بيان “الحزب” يُسقط لبنان.. من إيران كُتب وحُرِّر

حجم الخط

الحزب ـ إيران

بيان صادر عن قيادة “الحزب”: “بِسْمِ اللَّـهِ الرحمن الرَّحِيمِ، انطلاقًا من الإيمان بالله تعالى، والالتزام بالإسلام المحمدي الأصيل، وتمسُّكًا بمبادئ “الحزب” وأهدافه، وعملاً بالآلية المعتمدة لانتخاب الأمين العام، توافقت شورى “الحزب” على انتخاب سماحة الشيخ نعيم قاسم أمينًا عامًّا لـ”الحزب”، حاملاً للراية المباركة في هذه المسيرة، سائلين المولى عز وجلّ تسديده في هذه المهمة الجليلة في قيادة “الحزب” ومقاومته الإسلامية.

إننا نعاهد الله تعالى ونعاهد روح شهيدنا الأسمى والأغلى السيد نصر الله (رض) والشهداء، ومجاهدي المقاومة الإسلامية، وشعبنا الصامد والصابر والوفيّ، على العمل معًا لتحقيق مبادئ “الحزب” وأهداف مسيرته، وإبقاء شعلة المقاومة وضَّاءة ورايتها مرفوعة حتى تحقيق الانتصار، والله غالب على أمره، إنَّ الله قويٌ عزيز.

الثلاثاء 29-10-2024″.

 

يكاد البيان الصادر عن “قيادة الحزب” في  29 تشرين الأول 2024، والذي يعلن فيه عن انتخاب الشيخ نعيم قاسم أمينًا عامًا، خلفًا لنصرالله، بما يحمله من مفاتيح ومعان وطلاسم وكلمات عبور سريّة، يكاد أن يكون مانيفست “الحزب” ومسيرته ومنطلقاته وعقيدته وأهدافه، منذ النشأة والإعلان في 16 شباط 1985، وصولًا الى تاريخ البيان المذكور، مع ما ينطوي عليه، من استغراب البعض واستهجانه، لخلو البيان وبعد بحث معمّق، من كلمة أو معنى لبنان الكيان أو الدولة أو حتى المساحة الجغرافية، التي نشأ ونما وصلب عود حزب إيران فيه، تحت مسميات عديدة، منها الجهاد الإسلامي في لبنان في مرحلة خطف الأجانب فيه، والثورة الاسلامية في لبنان والمقاومة الاسلامية في لبنان وصولًا الى تسميته الحالية، ليكون شقيق الأحزاب في كل من العراق واليمن وسوريا والحجاز، ذوي الأب  الإيراني .

 

إن ما ورد في البيان عن الالتزام بالإسلام المحمدي “الأصيل”، هو تمييز لحزب ولي الفقيه ومدرسة إسلامه، عن باقي المسلمين “المُزيفين”، تمامًا كتمييز أمينه العام الراحل، بيئة حزبه عن بقية الشركاء، بأشرف وأطهر الناس.

أما التمسك بمبادئ “الحزب” وأهدافه، فهو ما تحدثت عنه أدبيات هذا “الحزب” في وثائقه، وفي كتاب أمينه العام الجديد: “الحزب المنهج التجربة المستقبل”.

 

في بيانه التأسيسي يوم الإعلان عن “الحزب” في 16 شباط 1985، في “رسالته المفتوحة الى المستضعفين”، يُعرّف “الحزب” عن نفسه بعيدًا عن أي وطنية لبنانية أو انتماء لهوية لبنانية بالآتي: “إننا أبناء أمّة الحزب، نعتبر أنفسنا جزءًا من أمّة الإسلام في العالم… نحن أمّة ترتبط مع المسلمين في كافة أنحاء العالم برباط عقائدي وسياسي متين هو الإسلام… ومن هنا فإن ما يصيب المسلمين في أفغانستان أو العراق أو الفليبين أو غيرها، إنما يصيب جسم أمتنا الإسلاميّة التي نحن جزء لا يتجزأ منها، ونتحرّك لمواجهته انطلاقًا من واجب شرعي أساسًا، وفي ضوء تصور سياسي عام تقرره ولاية الفقيه القائد… هذه هي رؤيتنا وتصوّراتنا عمّا نريده في لبنان، وعلى ضوء هذه الرؤية والتصورات نواجه النظام القائم لاعتبارَين أساسيين:

1 ـ لكونه صنيعة الاستكبار العالمي وجزءًا من الخارطة السياسية المعادية للإسلام.

2 ـ لكونه تركيبة ظالمة في أساسها، لا ينفع معها أي إصلاح أو ترقيع، بل لا بدّ من تغييرها من جذورها {ومَن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون}، المائدة 45”.

في طبعته الخامسة في الفصل الأول من الصفحة 41، يتحدث قاسم في كتابه المذكور، عن تلك الرسالة المفتوحة الى المستضعفين في 16 شباط 1985، مؤكدًا دوام صلاحيتها على “الحزب” واللبنانيين، إذ يرد فيها ما يلي: “إنه نصّ واضح في الدعوة إلى إقامة الدولة الإسلامية، بناء على اختيار الناس… إننا منسجمون تمامًا مع قناعاتنا، وأيضًا مع الظروف العملية الموضوعية، فطالما أن الظروف لا تسمح بذلك لان اختيار الناس مختلف، أو لأي سبب آخر، فنحن معذورون في أننا بلغنا وأعلنا موقفنا، وعلى الناس أن يتحملوا مسؤولياتهم…”، ليعود ويورد في الصفحة 78، أن “التزام الحزب بولاية الفقيه حلقة من هذه السلسلة، وعمل في دائرة الإسلام وتطبيق أحكامه، وهو سلوك في إطار التوجهات والقواعد التي رسمها الولي الفقيه”، مشددًا على ما سبق ذكره في الفصل الثالث من الصفحة 145، بقوله: “لا يقتصر عمل الحزب على مقاومة الاحتلال كهدف حصري، فالمقاومة وإن كانت التعبير الأبرز ولها الأولوية في حركة الحزب، إلا أنه يحمل مشروعًا متكاملًا، ينطلق من رؤيته الإسلامية للعمل على الساحة اللبنانية بكل متطلباتها ومستلزماتها، كما يطلّ على قضايا المنطقة من منطلق ارتباطها بما يجري في لبنان، وبما تلقي عليه من تبعات بسبب إيمانه ومسؤوليته الشرعية “.

وفي إسهاب لتثبيت المثبت الذي بُني عليه “الحزب”، يقول قاسم في الفصل الرابع من الصفحتين 250 و251: “لا يجوز التفريط بأرض المسلمين ومقدساتهم، ويعتبر الدفاع عنها لتحريرها واجبًا على الجميع، وقد أعلن ولي أمر المسلمين الإمام الخميني، بما أن الخطر يتوجه إلى أساس الإسلام، وجب على الدول الإسلامية خصوصًا والمسلمين عمومًا، المبادرة إلى القضاء على بؤرة الفساد هذه بكل السبل الممكنة”، أما في الفصل الخامس من الصفحة 297، فيوضح قاسم أسباب انتفاء الحاجة لذكر لبنان أو إيلائه الأهمية والأولوية بقوله: “وما الحديث المتكرر عن لبننة الحزب أو انخراطه في الحياة السياسية الداخلية، إلا عنوان آخر لضرورة تخليه عن ثوابته وعن أولوية المقاومة”، ليكمل في الصفحتين 300 و301 بتأكيد ما يعتبره مؤكدًا، من أن “الحزب حزب إسلامي يحمل رؤية شاملة للحياة”، مُسطّرًا في الفصل السابع من الصفحة 390، الكلمات التالية: “الحزب إسلامي قبل أن يكون مقاومًا، والتزامه العقائدي هو الذي دفعه ليرفض الاحتلال ويقاتل إسرائيل، فهو يحمل منهجًا للحياة بشموليتها، ولا يقتصر واجبه على ناحية دون أخرى”.

 

ولأن الرابط عامودي بين إيران ولاية الفقيه الآمرة والمقررة، وحزبها المُنفذ المطيع، نجد أن لبنان الكيان والوطن والدولة مُغيب عن فكر “الحزب” ومبادئه وأهدافه، الا بما يخدم مصلحة الأمة المُشار إليها أعلاه، ومن المفيد الاستقاء من منبع “الحزب” في إيران ومن دستور جمهورية الولي الفقيه، فنقرأ كما قرأنا في بيان قيادة “الحزب”، ما جاء في المادة 3 ـ البند 16: “تنظيم السياسة الخارجية في البلاد على أساس المعايير الإسلامية والالتزامات الأخوية تجاه جميع المسلمين، والحماية الكاملة لمستضعفي العالم”، وفي المادة 11: “يعتبر المسلمون أمّة واحدة، وعلى حكومة جمهورية إيران الإسلامية إقامة كلّ سياستها العامة، على أساس تضامن الشعوب الإسلامية ووحدتها، وأن تواصل سعيها من أجل تحقيق الاتّحاد السياسي والاقتصادي والثقافي في العالم الإسلامي”، كما تشير المادة 57 الى أن “السلطات الحاكمة في جمهورية إيران الإسلامية هي السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، وتمارس صلاحياتها تحت إشراف وليّ الأمر وإمام الأمّة”، بينما تلفت المادة 154 الى “أن جمهورية إيران الإسلامية تقوم بحماية النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في أية نقطة من العالم، وفي الوقت نفسه لا تتدخّل في الشؤون الداخلية للشعوب الأخرى.”

 

ومما تقدم، فإن البحوث والأبحاث المضنية عن “لبنانية” ما، أو حتى محاولة “لبننة” أو مواطنة لحزب الأمة العابرة للأوطان والقارات، تكاد تكون من دون أي جدوى، لا بل عبثية وفي غير اتجاهها واتجاهات “الحزب”، الذي يعبّر عن نفسه وعن وليّه في إيران.

و”للبيان… من إيران كُتب وحُرِّر”.​

إقرأ أيضًا

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل