لبنان في العالم ـ أبي خليل في “الجامعة اللبنانية الثقافية”.. صوت شباب الانتشار

حجم الخط

ستيفاني أبي خليلستيفاني أبي خليلستيفاني أبي خليل

لم تنشأ ستيفاني أبي خليل في لبنان. لم تقصد مدارسه أو جامعاته، ولا عاشت طفولتها ومراهقتها وسنوات صبابها الأولى مع عائلتها الكبيرة أو في قريتها الجميلة بيت الدين، كما كانت تتمنى. حملها أهلها مع أخوتها وطاروا بها الى الدنمرك، عندما كانت طفلة في سنتها الأولى، ومن هناك، راحت ترسم في مخيلتها “لبنان في العالم”. جهد أهل أبي خليل، الذين غادروا أوائل التسعينيات لأسباب سياسية معروفة، لنقل لبنان الى بيتهم الدنماركي، فتمكنت العائلة وعلى الرغم من المسافات، من المحافظة على التقاليد اللبنانية، واللافت أن ستيفاني وإن سمعتها تتحدث لغتها الأم، لظننت أنها خريجة إحدى الجامعات العربية. اليوم، تشغل أبي خليل منصب الأمينة العامة المساعدة للشؤون الإدارية لدى الأمين العالمي للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، والأمينة العامة للجامعة في أوروبا والدنمرك، مسلّحة بعشقها لوطن تحنّ اليه وراسمة أجمل صورة عن جذور تريد أن تنقلها الى الأجيال اللبنانية في بلاد الانتشار قدر ما استطاعت.

الشابة التي تخصصت في إدارة التسويق والاتصالات الدولية من جامعة Copenhagen Business School، حوّلت ألم الغربة الى مفتاح لجعل لبنان على كل شفة ولسان والوقوف الى جانب اللبنانيين في أوروبا والعالم، لا سيما في إنجاز معاملاتهم الرسمية اللبنانية. من مركز كوبنهاغن في “القوات اللبنانية” حيث ركزّت ستيفاني أبي خليل نشاطاتها لخدمة الشبيبة، الى الجامعة اللبنانية الثقافية، مرورًا بمشروعي Lebolution  وBack to Roots ـ أوروبا، مسيرة لبنانية مولعة ببلد تسوّق مزاياه من دون أن تتمكن من الاستقرار فيه.

تذكر أبي خليل جيدًا أنها كانت فتاة مجتهدة، ما مكّنها من احتلال لوائح الشرف على مدى سنواتها الدراسية، وسهّل عليها إنهاء اختصاصاتها الجامعية، وحصولها على منحة دراسية في باريس. تقول ممازحة لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني إن والدها أعطاها خيار أن تكون إما طبيبة وإما محامية، فإذا بها تنتقي التسويق الذي تعتبره ملعبها منذ كانت طفلة، وتضيف مستذكرة لبنان: “لم يكن قرار الانتقال الى الدنمرك بيدي، فعندما غادرنا كنت بالكاد تجاوزت عامي الأول، وبالتالي لم يأخذ أهلي برأيي، لكنني أشعر دائمًا عندما أزور هذه الأرض أنني أريد أن أعيش هنا، لا سيما أن أهلي وعلى الرغم من غربتنا، نقلوا لنا ثقافتنا اللبنانية، فكانوا يتحدثون معنا باللغة العربية، فيما حرصت أمي على أن تكون الأطباق اللبنانية مصدر غذائنا، إضافة الى نقل التقاليد الاجتماعية والدينية اللبنانية الى بيتنا، وما زاد من تعلّقي بهذا البلد، إصراري على قراءة الكتب التي تتناول لبنان وتاريخه”.

منذ ستة أشهر، عيّنت ستيفاني أبي خليل الأمينة العامة المساعدة للشؤون الإدارية لدى الأمين العالمي للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، والأمينة العامة للجامعة في أوروبا والدنمرك. عملها الأساسي يقوم على كتابة تقارير وأخبار لبنان ولبنانيين في العالم، إضافة الى الأخبار والمواضيع المتعلقة بالجامعة اللبنانية الثقافية، ويشمل أيضًا متابعة الأمور الإدارية في الجامعة، ومساعدة اللبنانيين فيما إذا اعترضتهم أي مشاكل في أماكن إقامتهم، أو من يرغب منهم بالحصول على الجنسية اللبنانية، كما حثّهم على الانتساب الى الجامعة اللبنانية الثقافية بغية إعداد شبكة اتصالات لهم في أوروبا والعالم. “أهم ما نقوم به هو إعطاء صورة جميلة عن لبنان حيث نحن وفي مجال تخصصنا ونشر المعلمات الحقيقية عن لبناننا الجميل وأصولنا وثقافتنا، ومن خلال هذه الآلية، نساعد اللبنانيين في الخارج على التشبث ببلدهم الأم وبجذورهم”. وعلى الرغم من المنصب الإداري الذي تشغله أبي خليل، والذي لا علاقة له مباشرة بمجال تخصصها في التسويق والاتصالات الدولية، إلا أن طبيعة عملها، تنطوي بقسم كبير منها على “تسويق” لبنان في العالم، والإضاءة على اللبنانيين ونجاحاتهم كما معاناتهم. “انطلاقًا مما تقدم، يمكنني القول إنني أوظف اختصاصي في مجال عملي كما في كل كتاباتي”.

قبل هذا المنصب، عيّنت أبي خليل رئيسة لمركز “القوات اللبنانية” في كوبنهاغن لأربع سنوات، وتمرّست خلال 12 عامًا كمسؤولة الشباب في مكتب القوات في الدنمرك، ما دفع بالجامعة اللبنانية الثقافية هناك الى تعينها مسؤولة عن الشباب فيها أيضًا.

