدم الرد المفرط الذي يؤجج الصراع القائم”.
أما من ناحية الرد الإسرائيلي، فهو محسوم، بانتظار ساعة الصفر، وبحسب التصريحات، يبدو أن كافة الأطراف لا تريد الإنجرار نحو المواجهة الشاملة، لكن من يضمن إسرائيل وسلوكها؟ من يضمن بأن حادثة مجدل شمس لن تتكرر في الأيام المقبلة خصوصاً أن الصراع المندلع عبر بوابة الجنوب، مفتوح على كافة الاحتمالات، وهو بوتيرة تصاعدية ينذر بالآتي الأسوأ؟
اللعب بالنار، هو عنوان جبهة الجنوب في نسختها الحالية بحسب وصف مصادر ميدانية، لأن لا تقدم لأي طرف فيها، والاستنزاف سيد الموقف بالنسبة إلى الحزب الذي بات يدور في دوامة فارغة، لأنه لم يعد قادراً على التحكم بجبهة الجنوب، والرهان على وقف إطلاق النار في غزة سقط، لان لا ضمانة إسرائيلية بالتوقف عن ضرب الجنوب حتى لو توقفت الحرب على غزة. بالتالي، وقع “الحزب” في حلقة مفرغة، فإذا توقف من جانب واحد سيعتبر بمثابة هزيمة، وإذا استمر في حربه، من المحتمل نشوب صراع شامل يتم توريط إيران فيه وهذا ما لا يريده المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية.
تؤكد المصادر عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني ان الرد آتٍ وهذا لا لبس فيه، لكن الأسئلة المطروحة هي باتجاه نوعية هذا الرد وحجمه الذي المطلوب منه اثبات قوة الردع الإسرائيلية من دون توريطها في مواجهة شاملة. الأمر يتوقف عند نتنياهو، فإما يلتزم بالقواعد القائمة او يتجه نحو المحظور ويقوم بتوسيع الجبهة لفرض شروطه.