يترقّب الأوكرانيون بقلق الانتخابات الرئاسية الأميركية، الثلاثاء، إذ يخشى البعض أن يؤدي فوز الجمهوري، دونالد ترامب، إلى وقف المساعدات الحيوية التي تقدمها واشنطن لكييف لمواجهة القوات الروسية. قبل أيام قليلة من الاستحقاق الرئاسي، يتكبّد الجيش الأوكراني الذي يفتقر إلى الرجال والذخيرة، خسائر ميدانية في وقت تشير تقارير إلى أن روسيا على وشك تلقي تعزيزات مع وصول قوات كورية شمالية.
يظهر الغرب تردداً في ما يتعلق بتقديم المساعدة لأوكرانيا، ويمنعها خصوصاً من استخدام صواريخه لاستهداف الأراضي الروسية. ولم يبد دونالد ترامب أي إشارة إلى رغبته في منح كييف الوسائل اللازمة لهزيمة روسيا.
لذلك فإن “انتصار ترامب سيطرح أخطاراً جدية. سيكون الوضع مقلقاً”، وفق ما قال سفير أوكرانيا السابق لدى الولايات المتحدة أوليغ تشمتشور لوكالة “فرانس برس”.
قدّمت واشنطن والدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، مساعدات عسكرية ومالية حيوية لأوكرانيا بقيمة عشرات مليارات الدولارات منذ بداية الحرب عام 2022، ما سمح لكييف بمواصلة القتال ضد “عدو” أكثر عديداً وتسلّحاً. لكن منذ أشهر، تزايدت المماطلة في أوروبا كما في الولايات المتحدة.
بالتالي، فإن خوف أوكرانيا الأكبر هو أن يتخلى الملياردير الجمهوري عنها، خصوصاً أنه انتقد المساعدة الأميركية لكييف وصرّح بأنه قادر على إنهاء الحرب “في 24 ساعة”.
قال تشمتشور إن ترامب وفريقه “لا يؤمنون بأن أوكرانيا ستنتصر” ويريدون “إنهاء الحرب بأي ثمن” حتى يتمكنوا من التركيز على مواجهة الصين.
“لا تنازلات”
لم يقدّم دونالد ترامب مطلقاً أي تفاصيل عن نياته لكنه لم يعلن أيضاً رغبه في “انتصار” كييف. كما يُتّهم بأنه معجب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
أوردت وسائل إعلام غربية أن مخططه سيكون ملائماً إلى حد كبير لروسيا، وهو يتضمن نزع السلاح من المنطقة التي تسيطر عليها موسكو حالياً (20% من الأراضي الأوكرانية) من دون استعادة كييف السيطرة عليها، وتخلي أوكرانيا عن عزمها على الانضمام إلى الناتو، وهو أمر يريده الكرملين.
واعتبر تشمتشور أن مشروعاً مماثلاً سيكون “كارثياً” لأن روسيا ستكون قادرة بعد ذلك على إعادة بناء جيشها وتكرار الهجوم “لتدمير أوكرانيا”.
من جهته، استبعد الرئيس فولوديمير زيلينسكي تنازل أوكرانيا عن أراض وأكد أن “أوكرانيا لن تعترف بهذه الأراضي (على أنها روسية) مهما حدث وأياً كان الفائز (في الانتخابات الرئاسية) في الولايات المتحدة”. لكنه أقر بأنه إذا خفضت واشنطن دعمها، ستكون موسكو قادرة على “احتلال المزيد من الأراضي”.
غير أن مسؤولاً كبيراً في الرئاسة الأوكرانية أكد لوكالة “فرانس برس” أن لقاء زيلينسكي وترامب الذي عقد في سبتمبر في الولايات المتحدة كان “جيداً جداً”. واعتبر هذا المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه أن “ترامب لن يرغب بالتأكيد في أن يكون الرجل الذي خسرت معه أميركا أمام بوتين”، مؤكداً أن أوكرانيا “تعمل” على إقامة علاقات جيدة مع الفائز في الانتخابات، سواء كامالا هاريس أو دونالد ترامب.
وتأتي الانتخابات الأميركية في وقت حرج بالنسبة إلى كييف. فقد سيطر الجيش الروسي على 478 كيلومتراً مربعاً من الأراضي الأوكرانية في أكتوبر، محققاً تقدماً قياسياً لشهر منذ مارس 2022 مع اندلاع الحرب، وفق تحليل أجرته وكالة “فرانس برس” لبيانات المعهد الأميركي لدراسة الحرب.
وفي منطقة دونيتسك حيث يقع ثلثا هذه المساحة، قال السيرجنت الأوكراني سيرغي لوكالة “فرانس برس”: “لا يهمني من سيفوز. المهم هو أن تواصل الولايات المتحدة مساعدتنا”، معترفاً في الوقت نفسه بأن فوز الجمهوريين “قد يكون كارثة”.
فقد تسبب منع الجمهوريين إرسال مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا أواخر العام 2023 ومطلع العام 2024، بإجبار القوات الأوكرانية على تقنين القذائف ما سمح لروسيا بتعزيز تمركزها
من جهته، قال بوغدان، وهو جندي شاب يقاتل في دونيتسك أيضاً، إنه يتمسك بالأمل، معتبراً أن ترامب “يرغب.. في إظهار قوة أميركا وعزيمتها وقدراتها”.
كذلك، قال روديون، وهو جندي آخر يقاتل في مدينة خاركيف في شمال شرقي البلاد “أنا أعلم أنهم (الأميركيون) لن يخونوننا” متعهّداً القتال “حتى النهاية، حتى النصر”.