“بدأت نشاطي المتعلق بلبنان مع الشبيبة، حضّرنا الكثير من النشاطات وشاركنا في العديد من المؤتمرات. كنت سعيدة بما كنت أقوم به لأنني كنت أعتبره مفيدًا لبلدي. في الجامعة اللبنانية الثقافية كنت مسؤولة عن منظمة She Is التي تعنى بحقوق المرأة اللبنانية وبآلية مساعدتها، بعدها عملت على مشوار lebolution، وهي الرحلة التي تنظمها الجامعة مرة كل عامين، إذ يقصد لبنان للمرة الأولى، ما بين 150 و200 شاب وصبية تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا، يمكثون هنا 10 أيام، ويزورون معظم المناطق اللبنانية للتعرف على بلدهم الأم وثقافته وتاريخه. أنجزت هذا المشروع في العام 2023، وتوجهت مع 150 شخصًا من 17 بلدًا الى بيروت، ومع النجاح الذي حققناه، طُلب مني الاستقالة من مركزي هذا للعمل في مجال آخر في الجامعة، فعيّنت في منصب الأمينة العامة المساعدة للشؤون الإدارية لدى الأمين العالمي للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم”، توضح أبي خليل التي تؤكد أن “كل العمل الذي نقوم به في الجامعة يساعد لبنان بأكثر من طريقة. اللبنانيون في بلاد الانتشار يشعرون ببعدهم عن بلدهم وأصولهم وثقافتهم، هذا الأمر يزعجهم، أما نحن فنشعرهم بوجود عائلة كبيرة الى جانبهم خارج لبنان يمكنهم الاعتماد عليها، وإذ نحثهم على مساعدة ومحبة لبنان، نشجّعهم على زيارته للتعرف أكثر عليه. بالإضافة الى ذلك، تعمل الجامعة اللبنانية الثقافية على جمع التبرعات لا سيما في هذه الظروف الصعبة، للوقوف الى جانب اللبنانيين، وذلك بالتعاون والتنسيق مع منظمات دولية ومحلية”.

امتنان أبي خليل للدنمرك التي قدمت لها فرصًا ربما لم تكن لتحصل عليها لو كانت في مكان آخر، يترافق مع عاطفتها تجاه لبنان، “على الرغم من الغربة، حصلت على فرصة أن أحب لبنان أكثر، كما أن ثقافة التواضع والحرية الفردية في الدنمرك أعطتني راحة نفسية وعلّمتني المثابرة لتحقيق أهدافي، وهذه الذهنية يصعب تطبيقها والعيش بها في لبنان. ألمس ذلك من خلال عائلتي الكبيرة هناك، فصعوبات الحياة في بلدي الأم كثيرة ومعقدة، ومن الطبيعي أن الفرق كبير جدًا بين البقاء في لبنان والنجاح فيه، والنجاح في بلد آخر. يصعب عليّ التعبير كم يعني لي لبنان، وكم أتمنى أن تصطلح الأمور كي أعود وأتقاعد فيه، وأسكن في الجبل، في البيت الذي بناه أهلي”، تقول أبي خليل.

حققت ستيفاني أبي خليل ذاتها وما تراه مناسبًا، في العمل التطوعي والسياسي. هذا الأمر الذي يفرحها كثيرًا بات جزءًا من شخصيتها، “عندما نعد آلية معينة لمساعدة لبنان، أكون بغاية السعادة لأنه بإمكاني وأنا بعيدة عن بلدي، القيام بأي شيء لمساعدته”، كما تتحدث عن علاقتها بـ”القوات اللبنانية”، التي لم تكن تعرف الكثير عنها. فوالديها، المناضلان القواتيان زمن المواجهات، حرصا على عدم نقل تفاصيل تلك المرحلة لأولادهم، لكن مع بلوغ ستيفاني سن المراهقة، بدأت الأمور تتبدل. راحت تقرأ وتتعمّق في الكتب السياسية، حتى وجدت في القوات ما يجسد رؤيتها للبنان الذي تريد، فحملت القضية في قلبها، وعندما افتتحت “القوات اللبنانية” مركزها في الدنمرك، عينت أبي خليل مسؤولة الشباب فيه. “شاركنا في الكثير من المؤتمرات، وأدرنا مشروع Back to  Roots ـ أوروبا كما عملنا في الانتخابات النيابية اللبنانية بجد، إذ تواصلنا مع عدد كبير من الشباب اللبناني لحثهم على ضرورة انتخاب مشروع القوات. العمل السياسي أساسي لتغيير لبنان، وأنا أساعد بلدي من خلال العمل التطوعي في الجامعة اللبنانية الثقافية من جهة، ومن خلال العمل السياسي في القوات اللبنانية من جهة ثانية”.

لا حدود لطموح ابي خليل، التي تتمنى أن تكون أول سيدة مسؤولة عن الجامعة الثقافية في العالم، لكن لا شيء يضاهي رغبتها في الاستقرار في لبنان بعد سنوات.

ما يميز شخصيتها شغفها بلبنان وبإحداث تأثير إيجابي فيه. “أدافع دائمًا عن كون لبنان أفضل بلد في العالم، ولا أدع أي شيء يقف في طريقي، فأنا مثابرة جدًا في تحقيق أهدافي”، تقول، أما التعاون فمهم جدًا لتكوين الصداقة وبناء الشراكات والعلاقات، فـ”الرؤية التي لدينا للبنان كجيل شاب، وطرحها على المسؤولين والنافذين في العالم، أمر بالغ الأهمية بالنسبة لي، وسننجح في تحقيق أهدافنا لو استغرق الأمر وقتًا”.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل