ردًا على المدعو علي أكرم زعيتر

حجم الخط

وجّه الدكتور علي اكرم زعيتر رسالةً الى النائب زياد الحواط بعنوان “الى ممثل اليمين المسيحي المتطرف في البرلمان اللبناني، النائب زياد الحواط”ـ تضمّنت جملةً من الأباطيل والادعاءات والعنتريات والتهديدات التي تتعارض مع التراث الجبيلي في التعايش والتفاهم بين مكوناته المجتمعية كافةً.

من الواضح أن الدكتور علي زعيتر وأمثاله، يعتقدون أنه بالصراخ والتهديدات الفارغة، ومن خلال تزوير التاريخ، يمكنهم أن ينتزعوا من أهالي كسروان وجبيل بدلاً عن ضائع لمنازلهم وأراضيهم وقراهم وبلداتهم المحتلة والمدمرة في الجنوب، والضاحية، والبقاع، بفعل السياسات الهوجاء، والتفرّد بإعلان الحروب العبثية، والتمسك بالسلاح غير الشرعي، مدعيّن ملكيتهم التاريخية لكسروان وجبيل، عاملين على نبش “دفاتر جدّهم” القديمة، متطاولين على الرموز والمرجعيات السياسية والروحية، الى ما هنالك من كلامٍ طائفي بغيض واتهاماتٍ وتهديداتٍ تنّم عن فكرٍ رجعي متخلّف لم يأتِ على أصحابه وعلى الشعب اللبناني الا بالنكبات والتهجير والموت والدمار والانهيار، والذي يبدو أنه لم يطرأ عليه اي تحسين، منذ ما قبل أيام طانيوس شاهين، الذي تم حشره في تلك الرسالة، حتى اليوم.

أولًا ـ يستخدم الدكتور علي زعيتر لغةً خشبية بائدة تعود الى منتصف القرن العشرين، إذ يطلق على الأحزاب اللبنانية المسيحية تسمية أحزاب اليمين المتطرف، فيما هذا التوصيف الذي كان يُطلق على الأحزاب النازية والفاشية، سقط مع مرور الزمن، ولم يعد ينطبق اليوم الاّ على حزبٍ واحد تحديدًا، يحمل عقيدةً شمولية وأفكارٍ متحجرة قديمة تنظر الى الآخر نظرة استعلاء واستكبار وفوقية واستعداء، وتقوم على الإرهاب المعنوي والجسدي ورفض الفكر الآخر، حتى أن طريقة تنظيم هذا الحزب لمهرجاناته وإطلاق الشعارات من قبل جماهيره، هي مجرد نسخةٍ معاصرة عن الحزب النازي البائد منذ ثمانية عقود… وإذا أردت يا دكتور علي زعيتر أن تصنّف الأحزاب والدول اليوم، فالتصنيفات الجديدة باتت تنقسم بين محور الخير والعالم الحر، الذي لنا شرف الانتماء اليه، ومحور الشر والظلامية والدمار والسلاح غير الشرعي، الذي لا نتمنّى لك أن تكون في صلبه.

ثانيًا ـ ليست “القوات اللبنانية” هي المتعاملة مع إسرائيل سنة 1982، بل بيئتك وقياداتك يا دكتور علي، وبشهادة الجنرال الصهيوني جاك نيربا الذي أفصح عن الكثير من الأسرار وفجّر المفاجآت بهذا الخصوص، وبيئتك يا دكتور علي هي التي استقبلت طلائع جيش الدفاع الإسرائيلي بالزغاريد والورود والأرز، مثلما يُخبر أمينكم العام الجديد الشيخ نعيم قاسم في كتابه “الحزب المنهج التجربة المستقبل”، وبيئتك هي التي شكلّت الخزان الشعبي والعسكري لجيش لحد بنسبة 70%، وبيئتك هي التي شكلّت خزان شبكات العملاء لإسرائيل منذ اتفاق الطائف حتى اليوم. من وشى بحسن نصرالله وابراهيم عقيل وفؤاد شكر وقيادة الرضوان وهاشم صفي الدين واللقيس والطويل وأبو نعمة والمئات من المسؤولين غيرهم؟ من اشترى أجهزة البيجر واللاسلكي التي انفجرت بـ4000 عنصر من حزبكم؟ من أعطى للإسرائيلي معظم إحداثياته حتى يستهدف مخازن صواريخكم تحت المنازل وعلى الطرقات، وأدّت الى ما أدّت اليه؟

