قاسم في خطاب مجافاة الوقائع

حجم الخط

قاسم

على الرغم من تأكيد نائب أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم السير على خطى ومنهاج وطريق السيد نصرالله، فإن خطابه في الثلاثين من أيلول، المتأخر ثلاثة أيام بعد المصاب الكبير الذي ألمّ باللبنانيين و”الحزب” وبيئته، زاد المرتبكين ارتباكًا والخائفين خوفًا والمحبطين إحباطًا، إذ انه لم يقرّ ولم يعترف بحجم الكارثة وضخامة مفاعيلها، كما فعل السيد نصرالله في إطلالته الأخيرة، معترفًا بفداحة عمليتي البيجر واللاسلكي، مُقرًا بتفوق العدو التكنولوجي الكاسر للتوازن.

لقد انتظر الكثيرون مع الإعلان عن كلمة نائب الأمين العام، نعيم قاسم، إجابات وقرارات وإجراءات عن أسئلة وتساؤلات، ظلت بعد الخطاب من دون إجابة، لا بل أضافت اليها أخرى، أربكت المستمع ولم تُشفِ غليل المتلهف لبصيص نور من أمل خفت، منذ موجات الارتكابات والاعتداءات والاختراقات واغتيال القيادات الذي وصل الى اغتيال السيد نصرالله.

انطلاقًا من موقعه كأمين عام مؤقت للحزب بفعل الهيكلية التنظيمية المعمول بها في “الحزب”، لم يُظهر قاسم أي مَظهر من مظاهر القوة ورباطة الجأش والإمساك بالأمور وزمام المبادرة، فهو لم يحدد مثلًا موعدًا ومكانًا للتشييع المهيب اللائق بالشهادة وسيدها، ولم يُسرع هو والقيادات الباقية والبديلة أو القيادة الولية في طهران، الى اختيار أمين عام للحزب كنقطة قوة تُسجل على العدو الإسرائيلي، بعد الضربات التي سددها ولا يزال لجسم “الحزب” وبيئته.

عن هذا الامر يشرح الشيخ قاسم سابقة  ملء الفراغ السريع الناجح والناجع بعد اغتيال السيد عباس الموسوي واختيار السيد نصرالله في 16 شباط 1992، اذ يُخالف قاسم نفسه يومها، في خطاب 30 ايلول 2024 بعد ثلاثة أيام على غياب أمين حزبه العام، إذ يقول عن ملء فراغ السيد عباس الموسوي في الجزء الثاني عن “الحزب” من السلسلة الوثائقية أحزاب لبنان والتي انتجته وبثته الـnbn في 2001: “خسارة الرجل الأول عادةً تشكل خسارة صعبة وتحتاج الى فترة لمعالجتها كما يتصورون، من هنا كان استهداف الشيخ عباس كمؤثر على حركة الحزب السياسية والمقاومة في آن … اختير نصرالله بالإجماع وفي نفس ليلة اغتيال السيد عباس، لأننا اعتبرنا أن أي تأخير بعد الاغتيال على اختيار القيادة الجديدة، سيكون نقطة ضعف وسيشعر العدو أنه سدّد للمقاومة والحزب ضربة، فقد أعلنا عن الأمين العام قبل دفن السيد عباس ليكون واضحًا أن البديل موجود وأن الطاقات الخيّرة موجودة”.

كما خالف قاسم ما ورد في خطابه، بما أورده في كتابه “الحزب المنهج التجربة المستقبل”، اذ يقول في الصفحة 170 منه: “انتخب السيد نصرالله أمينًا عامًا بالإجماع قبل التشييع المهيب لسيد شهداء المقاومة الى مثواه الاخير في بلدته النبي شيت، وبذلك يكون الحزب قد فوّت الفرصة على إسرائيل، من زعزعة قدرة الحزب على التماسك في هذه المحطة الحسّاسة من تاريخ جهاده”.

الأكيد، وإنصافًا للحقيقة وتبريرًا لأداء قاسم المربك المرتبك المتلعثم، نعلم بأن ما تعرّض له الحزب ورأس هرمه وقيادييه وكوادره وعناصره، ضخمًا وكبيرًا، ومع ذلك ما زالت المكابرة وحالة النكران ومجافاة الواقع والوقائع مرافقة لفكر وممارسة “الحزب”، والتي تجلّت في الخطاب، عبر محاولات تجميلها وتعمد تجاهلها وتحميل تبعاتها كما العادة لكل الشعب اللبناني ودغدغة أبناء بيئته بوعود النصر الاكيد والمطالبة بالصبر الاستراتيجي العنيد بقول قاسم  بعد تسديد الضربات: “نحن في مركب واحد ونحتاج الى الصبر بعد،  لان النصر حليفنا، لكننا نحتاج الى بعض الوقت”.

يبقى ان الوقت تحت القتل والضربات والخروقات والاختراقات والدمار وموجات التهجير وارتفاع ارقامها، لم يعد ترفًا أو صيغًا لغوية تدبج في خطابات الممانعين الزاخرة بأوهامها.​

إقرأ أيضًا

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل