في نهاية السبعينات مع وصول الخميني الى السلطة في إيران، نصّب نفسه المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، وأصبح هو الولي الفقيه نائب المهدي المنتظر على الأرض، من دون أي مسوغ قانوني يسمح له بذلك، علماً أن الغيبة الكبرى، بدأت بوفاة نائب المهدي الأخير علي السمري سنة 329 هجري حيث توقفت النيابة وخرجت رسالة من الإمام المهدي على الناس أنه لن يكون هناك نائباً مباشراً عنه.
بعد أن أحكم حزب الله سيطرته على الدولة اللبنانية، أصبح شائعاً إطلاق لقب مرشد الجمهورية اللبنانية على السيد نصرالله، في دلالة على تحكمه بقرارات مجلس الوزراء ومجلس النواب ورئاسة الجمهورية، خصوصاً في ما سمي بالعهد الفائت البائد، وفي الحالات التي كان فيها التحكم متعذراً، كان اللجوء الى التعطيل سيد الموقف.
ما نتج عن تربية هذه المدرسة في نفوس التلاميذ المؤدلجين والمعبئين دينياً وعقائدياً وسياسياً وتطرفياً… وبالرغم من أنه كان ظاهراً من قبل، إلا أنه لم يكن بهذه الحدية وهذه الوقاحة وهذا الإستخفاف بعقول الآخرين، والأهم، الإستخفاف بأمن أهلهم وناسهم قبل كل شيء.
كل يوم تخرج علينا أبواق ذاك المرشد لتهدد وتتوعد بالقصاص والإنتقام وقلع الأعين… وصولاً الى القتل.
يعرف هؤلاء التافهون جيداً أن معظم أهل بيئتهم لجأوا الى مناطق أخصامهم وتم إستقبالهم كأهل وإخوة في أكثر البيئات التي تخاصمهم سياسياً، لكن الشرف والكرامة التي يختزنها هؤلاء الشرفاء والتي تحتم عليهم التعامل بهذه الطريقة من دون أي منة على أحد، لا تعرف منها تلك الأبواق لا ذرة من الشرف ولا خرقة عتيقة من الكرامة، بل حقد وإستعلاء وإستكبار ودناءة… وقلة أخلاق.
الجميل بكل هذه المشهدية، أن معظم اللبنانيين الذين ينهمكون في تأمين إحيتاجات إخوانهم في الوطن من مأكل ومشرب وكل المستلزمات الأخرى، لا يسمعون وإذا سمعوا لا يعبرون تلك الأبواق الصفراء، فمهمتهم الإنسانية أسمى بكثير من أن يتلهوا بالعفن والنتانة التي تخرج من تلك الأبواق المريضة السقيمة.
بالفعل لم يصل أحد بعد الى هذا الدرك من الإنحطاط والهمجية والجهل الذي يمنع هؤلاء من التفكير بالعواقب التي يمكن أن تنتج عن تهديداتهم المعيبة للذين بالذات، لا يعرف أهلهم المهجرين كيف يردون الجميل لهم، وقد صرحوا بذلك علنية على الشاشات.
في الوقت الذي تصرفه أبواق هيهات منا الذلة على التهديد والوعيد، إستبدل مرشدهم الأعلى من السيد الى ضابط في الجيش الإسرائيلي، يرشدهم الى الأماكن التي يجب أن يخلوها والطرقات التي يجب أن يسلكوها والأماكن التي يجب أن لا يعودوا إليها… في سوريالية لم يشهد التاريخ مثيلاً لها، مع تنفيذ صارم وسريع للأوامر الصادرة بحرفيتها، لكنهم يصرون على إنتصارهم وإنتقامهم من مستقبل أهلهم!!!!
لم تعرف الطائفة الشيعية يوماً أسوأ من هذه المحنة التي سببها أولياء أمرها بقراراتهم الخاطئة المميتة، ولا أسوأ من هكذا زمرة حاقدة جاهلة تتكلم بإسمها.