فجأة تذكروا أن عندنا جيش ولبناني وفي الأول من آب عيده! فجأة تنبّهوا الى أن تلك المؤسسة العظيمة التي إن فقدناها فقدنا الوطن ومعه كل معاني الكرامة والفخر والاعتزاز. هيك فجأة تذكروا أنه “يه لازم نكتب عن الجيش في عيده”، هم ما غيرهم جماعة السلطة والاحتلال ومن يطلقون على أنفسهم لقب “ممانعون”!
مسلمون ومسيحيون ممانعون لأي شيء؟ ممانعون لقيام مؤسسة الجيش وتسليحها كما يجب، واستلامها زمام الأمور العسكرية والأمنية في البلاد، وأهم الأهم، الانتشار على الحدود اللبنانية كافة، وخصوصًا في الجنوب الملتهب.
فجأة هبت شهامة الكلمات وبدأت المعايدات والتغريدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي كافة، وغالبية هؤلاء المنافقين تبنّت شعار “جيش شعب مقاومة”! منذ الثمانينيات وهم يحفرون للجيش قبور التهميش، وقلة الاحترام، وإقناع الرأي العام اللبناني بانعدام الثقة بقدراته في الحفاظ وحده على أمن البلاد، والجيش يقاوم ويقاوم، وباللحم الحي يدافع عن الأرض والشرف وكل تلك الجغرافيا المنتهكَة عبر الاحتلالات المتعاقبة وعملائها.
يُشتعل الجنوب وتُنتهك حرمة الأرض، بقرار متفرد اتخذته ميليشيا إيران في لبنان، والجيش متروك يتفرّج لأن السلطة السياسية المتآمرة على كرامته، لم تمنحه حق التدخل ولا حتى تنفيذ القرارات الدولية للانتشار عند الحدود اللبنانية. تقضم الميليشيا صورة الجيش لتحوّله الى مجرد فرقة، بالكاد تحرس عناصرها، ولكن على صفحاتهم يكتبون “أنت عزّنا وشرفنا”! وهل للمنافقين شرفًا؟ هل للمتآمرين كرامة؟ هل لمن يبيع الأرض أساسًا، وطنًا أصيلًا يحبونه ويؤمنون به ويحتمون بظلال جيشه؟!
لا تدّعوا الوطنية فجأة فلن نصدق ما تكتبون، لأننا نرى بالعين المجرّدة ما تفعلون بلبنان وجيشه الأصيل. لا تنشروا تغريدات ومعايدات طنانة رنانة بالتعابير المضخّمة لمعايدة الجيش في يومه. من يحب الجيش فعلًا، لا يقبل قربه جيشًا جرارًا رديفًا، وترسانة أسلحة تفوق ما يملكه الجيش بأضعاف مضاعفة، تمتلكها ميليشيا ضمن دويلة في قلب الدولة أخذت على عاتقها الدفاع عن دولة غريبة عجينة على الثقافة اللبنانية العريقة، وأخذت قرار الحرب والسلم بمفردها، وسلمت رقابنا الى الغرباء المحتلين، وجعلت من الجيش متفرجًا!!
من يحترم مؤسسة الجيش، لا يقبل بتهميشها بهذا الشكل المهين لحساب جيش الدويلة. من يدّعي أن “الجيش ع راسي”، لا يقبل أن يُدعس على رأس الوطن بميليشيا. لو كنتم فعلًا مع الجيش اللبناني، ما كنتم لتقبلوا أن تهتز هيبته تحت وطأة عنجهية جيش حزب رديف. وعلى فكرة، وفي المناسبة، نداء موجه تحديدًا الى بعض المسيحيين المناصرين لجيش الدويلة، لا تكتبوا على صفحاتكم تلك العبارات البشعة مثل “منبوس رينجر الجيش ومنقبل يدعسنا”! لا نريد تقبيل رناجر، ولا هي من ثقافتنا الوطنية، ولا نريد نعالًا تهرس كرامتنا، أحبوا بكرامة واحترموا بكرامة وعيشوا الكرامة، هكذا نحب الجيش وندعمه ليس بالنفاق والتحابي، وخففوا ذاك التكاذب المفضوح.
يكذبون عليك بوقاحة موصوفة يا جيش الوطن، والأرض محكومة بالإرهاب. نحب أن نتوجه اليك بالمعايدة الفعلية، لكن كيف وأين وبأي طريقة نفعل، كي لا ندخل معهم في خانة الكذبة؟! كيف نعايد الجيش وثمة دويلة بجيشها تحكمنا وتتحكّم بنا، ومن يعارضها يدخل فورًا في خانة “الصهيوني”! أي صهيونية بعد أسوأ من أن تدعس على كرامة جيش البلاد، وتدوس على كبريائه، وتمنع تسليحه، وتجعله متفرجًا بدل أن يكون هو في الواجهة يحمي الحمى، وسلاحه هو السلاح الشرعي الوحيد المنتشر فوق مساحة الـ 10452 كيلومترًا مربعًا؟!
نحلم، لم يُصادَر الحلم بعد في لبنان، على الأقل نملك تلك الرفاهية، نحلم بجيش جرار ينعش فينا المشاعر الوطنية الجرارة، وكلما شاهدنا عرضًا عسكريًا لقدراته الكبيرة، تتورم قلوبنا من فرط الإحساس بالعظمة والكرامة. “تسلم يا عسكر لبنان” تغني صباح، كيف سيسلم يا شحرورة ما دمنا لا نسلمه الأرض والشعلة والانتماء؟! الانتماء والاعتراف والإيمان لتسلم تلك المؤسسة وليعود عسكرنا عسكر لبنان واللبنانيين وحدهم.
أول آب عيد الجيش؟ هل من عيد هنا؟ كيف يحتفل في “العيد” وسط هذا الإنكار والإهانة والتنكر والخذلان. يا الله ما أبشع الخذلان، لكن ومع ذلك، نبقى نحتفل رغمًا عمن يريد أن ننسى المؤسسة والاحتفال وكل ما يمت الى الجيش اللبناني بصلة الكرامة. نحن لا نؤمن الا بهم، وهذا احتفال، نحن لا نعترف الا ببارودتهم، وهذا انتماء، نحن لن نقاوم الا لأجلهم وبحمايتهم، وهذا وعد شرف.
“جيش شعب… وبس” هذه معايدتنا لهم، ولأجل ذلك نبقى نقاوم ونستمر، ورغم كل ذاك النفاق وتلك الخيانات، وحده الجيش اللبناني سياجنا وحارسنا وسنبقى نعايده طالما لبنان باق ولبنان لن يزول…