صحيفة النهار – علي حمادة
عشرون عاما على القرار ١٥٥٩ الذي اتى في الثاني من أيلول ٢٠٠٤ كرد دولي على قرار الوصاية السورية التمديد للرئيس الأسبق #اميل لحود لنصف ولاية إضافية. سرعان ما اعتبرت دمشق وحلفاؤها اللبنانيون وفي مقدمهم “الحزب” ان القرار إسرائيلي -أميركي لأنه تضمن بند خروج القوات الأجنبية من لبنان ونزع سلاح جميع الميليشيات، واتاحة الفرصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بحرية. من ناحيته اعتبر الفريق المنتفض على التمديد القسري للرئيس لحّود القرار بمثابة دعم دولي لتعزيز الانتفاضة على الوصاية الاحتلالية السورية، وبداية لدفع الجيش السوري الى الانسحاب من لبنان وانهاء هذه الحالة التي قيل انها مؤقتة لكن ضرورية.
كما اعتبره كثيرون، ونحن منهم انه كان اشبه بصك استقلال ثان للبنان صدر عن الشرعية الدولية ليؤكد ضرورة خروج الجيش السوري وكل الجيوش الغريبة من الأراضي اللبنانية. كما اعتبرناه تأكيدا دوليا على دعم استمرارية الكيان اللبناني المستقل بعيدا عن أي محاولة لتذويب لبنان بكيان آخر، او نظامه بنظام آخر. واتى القرار ليدحض القول الشهير للرئيس السوري الراحل حافظ الاسد، “شعب واحد في دولتين”. وبالتأكيد اتى ليدحض شعار “وحدة المسار والمصير”.
والأهم بالنسبة الى من كانوا منذ تلك الفترة يرون في السلاح من خارج الشرعية انه نقيض الدستور، والقانون، والكيان، والدولة، والحياة الوطنية المشتركة. لقد شكل القرار ١٥٥٩ أساسا لجميع القرارات الدولية اللاحقة حتى القرار١٧٠١ الذي انه حرب تموز ٢٠٠٦ بين “الحزب” وإسرائيل. ومن اطلع على جميع النصوص الدولية ذات الصلة بالوضع في لبنان لابد انه اكتشف ومهما قيل ، ان القرار ١٥٥٩ هو ابو القرارات الدولية الضامنة للاستقلال اللبناني ولسيادة الدولة فيه. حتى لو كانت هذه الاخيرة مؤجلة بالقوة القاهرة المعروفة كما هو الواقع الحالي.
منذ ٢٠٠٥ اغتيل قادة وطنيون كبار وأيضا قادة رأي كبار تحت شعار محاربة القرار١٥٥٩. ومن هنا الدلالة على ان القرار أصاب الوصاية وايتامها، ثم الحالة الميليشوية في الصميم. بمعنى انه نص دولي سيبقى على الدوام أساسا لكل قرار صادر عن الأمم المتحدة ليذكر بالبنود التي لم تطبق حتى الآن وأهمها نزع سلاح الميليشيات اللبنانية (والمقصود هنا سلاح “الحزب” وأحزاب أخرى هامشية). واملنا ان يأتي يوم ويتم تنفيذ القرار الذي من المهم التذكير بأنه استنسخ عن اتفاق الطائف. فالذين وضعوه في أروقة مقر الأمم المتحدة في نيويورك، ادركوا ان نص اتفاق الطائف يحتوي على جميع العناصر السيادية والكيانية الدستورية المطلوب تنفيذها لكي يستقيم وضع لبنان كدولة فيعود بلدا طبيعيا قادرا على التطلع الى المستقبل في منأى عن كل هذه الحروب التي تتناسل من ارضه وعلى ارضه.
ولعل تجربة لبنان مع حرب “الإسناد والاشغال” التي قرر “الحزب” ان يخوضها مع إسرائيل ضمن ما يسمى استراتيجية “#وحدة الساحات” ما يرسخ القناعة لدى شرائح واسعة من اللبنانيين أهمية التمسك بقرارات الشرعية الدولية وفي مقدمها #القرار 1559 وملحقاته وسائر القرارات ذات الصلة وصولا الى القرار 1701.
فلبنان بأمس الحاجة الى امرين اثنين، الصمود بوجه الموجة التي تجتاحه تحت ستار شعارات رنانة، والتمسك الدائم بنصوص المرجعيات الدولية التي سيأتي يوم وتشق طريقها نحو التنفيذ. في تاريخ العالم الحديث ثمة امثلة عدة تدل على ان تطبيق قرارات الشرعية الدولية او العدالة الدولية يمكن ان يتأخر . لكن قد يأتي يوم ونفاجأ بعكس ما يتوهم البعض. و لمن يخشون اعطاء القرار ١٥٥٩ حقه، نقول: ارفع راسك يا أخي!