ثالثًا ـ لا عجب أن يُخبئ بعضكم المرتكبين، فهذه عادة قديمة لدى العشائر خصوصًا لمن يلتجئ اليها، “ومن غيّر عادته بتقّل سعادتو”، كما أننا لسنا بصدد إدانة هذه العادة أو التصفيق لها، بل فقط لمجرد التأكيد أن الحديث عن هذا الموضوع قد لا يكون بعيدًا عن الواقع، لا بل له اسبقياته وأمثلته الكثيرة في الماضي والحاضر. إنما بالنسبة “للأزعر” الذي تحدثّت عنه، والذي لو سلمّنا جدلاً معك بذلك، فهو أدّى قسطه للعلى طيلة 11 عامًا من الاعتقال الانفرادي، بينما غيره من الزعران الكبار كانوا يعيثون فسادًا وعمالةً وسرقةً وميليشياوية واغتيالاً، ومع ذلك تنظر اليهم نظرة القدسية والطهارة. على كل حال يا دكتور علي، فمن كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة، يكفي أن تلقي نظرةً سريعة على سجلات القوى الأمنية وسجلات المحاكم الجنائية وغير الجنائية، لتعرف كم وكم وكم من الزعران الحقيقيين الفعليين الذين تعجّ بهم جماعتك القريبة منها او البعيدة، منهم من يقضي محكوميته، ومنهم الفار من وجه العدالة.

رابعًا ـ لعلمك يا دكتور علي، فإن المسيح وتلامذته كانوا يتجولون في صور وصيدا وكل أرض الجنوب قبل أكثر من ألفي سنة، وأول معجزة قام بها المسيح كانت في قانا، والنقوشات المسيحية في تلك البلدة ما زالت واضحة للعيان حتى اليوم. والشيء بالشيء يُذكر، هل يجوز لنا القول إن الجنوب كان عاصمةً للمسيحيين وقاعدةً للتبشير المسيحي قبل وجود الشيعة فيه بأكثر من 800 سنة، وهو ليس بالتالي عاصمةً للشيعة و”للمقاومة” مثلما تدعّون اليوم؟ اليس ما تدّعونه من حقوقٍ تاريخية في كسروان وجبيل ينطبق بدوره على الجنوب، لا بل أولويتنا وأقدميتنا في الجنوب مُثبّتة بآياتٍ دينية من كتبنا المقدسة، وبنقوشاتٍ وآثاراتٍ تعود الى ما قبل ظهور المذهب الشيعي بمئات السنوات، بخلاف ما هو عليه حالكم في كسروان وجبيل!

ناهيك عن أن لبنان بأكمله كأن واقعًا تحت الحكم البيزنطي المسيحي في القرن الرابع الميلادي، بحيث ما تزال الآثارات في معظم المدن والبلدات اللبنانية تدّل على وجود الكنائس والمزارات والفسيفساءات والأيقونات المسيحية، وهذا كان قبل نشوء المذهب الشيعي بأربعمئة سنة على الأقل. فكيف يمكنّك أن تزوّر التاريخ بهذا الشكل وتدعّي أن الشيعة الاثنا عشريين هم أصحاب لبنان قبل مجيء المسيحيين؟

خامسًا ـ عندما كان تلامذة مار مارون، وعلى رأسهم ابراهيم الناسك القورشي يبشّرون قرى المنيطرة وقريتك افقا بالتحديد في العام 450 للميلاد، أي قبل 400 سنة على نشوء الدين الشيعي الاثنا عشري في الكوفة وسامّراء، كان الشيعة الفرس لا يزالون مجوس وزردشتيين يصلّون في كتاب الأفيستا، ويعبدون اهورامزدا ويضرمون النار، حتى أن نهر ابراهيم الذي ينبع من مغارة قريتك أفقا بالذات، دُعي بهذا الاسم نسبةً للراهب ابراهيم القورشي، بعدما كانت تسميته الوثنية هي نهر الإله ادونيس. أما دير مار مارون على العاصي فتم بناؤه عام 452 م، وكان بحسب المؤرخ المسعودي (956م) يضم 300 صومعة للرهبان الموارنة، وكان بحسب المؤرخ توما الكفرطابي يضم 800 راهب في القرن السابع، وهذا كان قبل ظهور دينك الشيعي بـمئات السنوات، فأين أصبحت بعلبك الهرمل اليوم، بعدما كانت قاعدةً مارونية اساسية؟ هل يجوز لنا المطالبة بأراضي بعلبك والهرمل باعتبار أن وجودنا الديموغرافي والديني فيها متجذّر وتاريخي وسابقً لوجودكم فيها؟

سادسًا ـ بحسب البلاذري في كتابه “فتوح البلدان” الذي يرجع للقرن التاسع، أي عندما كان المذهب الاثنا عشري في طور التكوين في العراق، فإن قائدًا مسيحيًا في جبة المنيطرة يدعى بندار ثار على العباسيين أوائل القرن الثامن، وهذا القائد بندار عُرف في المصادر المارونية باسم المقدم الياس. فأين كان وجودك يا علي زعيتر في جبة المنيطرة وأفقا عندما كان بندار أو المقدم الياس، يقود الثورات ويصنع التغيير؟

سابعًا ـ بحسب البلاذري أيضًا، إضافةً الى المؤرخ البيزنطي تيوفانسّ من القرن الثامن، فقد أرسل ملك الروم مطلع القرن السابع، أي قبل ظهور المذهب الشيعي بـ200 سنة على الأقل، 12 ألف جندي من الامبراطورية الى جبل لبنان، وقد انسحب قسم منهم بعد فترةٍ وجيزة، فيما بقي قسمٌ آخر اندمج مع السكان المسيحيين لهذا الجبل، وعُرفوا باسم “المردة الجراجمة”، وكانت عاصمتهم في بسكنتا منذ القرن السابع الميلادي، علمًا أن كسروان في القرون الوسطى كانت تضم كسروان والمتن، أي أن بسكتنا كانت تقع في قلب كسروان التاريخية. فمن أين جئتنا بخبرية امتلاكك لكسروان وجبيل قبل الوجود المسيحي فيها؟

ثامنًا ـ يذكر المؤرخ ويليام الصوري أسقف صور الصليبي في القرن الثاني عشر، ما يلي:

“ولما وصل الفرنج فوق مدينة طرابلس في زحفهم على أورشليم، بعد فتح أنطاكية، هبط إليهم جماعة من المؤمنين السريأن الذين يسكنون جبل لبنان فوق جبيل والبترون وطرابلس… لأجل تهنئتهم وعرض خدماتهم عليهم”، وقد دعاهم في مكان آخر بأتباع مارون، علمًا أن طرابلس في القرون الوسطى كانت تمتد حتى المعاملتين في كسروان اليوم.

أما المؤرخ الصليبي الآخر جاك دو فيتري الذي وُلد حوالى عام 1170م فيذكر عن الموارنة: “أنهم أناس يعيشون فوق هضاب لبنان، في منطقة فينيقيا، على مقربة من مدينة جبيل، عددهم لا يستهان به، وأنهم مدربون وبارعون في استعمال القوس والسهم في الحروب، واسمهم الموارنة”…

هذه المخطوطات التي تؤكد الوجود الماروني في بلاد جبيل تعود الى ما قبل حملات المماليك التي تخبرنا عنها، والتي تدعّي فيها أنها هجرّت الشيعة من كسروان وجبيل، بمئةٍ وخمسين سنة. فكيف يكون وجود الشيعة في تلك البلاد سابق لوجود الموارنة؟ ومن أين لك الحق بتزوير تاريخٍ للموارنة كتبه أجدادهم بالعرق والدم والعلم والجد والكد والمثابرة والحضارة، فيما كان أجداد سواهم مشغولين بالسطو والنهب والتعدّي والترحال، فلم يتركوا ما يعتّز به أحفادهم، وحرموهم من أي مخطوطةٍ أو وثيقةٍ أو مدونّة يتفاخرون بها، لذلك تراهم يستندون الى وثائق العثمانيين ووثائق بكركي لادعاء ملكيتكم لحقوقٍ وأراضٍ متنازع عليها، حتى لا نقول ليست لهم. فلو كلن لبكركي ما تخاف منه أو عليه في هذا الصدد، لما شرعّت أرشيفها للعموم، بل كانت أخفت ما يتعارض مع مصالحها، وأظهرت ما يخدم قضيتها.

تاسعًا ـ الشيعة الذين طاولتهم الحملات المملوكية وفتاوى ابن تيمية، لم يكونوا من الشيعة الاثنا عشرية أصلاً، أو على الأقل لا شيء في الوثائق التاريخية يُثبت ذلك، بل جلهّم كان من النصيريين والاسماعيلية وبعض الدروز. فالنصريين والاسماعيليين تم نقلهم الى جبال الظنيّة التي عُرفت باسم “الظنيّين” نسبةً للفرق الاسماعيلية والنصيرية، قبل أن يُعرف الاسم لاحقًا بجبال الضنية، وقبل أن يتحوّل هؤلاء الى المذهب السنّي. أما الشيعة الاثنا عشرية فكانوا على ما يبدو مجرد أقلية في جرود كسروان، على مقربة من سهل البقاع، وكانوا يمتهنون مهنة الرعي، لذلك لم يكن لهم موطنٌ ثابت في كسروان بل متنقل، إذ كانوا يرحلون في الشتاء الى سهل البقاع، ويصعدون في الصيف الى أعالي كسروان او سواه من المراعي، وهذا ما يُفسّر استمرار الوجود الشيعي الاثنا عشري في بعض قرى جرود كسروان حتى بعد الحملات المملوكية، التي لم تكن تستهدف الا المستقريّن الدائمين في تلك المنطقة، لا المرتحلين موسميًا عنها، والذين ربما كانوا في البقاع أثناء حصول الحملات على كسروان.

وممّا يؤكد أن شيعة كسروان الذين طاولتهم الحملات المملوكية لم يكونوا من الشيعة الاثنا عشرية، هو أن كل المصادر المعاصرة والقريبة زمنيًا من ذلك الحدث لم تأتِ على ذكر هذه الفرقة الشيعية تحديدًا. فالمؤرخ المقريزي مثلاً يقول بإن المستهدفين بالحملات المملوكية على كسروان كانوا الدروز فقط، وابن تيمية صاحب فتاوى التهجير نفسه، يسميهم بالنصيرية والاسماعيلية والباطنية، أي القرامطة، ولا يأتي على ذكر الشيعة الاثنا عشرية أو الشيعة الامامية، والمؤرخ صالح بن يحيى في القرن الخامس عشر، يقول بإنهم كانوا من الاسماعيلية والدرزية والنصيرية، والمؤرخ ابن الوردي يدعوهم بالنصيرية والاسماعيلية والدروز، وبعض المؤرخين المعاصرين ككمال الصليبي يعتبرون أن الحملات المملوكية طالت الموارنة وبعض غلاة الشيعة، ويعني بغلاة الشيعة النصيريين والاسماعيليين والقرامطة، وليس الشيعة الاثنا عشرية، أما المؤرخ الماروني المعاصر لهذه الحملات المطران تادرس، وهو مطران حماه للموارنة في القرن الرابع عشر، فقد حمل مخطوطه عنوان: “نكبة كسروان ودير مار شليطا مقبس بغوسطا”، والمؤرخ الخوري جرجس زغيب من أوائل القرن الثامن عشر كتب تاريخ حراجل بعنوأن “عودة النصارى الى جرود كسروان”، أي أن النصارى كانوا موجودين هناك وعادوا لاحقًا، وهذا كلّه يؤكد على وجود الموارنة التاريخي في قلب كسروان منذ ما قبل القرن الرابع عشر على الأقل، وبخلاف ما يدعّيه المدعو علي زعيتر. فكيف يمكن لك الجزم يا علي زعيتر أن سكان كسروان في القرن الرابع عشر كانوا من الشيعة الاثنا عشرية فقط، وبأنكم أصحاب هذه الأرض، علمًا أن معظم، لا بل كل المصادر الأولية والمخطوطات التاريخية لا تأتي على ذكر وجود الشيعة الاثنا عشرية اصلاً في كسروان، بل فرقٍ شيعية أخرى، ليست من الاثنا عشرية التي ينتمي اليها شيعة لبنان!!

عاشرًا ـ بالعودة الى العشائر الحمادية، والتي هي عبارة عن مجموع عشائر بقيادة آل حماده، ومنهم عشيرة آل زعيتر التي ينتمي اليها الدكتور علي زعيتر، فهذه العشائر، أصلها من العجم من خارج لبنان، وقد جاءت الى لبنان في القرن الخامس عشر، أي بعدما كان الموارنة يستقرون في كسروان جبيل بأكثر من ألف سنة. إذ يقول القاضي الشيعي الشيخ يوسف محمد عمرو في هذا الإطار: “وفي أيام الأمير عسّاف التركماني والي غزير، أي في أواسط القرن الخامس عشر الميلادي، أتت العشائر الحمادية الشيعية الى بلادنا، وهي من بلاد حمّاد في سوريا، حيث تعود جذورها الى قبيلة مذحج الشيعية اليمنيّة في بلاد بخارى العجم، واستوطنت كسروان والفتوح، وجبة المنيطرة، وبلاد جبيل، والبترون بإذن من الأمير عسّاف…”.

أما المؤرخ أحمد أبو سعد فيقول بدوره “أن حماده فرّ بأهله وعشيرته الى لبنان سنة 1450 م بعدما خرج جده على شاه العجم فقاتله بجيشه، ونزل قرية الحصين ثم ذهب الى قهمز وكان له ثلاثة أولاد ابو حسين سرحال وأبو زعزوعة أحمد وذيب، ومنهم تفرعت العائلة الحمادية في المنيطرة وبلاد بعلبك والهرمل. أما أسماء العشائر الحماديه التي نزحت مع زعيمها حماده الى لبنان فهي: دندش، شريف، زعيتر، شمص، علّوه، جعفر، المقداد، حجولا، قهمز، شقير، وحيدر أحمد”.

وهذا إن دلّ على شيء، فعلى أن وجودك يا سيد علي زعيتر متأخر عن الوجود الماروني في كسروان وجبيل بأكثر من ألف سنة، وهذا يدّل أكثر فأكثر على أنه في الفترة التي حصل فيها تهجير الفرق الشيعية من كسروان، كانت عشيرتك بالذات ما تزال في اليمن أو في الأحواز ولم تصل الى كسروان إلاّ بعد ذلك بأكثر من 150 سنة. فالرجاء توقف عن تزوير التاريخ، وأعِد قراءته بالطريق الصحيحة حتى لا تقع في خطأ الاستنتاج وخطأ التقرير وخطأ النتيجة.

