يستطيع صادق النابلسي وأمثاله من بقايا المفلسين أن يعيشوا في شرنقة أوهامهم ويبيعوا هذه الأوهام لمن بقي معهم من حاقدين ومضللين حتى آخر نفس من أنفاسهم، فهذا خيارهم وبئس مصيرهم، بشرط الاّ يتسببوا بالموت والدمار للأبرياء كما يفعلون في كل مرة يتفردون بها بإعلان حروبهم الفاشلة والمدمرة، ولكن أن يتنطحوا بمناسبة ومن دون مناسبة للتطاول على رموزنا وشهدائنا وأولهم بشير الجميّل، وأن يحاضروننا كل مرّة بالعفّة ويعطوننا دروسًا بالوطنية الممزوجة بالتهديدات العلنية والمبطنة، وهم الآتون من بيئة العملاء الأمنيين لإسرائيل، والعملاء السياسيين والأمنيين لإيران، ولما تبقى من نظام الأسد، فهذه كبيرة وطويلة جدًا عليهم.
استكمالاً لحفلات التهديد بالقتل والوعيد والتصفية الجسدية التي يُطلقها بعض المفلسين الفاشلين من أتباع اصحاب الأقدام التهجيرية والتدميرية، طالعنا بوقٌ آخر من الزمرة ذاتها، هو المدعو صادق النابلسي، الذي يدعّي أنه رجل دين شيعي، فيما كل مواقفه وسلوكياته مجافية لأخلاقيات الإمام علي. هو يدعّي أنه دكتور في العلوم السياسية، فيما كل أفكاره وآرائه تُظهر أنه بروفيسور في العلوم الجوفية والكهفية، كونها أوصلت صاحبها وأصحابه الى جوف الحفر السياسية وغير السياسية العميقة، والآتي أعظم…
آخر إبداعات المدعو صادق النابلسي اذًا، قوله إن “تجربة عام 1982 تؤكد أن الرئيس الذي أتت به إسرائيل تم ضربه”!، متوجهًا لـ”القوات اللبنانية” و”الكتائب اللبنانية” بالكلام التالي: “إذا انتوا قوايا تفضلوا فوتو بـأي مشروع ليوم تالي “إسرائيلي” في لبنان، وإذا حابين تكرروا التجربة كرروها ولنشوف! إنتو معكن أميركا وإسرائيل، ونحنا معنا الله، ومنشوف مين بيغلب والحرب سجال”!
اذًا لا هم ولا غمّ ولا تفكير لدى مرتزقة المحور الممانع، سوى باليوم التالي للحرب، وبالنوايا الخفية للبنانيين، وبماذا يفكر فلان وكيف سيتصرف علتان، فيما الحروب والدمار والتهجير والقتل والفشل يُلقي بأوزاره كل ساعة على الشعب اللبناني عمومًا، وبيئة حزب الممانعة خصوصًا.
تخلّت أبواق هذا المحور عن أدنى مسؤولياتها الاجتماعية والانسانية والمعنوية والمالية تجاه بيئتها المدمرة التي أشبعتها أوهامًا وحكايات وأساطير أكل الدهر عليها وشرب، وصبّت بالمقابل كل تركيزها على نوايا اللبنانيين محاولةً، على عادة الأنظمة الشمولية المفلسة، تحميل الغير مسؤولية قراراتها الفاشلة.
أتركوا بشير الجميّل يرقد بسلام، لأنه أراد أن يصنع لنا جميعًا وطنًا يليق بكل اللبنانيين، حتى لأخصامه بالذات، عوض أن يكون الوضع في لبنان على ما هو عليه من فقر وإفلاس وحروب وتسكّع وتهجير وموت وفشل ودمار، منذ تولّي الممانعة السياسية مقدرات هذا البلد اعتبارًا من عام 1990.
أتركوا بشير الجميل ودعكم من نوايا اللبنانيين يا من عشعش فيكم الغرور كالسنابل الشامخة التي عندما جاء وقت الحصاد، أثبتت انها فارغة إلا من حقدها وتخلفها وفشلها وفوفاشها وفوقيتها التي ترجع جذورها الى دونية مستعصية، تعاني منها أفكاركم تجاه كل ما هو راقي ومترفع ورفيع وجميل وناجح ولبناني وحضاري وثقافي ومتطور.
لقد انكشفت حقيقتكم على بشاعتها، حتى حالتكم النفسية صارت على كل شفة ولسان، فاحفطوا ما تبقى لكم من كرامة واجعلوا اللبنانيين “يستروا ما شافوا منكم”، من قذارات طيلة عقود وعقود، بدل أن تنزعوا ورقة التين الأخيرة عن عورتكم المستورة.
اتركوا بشير الجميّل ونوايا القوات والكتائب وكل اللبنانيين السياديين من أي طائفة وحزب كانوا، واهتموا بشؤون أنفسكم وشؤون بيئتكم المقهورة النازفة النازحة بفعل حروبكم العبثية الفاشلة غير الضرورية التي هجرت الجنوبي والبقاعي وابن الضاحية، من رزقه وبيته وقتلت له مستقبله ومستقبل أبنائه، وكلّه فدا كذبة اسمها “حرب اسناد السنوار”، التي لم تسند السنوار ولم تدافع عن لبنان، ولم تحفظ لبيئتكم كرامتها، ولم تُبقي للبنانيين شيئًا…
اتركوا بشير الجميّل الرئيس القوي صانع مجد الأمة اللبنانية في 21 يومًا فقط، من ولايته التي لم يتسلم صلاحياتها الدستورية، وانظروا الى انفسكم كيف جلبتم الخزي والعار لبيئتكم طيلة 34 سنة من توليّكم السلطة في لبنان، بالتكافل والتضامن مع النظام الأمني منذ العام 1990 وحتى العام 2005، وبدعم إيران وبعض ذميي الداخل. منذ 2005 وحتى اليوم، لم تقيموا مؤسسة عليها القدر والقيمة، ولم تصنعوا دولة بل مزرعة، ولم تضاعفوا الوزنات بل سرقتم كل شيء مع أبواق الفساد والفتنة والمأجورين الذين كانوا يسترزقون من جيوب اللبنانيين في مقابل تأمينهم الخدمات السياسية والدستورية والأمنية والدعائية لمحوركم الممانع.
أنتم بيئة العملاء بالآلاف، وأنتم خزّان جيش لبنان الجنوبي السابق، وأنتم من رميتهم الورود والأرز على طلائع جيش الدفاع الإسرائيلي ما إن وطأت أرجله أرض الجنوب، وبشهادة الشيخ نعيم قاسم في كتابه بالذات، وأنتم الذين كنتم تتسكعون عند أبواب الحاكم الإسرائيلي بشهادة الجنرال الإسرائيلي السابق جاك نيربا، وأنتم الذين عرضتم خدماتكم على الجيش الإسرائيلي مع خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان حتى تكونوا حرس حدود لها، وأنتم من رسمّتم مع إسرائيل الحدود البحرية مقابل حفنةٍ من الأموال الموعودة كبدل عن ضائع الفساد والهدر والسرقة والسمسرة التي أوصلت الدولة اللبنانية التي تقبضون على مقدراتها للانهيار، وأنتم من أعطى إسرائيل مناطق بحرية هي من أراضي لبنان الرسمية، وأنتم من استقبلتم من عرّفتم عنه بأن الضابط الاسرائيلي السابق هوكشتاين عشرات المرات، وحاولتم معه الاقتراع على ثوب اللبنانيين السياديين، لكن الله كان أكبر منكم ومن عمالتكم الممزوجة بشعارات العزة والكرامة والشرف، تمامًا مثلما يُمزج السم بالدسم.
ماذا يمكن أن نقول لناشطي القوات والكتائب والجمهور السيادي الذين يستقبلون اللبنانيين النازحين من بيئتكم ويضعونهم تحت ذمتهم وعهدتهم، في كنائسهم وممتلكاتهم وقراهم ومدنهم، عندما يسمعون هكذا الكلام الذي يقطر سمًا وضعينةً ويضمر الشر المستطير لهم ولأهاليهم ويخونّهم؟ كيف يمكن نفسّر لهم صمّ آذانهم عن أصوات نشاز وحقد وضغينة، كصوت صادق النابلسي وسواه من المفلسين، الذين لا يوجد ما لديهم ليقدموه للنازحين سوى أبواقهم الشاذّة التي تعكّر صفو علاقة النازحين الضيوف بمستضيفيهم وتصعّب عليهم أوضاعهم الاجتماعية أكثر فأكثر!
ما سنفعله بعد الحرب هذا شأننا وحدنا يا صادق، ولا دخل لك ولأمثالك من العملاء به، وأول ما سنفعله بعد الحرب هو الطلب الى المحاكم اللبنانية والدولية بمقاضاة الذين تفردوا باعلان هذه الحرب المدمرة التي دفع كل الشعب اللبناني ثمنها، تماماً مثلما تفعل جنوب افريقيا مع نتانياهو، وإذا كنتم تُعوّلون على رمي مسؤولية فشلكم على المناطق الحرّة وعلى اللبنانيين الأحرار بعد انتهاء الحرب أسوةً بما فعلتم في 7 أيار غير المجيد، فالجيش اللبناني هو الكفيل بالدفاع عن كل اللبنانيين.
لقد صبرنا كثيرًا يا صادق النابلسي، قتلتم خيرة شبابنا وقياداتنا، تآمرتم وتعاملتم مع المحتلين للسيطرة على سيادة لبنان وقمع روح الحرية فيه، سرقتم البلد واتخمتم إداراته بالفاسدين والمحاسيب، احتكرتم السلاح واستجلبتم الدمار والموت والهجرة لشعب لبنان، أعقتم تحقيقات المرفأ، استخدمتم كل أساليب التهديد والوعيد والسطو، هاجمتم مناطقنا بحضارة الموتوسيكلات والشعارات المذهبية البغيضة، حاولتم اغتيال رئيس القوات اللبنانية، وقتلتم بيار الجميل ورفيق الحريري، صبرنا كثيرًا يا صادق، ولكن أن يصل بكم الأمر وأنتم في عمق الهوة التي تقبعون بها، بعدما ورطّتم اللبنانيين في حربٍ لا ناقةً لهم فيها ولا جمل، أن تتطاولوا على رموزنا وتجرؤن على تخويننا من جديد، فهذا هو العهر بحد ذاته… كلمة اخيرة يا صادق غير الصادق: اقعدوا عاقلين، وتأدبوا…وتأدبوا كمان.