فتح الإعلام اللبناني شاشاته لعدد من الذين يدّعون أنهم خبراء ومحللون عسكريون وسياسيون، حيث يطلق هؤلاء تحليلات خيالية لا علاقة لها بالواقع. يروجون لسردية مفادها أن إسرائيل لن تجرؤ على الخوض في أي مواجهة، وأنه حتى لو تجرأت، فإن “المقاومة” جاهزة عسكريًا لكسرها واحتلال الجليل… كما يدّعون عدم قدرة العدو على تحمل الكلفة البشرية لاجتياح بري، ويطرحون نظرية “وحدة الساحات” وتدخل إيران المباشر للمساعدة.
عندما بدأ “الحزب” الحرب لدعم غزة، سقطت هذه السردية بالكامل. فقد تجرأت إسرائيل على الحرب، وخرجت “المقاومة” من المعركة بسرعة قياسية، تاركة أطنانًا من الأسلحة للعدو الصهيوني. وبدلًا من احتلال الجليل، بدأت إسرائيل باحتلال القرى اللبنانية وتدميرها. أما بشأن عدم قدرة إسرائيل على تحمل قتلى الاجتياح، فقد نسوا أن إجمالي عدد القتلى الإسرائيليين في حروبها مع الدول العربية يصل إلى نحو 14,000 قتيل، ومئات الآلاف من الجرحى، وعلى الرغم من ذلك لم يمنعها هذا الرقم الكبير من الاستمرار في الحروب بغض النظر عن كلفتها العالية.
أما إيران، فلم تتدخل في الحرب، واكتفت بالاستنكار وإطلاق بعض الصواريخ الصوتية عند تعرضها لهجوم إسرائيلي مباشر. كل هذا والإعلام اللبناني لا يزال يستضيف المهرجين نفسهم الذين يتنقلون من شاشة إلى أخرى لترداد نفس الهراء.