حادي عشر ـ امّا كيف تمكّن الحماديون من السيطرة عسكريًا على بلاد جبيل خلال فترةٍ زمنية محدودة، اعتبارًا من أواخر القرن السادس عشر وحتى منتصف القرن الثامن عشر، فتورد الوثائق التاريخية أن “ديب حماده زوّج ابنتيه من مقدمي جاج المسلمين السنّة اللذين توليا بلاد جبيل من قبل العسافيين، ولما عصى هذان المقدمان الأمير عساف، استدعى هذا الأمير أحمد وديبا ولدي حماده وخاطبهما سرًا أن يقتلا مقدمي جاج، ووعدهما بولاية جبيل عوضهما، فأبى احمد وديب. ولما رجعا سألهما أخوهما الصغير سرحال، فكاشفاه بذلك، فتوجه سرًا الى غزير وتعهد للأمير بقتل المقدمين المذكورين وأخذ منه صكًا بولاية بلاد جبيل، ولما نفذ المهمة، ولاّه الأمير عساف بلاد جبيل ومكث أخوه في جاج. وهكذا بدأ دخول بلاد جبيل عهد آل حماده”.

لذلك تذكر يا علي زعيتر أن ما بُني على الباطل فهو باطل، لذلك بقيت جبيل وكسروان لأهلها الأصليين من مسيحيين ومسلمين، ولذلك أنت اليوم تهدد وتتوعّد كالنساء فوق اطلال مجدٍ متوهّم، فيما القضية كلها هي بيد القضاء والقوى الأمنية، وليس بيد احدٍ آخر.

ثاني عشر ـ إن وجود الحماديين في القرن السابع عشر في كسروان وجبيل والبترون، كان وجودًا عسكريًا متحركًا وليس وجوداً ديموغرافياً أكثرياً أصيلاً ثابتًا، وهذا بشهادة المؤرخ سعدون حمادة الذي يؤكد أن الحمادية لم يكن لهم مقر ثابت، بل كانوا يتنقلون باستمرار من مكان الى آخر في البقعة الممتدة جغرافيًا من جبيل وكسروان وشمال لبنان الى البقاع وصولاً الى سوريا، ومعروفٌ أن صاحب الأرض الأصلي يستقر في أرضه لفترةٍ زمنية طويلة بغية الاهتمام بها واستثمارها، ولا يُكثر من الترحال هنا وهناك. علمًا أن كسروان في الفترة التي جاءت فيها العشائر الحمادية من اليمن وإيران، كانت تحت سيطرة آل عساف السنّة، وكل ما حصل هو عملية استبدال سيطرة آل عساف بسيطرة الحمادية بموجب “الالتزام” الذي استحصلوا عليه بدايةً من العساّفيين ولاحقًا من العثمانيين، وليس بموجب الوجود السكاني الأكثري المستقر، أو المشروعية التاريخية. فهل يحق لآل عساف اليوم المطالبة باسترداد أرض كسروان من سكانها، لمجرد أنها كانت واقعة تحت حكمهم في فترةٍ زمنية محددة؟

كان العثمانيون منذ احتلالهم للبنان عام 1516 م، وحتى أواخر القرن السادس عشر، يجبون الضرائب مباشرةً من السكّان المحليين، غير أنه اعتبارًا من أواخر القرن السادس عشر بدأ الضعف يعتري السلطنة العثمانية، بفعل المعارك الكثيرة التي خاضتها طيلة تلك الحقبة، وهو ما ادّى الى إضعاف مركزية الدولة العثمانية ودفعها للتخلّي عن الجباية المباشرة لصالح تلزيم الأراضي لملتزمين يجبون الضرائب لصالح السلطة العثمانية، بعد اقتطاع جزءٍ منها لأنفسهم، بحيث كان ينبغي بهؤلاء الملتزمين أن يكونوا على شيءٍ من القوة العسكرية التي تخولّهم تحصيل الأموال من السكان. وهكذا تمكّنت العشائر الحمادية من الاستحواذ على التزام القرى والبلدات المارونية في جبيل والبترون والجبة من الولاة العثمانيين. فهل هذا ما تُسميّه حقًا لك بأرض الموارنة يا علي زعيتر، أم هو تآمر مع الاحتلال للسيطرة على أموال ومقدرات سكانها الأصليين، وقبض كوميسيون على حساب عرق وتعب الفلاحيّن ولقمة عيشهم؟ فمن يكون اغتصب أراضي من عبر التاريخ يا دكتور علي؟

ثالث عشر ـ أماّ كيف خرجت تلك العشائر من هذه الأرض أو بالأحرى اُخرجت منها، فهذا سابقٌ لطانيوس شاهين بكثير، ويعود الى مظاهر العنف والقسوة والاضطهاد التي قامت بها هذه العشائر في معرض جبايتها للضرائب من الأهالي الموارنة، بحيث أن هذه الاعتداءات شملت أحيأنًا البطريركية المارونية في وادي قنوبين، وقد بلغ التطاول حدّ التعرضّ للبطريرك بالضرب، والتطاول على المطارنة، حتى أن البطريرك اسطفان الدويهي اضطر مرارًا عديدة الى لبس طراز العامية والهرب للأودية والمغاور والشقفان.

ويذكر قنصل فرنسا رينه رستلهوبر بهذا الخصوص، أنه في سنة 1703 حضر المدعو عيسى حماده الى دير قنوبين مع العديد من ازلامه، حيث أهان البطريرك اسطفان الدويهي، ولطمه على وجهه لأنه رفض دفع مبلغ كبير من المال طلبه منه.

وعلى ما يبدو فإن عيسى حماده كان معتادًا السطو والتعدّي على الكنيسة وأموالها، بحيث يذكر الأب اوغوسطينوس زيادة الماروني، أن عيسى حماده “اخذ حوايج كنيسة سيدة زغرتا وتصرف بها في أمور بشرية، وأخذ دراهم البطريرك يعقوب الحصروني التي كانت مودعة في الرهبنة، وزوّج بها ابنه ابراهيم بأم ملحم بنت الشيخ اسماعيل”، ولم تتوقّف هذه المضايقات إلا بتدخل فرنسا لدى العثمانيين، وتدخل الأمير يوسف الشهابي على الأرض.

وحده الاحتلال يتصرف على هذا النحو، وليس أصحاب الأرض يا علي زعيتر، فالالتزام الذي استحصلت عليه العشائر الحمادية من العثمانيين هو مجرد وصاية قسرية من قوة احتلال. فالتزامكم، كما يذكر التاريخ، أرهق الرعية واتخذ النهب دينًا، “حتى أنهم إذا صادفوا فلاحًا مسيحيًا محتذيًا حذاءً جديدًا، سلبوه إياه قائلين له: أنت فلاح فلا يجدر بك أن تحتذي حذاءً جديدًا ونحن المشايخ محتذون بحذاء خلق. وكذا قل عن باقي الأمور التي يكون حاصلاً عليها الفلاح حتى الأعراض، وقد ارتكبوا من الفظائع ما يندُ له الحصر”. أما موسى حماده الذي كان يتولّى حكم أيطو وبشرّي اعتبارًا من سنة 1717 م، فكان شخصًا شرسًا مستبدًا، فهو قد أمسك بالشدياقية زوجة الشدياق في بشرّي بعد وشاية من بعض الشيعة في المحلة بأنها تخبئ مال الشدياق زوجها، وعذّبها بقسوة حتى الموت.

بلغ ظلم الحماديين أوجّه بين عامي 1750 و1759 م، ووصل بهم الأمر حد اغتيال عددٍ كبير من وجهاء القرى المارونية ومشايخها، وحاولوا القبض على المطران يواكيم من إهدن، فثار أهل الجبّة عليهم، وتم طردهم من تلك الأرجاء، خصوصًا أيضًا أن الوالي العثماني كان قد ضاق ذرعًا بارتكاباتهم ومخالفتهم لكل نظام، وتمنعّهم عن تسديد ما يتوجّب عليهم من اموال.

صدقنّا يا علي زعيتر، فتح ملفات التاريخ لا يناسبنا جميعًا، ولا يناسب جيرتنا ولا يناسب الوحدة الوطنية، خصوصًا في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ لبنان؟ فلنترك الأمور للقضاء لأن البديل عن ذلك هو الفوضى وشريعة الغاب.

رابع عشر ـ  ليس طانيوس شاهين من هجرّ القسم الأكبر من الشيعة في كسروان وجبيل، بل هو الأمير السنّي أحمد المعني في مرحلة أولى أواخر القرن السابع عشر، ولاحقًا الأمير السني يوسف شهاب منتصف القرن الثامن عشر، بالتكافل والتضامن مع الوالي العثماني السني في طرابلس وصيدا، وبغطاءٍ من الفرنسيين، بعدما كثرت شكاوى الناس من تعديّات الحماديين، خصوصًا لجهة حرق القرى والتعديات وقطع الطرقات والقتل، ومنها حرق قرى عبداللي وقصوبا وشبطين وتولا في البترون، والتنقل من مكان الى آخر، بحيث أنه لم يكن لهم مستقّر دائم على عادة العشائر التي لا تستقر في مكان بعينه.

وممّا يقوله فرمان سلطاني عثماني في هذا الإطار:

“يستمر الشيخ اسماعيل (حماده) بنهب المسافرين وابتزازهم وقد احتل جبيل… وسقط حارس القلعة وخمسة عشر مسلمًا شهداء. أرسل الوالي كتخداه لوقف اذاهم وتعدياتهم. وليستلم جبايات سنة 1123 هجرية (1711-1712 م)، ولكن العاصي استمر في تمرده وطرد كل السكان مع مواشيهم وحيواناتهم الى جبال كسروان، وهم أنفسهم، احتموا في كهوف يصعب الوصول اليها ووديان وقمة الجبل المذكور وهجرّ الناس ومنعهم من العودة…”

فمن أعمالٍ وأفواهٍ عربية ومسلمة ندينكم يا دكتور علي! وهذا بعض ما يقوله عنكم الارث العربي الاسلامي المشرقي المُدوّن الذي تتغنّى به!

وبعد، كيف يمكنك الادعاء أن هذه الأرض هي ملككم يا دكتور علي زعيتر، ما دامت الطبيعة العشائرية بحد ذاتها تتناقض مع مبدأ الملكية الخاصة المستقرة أو المقر الدائم، بل تعتمد على التجوال والترحال الى حيث الغزو والمراعي الخصبة… ولو في الصين؟

خامس عشر ـ وبالنسبة لأصول عائلة النائب زياد الحواط، والتي تضم اليها آلاف اللبنانيين من الطائفتين المسيحية والإسلامية، فهذه الشهرة تعني “جابي الضرائب”، وهي كانت وظيفة معروفة في جبة بشري وسواها، ولا هي مسبّة ولا مذمّة كما تدعّي، أما جذور النائب الحواط فهي تعود أقلّه قبل 500 سنة الى بلدة أيطو في قضاء زغرتا، بحيث تؤكد الاحصاءات العثمانية لسنة 1551 على وجود اسم شهرة الحواط فيها، كما تؤكد وثائق بكركي نزوح هذه العائلة لاحقًا من أيطو الى شامات أقلّه قبل 300 سنة، ولا يوجد أي وثيقة أو مصدر أولي يُثبت غير ذلك. وتاليًا فإن هذه العائلة متجذّرة في جبل لبنان التاريخي عندما كانت عائلتك ما تزال في الأحواز. وإذا كنت تعتبر معنى الحواط أي “جابي الضرائب” هو مذمّة، لا داعي لتذكيرك بأن كل كيانك العشائري في جبيل كان قائمًا على موضوع “الالتزام” وجباية الضرائب.

سادس عشر ـ وبالنسبة لاعتبارك أن الانتداب الفرنسي عام 1920 كان احتلالاً استفادت منه البطريرك المارونية لوضع اليد على أراضيكم، فلا بد من إحالتك الى نائبكم السابق عباس الهاشم الذي يحتفظ بأرشيفه تحت الرقم (110) بوثيقة موجّهة من مشايخ ومخاتير وأعيان شيعة جبيل وغيرهم، الى المفوض السامي الفرنسي سنة 1920، يُرحب مضمونها بالانتداب الفرنسي على لبنان، ويدعو له بالاستمرار وولنجاح والتوفيق، مرفقةٍ بجملة مطالب إنمائية تخص بلاد جبيل، وموقّعة من قبل شيخ صلح طورزيا علي الحج، وشيخ صلح راس أسطا محمد سليم، وشيخ صلح مشان قاسم حمود، وشيخ صلح عين الدلبة شديد علي، وشيخ صلح فرحت حسين ضاهر، وشيخ صلح المغيرة علي حمود، وسواهم. وحري بنا تذكيرك كم وكم من التلامذة الشيعة الذي تعلّموا في المدارس والارساليات المسيحية والفرنسية، وتقلّدوا أرفع الوظائف والمناصب في الحياة العملية! فهل هذا يقع ضمن سياق ما تعتبره أنت تراثًا عربيًا مشرقيًا عريقًا، أم ضمن سياق “الإرساليات التبشيرية الفرنسية” التي تتهّم سواك بالانتماء اليها!!!

سابع عشر ـ موضوع الأراضي في أفقا ولاسا، سواء كان لكم حق فيها أم لا، يحلّه القضاء اللبناني والمحاكم اللبنانية، وليس العنتريات والتهديدات ومحاولة الفاجر أكل مال التاجر، وهذا الموضوع كذلك لا يُحّل عبر الإمعان في مخالفات البناء أو التعدي على الأملاك الخاصة. ولا أحسب أن القوى الأمنية تأتمر ببكركي ولا بالنائب زياد الحواط على الإطلاق، بل بالسلطة السياسية وبالحكومة التي يقبض عليها حتى اللحظة محور الممانعة مع حلفائه، ولو كانت الأمور غير ذلك، لاستردت بكركي مئات الاف الأمتار المربعة المُصادرة من الأوقاف المسيحية في الضاحية وسواها، والتي تم تشييد المنازل والمستشفيات والدكاكين عليها. لقد صادرتكم 10452 كلم مربع بمواطنيه اللبنانيين الخمسة ملايين، ورهنتم مصيرهم للملف النووي الإيراني ولسلاحه غير الشرعي الذي تسبب بتشريدكم واستجلب لنا جميعًا الموت والدمار، ومشكلتنا نحنا واياكم هي هناك، وليس مع بكركي أو النائب الحواط أو “القوات اللبنانية” الذين يركنون للقضاء اللبناني لحل موضوع النزاع حول ملكية الأراضي. فلا تُخطئوا الحساب، ولا تُضيعّوا البوصلة، ولا تغطّوا السماوت بالقبوات لمجرد تجهيل المسؤول الحقيقي عن نكبتكم وتحميل الغير مسؤولية هذه النكبة، أمّا الحل فليس بمعالجة النتيجة من خلال الامعان بمخالفات البناء، بل بمعالجة مكمن المشكلة الذي يأتي لنا جميعًا كل فترة بالدمار واللاستقرار والحروب العبثية المدمرة.

