مع تصاعد وتيرة التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران و”الحزب” وارتفاع مستوى التصعيد والوعيد بالردود الانتقامية وبمواجهة واسعة تطاول لبنان بأسره، تتجه الأنظار إلى المستشفيات في لبنان وتُطرح أسئلة حول مدى استعدادها للتعامل مع توسع المواجهات الدائرة بين إسرائيل و”الحزب” وإيران. فهل المستشفيات جاهزة للتعامل مع هكذا وضع؟ وهل لديها ما يكفي من مخزون لناحية المستلزمات الطبية والأدوية لمعالجة الجرحى والمصابين في حال وقعت الكارثة ودُفع اللبنانيون بغالبيتهم غصباً إلى أتون المواجهة الواسعة؟
لعل هذه الساعات هي الأخطر منذ بادر “الحزب” إلى فتح الجبهة على الحدود الجنوبية مع إسرائيل في 8 تشرين الأول الماضي إثر “عملية “7 أكتوبر”، في ما سمّاه “حرب الإسناد أو حرب المشاغلة”. من المؤشرات الدالّة على مستوى الخطر، إسراع منظمة الصحة العالمية إلى إمداد لبنان بمزيد من المساعدات الطارئة، حيث تسلّم وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض، أمس الاثنين، شحنة مساعدات طارئة في مطار بيروت، مقدَّمة من المنظمة للبنان بزنة 32 طناً من المستلزمات الطبية والأدوية المخصصة لمعالجة إصابات الحرب، وذلك في إطار رفع جهوزية القطاع الصحي لمواجهة أي تصعيد محتمل.
في السياق ذاته، شهد القطاع الصحي حملة تجهيز مكثفة، في الأيام الأخيرة، حيث تم توزيع أطنان من المستلزمات الطبية والأدوية والمعدات على 37 مستشفى ومركز إسعاف في مختلف المناطق اللبنانية، من الجنوب إلى الشمال، وشمل التوزيع أيضاً عدداً من أجهزة الإسعاف والطوارئ في مناطق الجنوب، النبطية، بعلبك الهرمل، البقاع، العاصمة بيروت، والضاحية الجنوبية.
نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، يوضح أن “المستشفيات الخاصة كانت جاهزة وأتت المساعدات والمنح الطارئة الحالية بمثابة دعم إضافي لها”، لافتاً إلى أن “المستشفيات استعدت منذ أشهر عدة من خلال خطة الطوارئ بالاتفاق مع وزارة الصحة لاستقبال الجرحى والمصابين، في حال وقوع حرب واسعة، وحصل تدريب داخل المستشفيات لفرق التمريض والأطباء وكل العناصر البشرية لكيفية التصرف المطلوب في حال وقوع الأسوأ”.
هارون يشير، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أن “الاستعدادات التي حصلت يمكن وصفها بمحاكاة أو مناورات ضمن كل المستشفيات لكيفية استقبال الجرحى، وسيكون هناك غرفة عمليات في وزارة الصحة من أجل إدارة عملية توزيع المصابين والجرحى على المستشفيات. على سبيل المثال، إذا كان مستشفى ما بحاجة لمساعدة معينة نتيجة الضغط، تؤمَّن له ويتم توفير ما ينقصه من أدوية أو مستلزمات طبية أو غيرها. لكن إذا وقعت حرب شبيهة بما حصل في غزة وتعرّضت المستشفيات للضرب واستُهدفت كأهداف عسكرية، عندها كل التحضيرات لا تنفع و”لا حول ولا قوة إلا بالله”.
أكثر ما يتخوَّف منه هارون، هو “أن تُستهدف المستشفيات مباشرة، هنا نقع في مشكلة كبيرة جداً. عدا عن ذلك، لا أعتقد أننا سنواجه مشكلة كبيرة، لكن طبعاً المسألة بحاجة إلى متابعة يومية، كل يوم بيومه، شرط أن تبقى طرق التموين والإمداد مفتوحة، أي ألا يتم إغلاق مطار بيروت وتبقى المرافئ عاملة والطرق سالكة للاستمرار بتأمين المستلزمات الطبية الضرورية”.
في هذا السياق، يلفت هارون إلى أنه “إذا فُرض حصار بحري وجوي سنقع في ورطة كبيرة، لأن المستلزمات الطبية الموجودة لدينا تكفي لنحو 3 أشهر فقط. في حين، المشكلة لجهة الأدوية أقل لأن لدينا صناعة وطنية فعّالة للأدوية بعكس المستلزمات الطبية، حيث، على سبيل المثال، لا مصانع لدينا على هذا الصعيد لروسورات القلب والفلترات المخصصة لمرضى السكري، وغيرها، التي يتم استيرادها من الخارج والتي نحن بحاجة ماسة لها يومياً. بالتالي، إذا لم يقع الحصار وبقيت طرق معينة للتموين، لا مشكلة والمستشفيات جاهزة للتعامل مع حالة الطوارئ”.