صحيفة الشرق الأوسط – يوسف دياب
دفعت الحرب الإسرائيلية على لبنان النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار إلى إصدار إجراء قضائي يهدف إلى تسهيل تقديم الطلبات لإخلاء سبيل الموقوفين في السجون اللبنانية، وضمان وصولها إلى الجهات القضائية المختصة بالنظر في قضاياهم، وذلك بسبب الظروف الأمنية التي أدت إلى اكتظاظ السجون اللبنانية. إذ أفاد مصدر قضائي لصحيفة “الشرق الأوسط” بأن تنفيذ هذا التعميم سيؤدي إلى الإفراج عن ما يزيد عن 1200 موقوف في مختلف السجون اللبنانية، والتي أصبحت تضم أعداداً تفوق قدرتها الاستيعابية بثلاثة أضعاف. كما أشار إلى أن تنفيذ هذا الإجراء يتطلب تعاون إدارة السجون التابعة لقوى الأمن الداخلي، بالإضافة إلى السلطة القضائية.
وسبق التعميم تذليل مجموعة من العقبات، بما يسهّل على الجهات المعنية مساعدة الموقوفين في خروجهم من السجون اللبنانية، وجاء في تعميم الحجار أنه «بالنظر للظروف الأمنية الراهنة التي أدّت إلى تفاقم أزمة الاكتظاظ في السجون والنظارات، وتفعيلاً لنص المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وتسريعاً لإجراءاتها بالتعاون مع الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، يُعمل بآلية تسهيل إجراءات تقديم المدعى عليه الموقوف طلب تخلية سبيله وتأمين وصوله إلى المرجع القضائي الواضع يده على الملف”. وأكد الحجار في قراره، أنه «يتاح للموقوف التوقيع على طلب تخلية سبيله في السجن مكان توقيفه، وتتولّى الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان تسلم الطلبات من السجون اللبنانية وتأمين وصولها إلى المراجع القضائية الواضعة يدها على ملفات الموقوفين؛ تمهيداً للبتّ بها وفق الأصول بالسرعة المرجوة».
وأكد المصدر القضائي أن النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار «حضّ القضاة على تنفيذ هذا التعميم والاستجابة الفوريّة للنظر بطلبات إخلاء السبيل التي تتوافر فيها شروط المادة 108 من أصول المحاكمات الجزائية»، مشدداً على «ضرورة الأخذ بالاعتبار الظروف الأمنية الصعبة، خصوصاً أن كلّ المحاكم والدوائر القضائية تبلّغت مضمون هذا التعميم».
وخلال الأسابيع الماضية، صدرت بيانات عن وزير العدل هنري الخوري، ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود، تحثّ القضاة والمساعدين القضائيين على «تقدير الوضع الأمني خلال انتقالهم من وإلى قصور العدل بما لا يعرّض حياتهم للخطر». وأشار المصدر القضائي إلى أنه «يمكن للقضاة خلال مناوبتهم في مكاتبهم أو في المحاكم المسارعة فوراً إلى البتّ بطلب إخلاء السبيل بعد استطلاع رأي قضاة النيابات العامة المعنيين أيضاً بالتعاون في هذا الملفّ».
وعلمت «الشرق الأوسط» بأن الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان عيّنت سبعة محامين للتفرّغ لملفّ السجون اللبنانية، وتسلّم طلبات إخلاء السبيل من الموقوفين الذين قضوا مدة التوقيف الاحتياطي في السجن وما زالوا قيد الاعتقال». وأشارت المعلومات إلى أن الهيئة «فعّلت نشاطها بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي التي أبدت تجاوباً معها لتسهيل مهامها وإطلاق سراح كلّ موقوف تنطبق عليه نصّ المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية». وتنصّ المادة المذكورة على أنه «لا يجوز أن تتعدى مدة التوقيف في الجنحة شهرين يمكن تمديدها مدة مماثلة كحد أقصى في حالة الضرورة القصوى، ولا يجوز أن تتعدى مدة التوقيف في الجناية ستة أشهر يمكن تجديدها لمرة واحدة بقرار معلل، ما خلا جنايات القتل والمخدرات والاعتداء على أمن الدولة والجنايات ذات الخطر الشامل وجرائم الإرهاب، وفي حال كان الموقوف محكوماً عليه سابقاً بعقوبة جنائية».
ويعوّل القائمون على وضع السجون اللبنانية على أن يأخذ هذا التعميم طريقه إلى التنفيذ بأسرع وقت ممكن، وأكد مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أن «نسبة الاكتظاظ في السجون بلغت 320 في المائة، خصوصاً بعد أن جرى إفراغ سجون الجنوب ومراكز التوقيف في الضاحية الجنوبية ونقل نزلائها إلى السجون المركزية في المحافظات الأخرى».
وكشف المصدر الأمني عن أن «التقديرات الأولية تفيد بأن تطبيق هذا التعميم قد يفضي خلال أيام قليلة إلى إطلاق سراح 1200 موقوف»، مشيراً إلى أن قوى الأمن الداخلي «بدأت تسهيل مهام الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، لكي تدخل إلى كلّ السجون اللبنانية وتطلع على ظروف الموقوفين الذين يستوفون شروط الإفراج عنهم». وأوضح أن «تعاون قوى الأمن يفترض أن يلاقيه تعاون من قبل القضاء، سواء قضاة التحقيق والمحاكم على اختلافها بما فيها المحكمة العسكرية».