ثامن عشر ـ أما بالنسبة لما حصل عام 1860 فهو بدأ بتعدياتٍ قام بها بعض الشيعة على قرى مسيحية في جبيل وكسروان، بالتزامن مع المجازر التي كانت تحصل بحق المسيحيين في الشوف والجبل. وكانت الشكوك قد راودت زعيم الموارنة وزعيم إهدن يوسف بك كرم حول وجود تنسيقٍ بين الدروز والشيعة والعثمانيين لمهاجمة مناطق كسروان وبلاد جبيل وصولاً حتى شمال لبنان، بحيث جاء تحرّك بعض شيعة كسروان وجبيل بالتزامن مع تعرضّ المسيحيين للهجوم من قبل الموحدين الدروز في الجبل، ليؤكّد صحّة شكوك يوسف بك كرم. إذ ان بعض الشيعة ممّن يقطنون في قرى وادي أدونيس أو وادي نهر ابراهيم، في ناحية جبيل، حُرِضّوا سرًا من جانب الدروز على جيرانهم المسيحيين، فأضرموا النار في بعض بيوت قرية فتري فثار المسيحيون لأنفسهم وأحرقوا بيوت الشيعة فيها، وطردوهم منها. ويؤكد المؤرخ الشيعي الموضوعي المحترم علي راغب حيدر أحمد على هذه الواقعة في كتابه “المسلمون الشيعة في كسروان وجبيل”، محمّلاً مسؤولية الأحداث التي وقعت في كسروان جبيل سنة 1860 للمسؤولين عن حرق بيوت المسيحيين في فتري وأدونيس، باعتبارهم اشعلوا شرارة هذه الفتنة.

تتحدث وثيقة من أرشيف بكركي من ملف البطريرك مسعد، عمّا كان يحصل من تعدّياتٍ بحق بعض القرى المارونية في بلاد جبيل وفتوح كسروان سنة 1860، وتُعطي مثلاً “عن قرية حجولا التي حضر أهلها بجموع غفيرة الى دير مار مارون عنايا فنهبوه وما خلوّا به شيئاً، ويتضّح من قوائم المنهوب في الدير نهبهم لـ 250 كيس دراهم..”. كما تتحدث عن التعدّيات والسرقات التي يقومون بها، وخصوصًا المحلات المجاورة لهم مثل عبادات، وبنتاعل، وتعرضهم بالضرب والإهانة لكاهن من عبادات سألهم عمّا يفعلونه، وتُخبر عن قيام (فلأن) (نمتنع عن ذكر اسمه) بسلب عرض إحدى بنات النصارى، وأهلها لم يقبلوا العار عليهم فقتلوها، ويذكر ما حصل في زبدين وإهمج بحق النصارى، وقتل رجل من شننعير سواها من التعديات والانتهاكات…

هذا هو السياق الحقيقي لما حصل عام 1860، وإذا كان طانيوس شاهين قد شارك في الدفاع عن القرى المارونية، فهذا يعود الى منطلقات طبقية وليس طائفية، تمامًا مثلما كان قد هاجم قبلاً مناطق نفوذ آل الخازن الموارنة انطلاقًا من الخلفية الطبقية ذاتها. وأين العجب ممّا فعله قائد ثورة الفلاحين طالما أنكم يا دكتور علي تفاخرون بأنكم مشايخ، مدعّين امتلاككم لهذه الأرض، وبأن الموارنة كانوا مجرد فلاحين لديكم… فيما الحقيقة أن الموارنة والشيعة في جبيل وكسروان هم أبناء الأرض بالتساوي والتكافل والتضامن والتفاهم، وعاشوا في إلفة وجيرة وتسامح طيلة مئات السنوات، لا لكي يتم تخريب هذه العلاقة بلحظة غضب أو ردّة فعل أو عنترياتٍ لا مكان لها من الصرف والإعراب، بل لكي نعمل على توطيدها وتمتينها لما فيه خير أبنائنا وخير كل اللبنانيين، فجبيل هي أرض الحرف والحضارة، وأسلوبك الأدبي يُعتّد به، ولكن لا لتوجيهه الى المكان الخطأ، بل لتسخيره في خدمة العلم والأدب والتعايش والحضارة الجبيلية…سنبقى ننظر اليك كجارٍ وكشريكٍ في هذه الأرض يا دكتور علي، لو مهما ارعدت وازبدت، أما صفحات التاريخ السوداء بيننا فليست سوى مجرد حقبة صغيرة ومحدودة جدًا، مقارنةً بالتاريخ المديد من التعايش والوئام والسلام، الذي نسعى نحنا وإيّاكم لإبقائه ناصعًا مشرقًا متسامحًا، كما علمتّنا رسالاتنا السماوية…

والسلام عليها إن أحبّت سلامنا…

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل