باتت بوصلة الحرب تحكم قبضتها حول “وجهة لبنان”، فبلد الأرز أصبح معلّقاً بين حرب دموية تفتك بأرضه يومياً نتيجة “أوهام الإسناد” وبين حلولٍ سياسية ودبلوماسية “خامدة” في ظل حراكٍ خالٍ من النتائج. يأتي ذلك وسط استمرار المعارك العنيفة جنوب لبنان واستمرار الاستهدافات الإسرائيلية لمراكز العتاد والترسانة التابعة لـ”الحزب” على الأراضي اللبنانية.
أولاً، على مستوى الحرب الدائرة بين “الحزب” والجيش الإسرائيلي، سعت الأوساط اللبنانية، رسمية وسياسية ودبلوماسية، إلى محاولة استقصاء دوافعها وأهدافها المقبلة، بظل “التهاب” الأجواء اللبنانية بعشرات الغارات الإسرائيلية التي “خالفت” مواقيتها المعتادة مع “دهم” جوّي حربي متجدد للضاحية الجنوبية لبيروت.
هذا العامل كما تكشفه أوساط لبنانية معنية بمراقبة مجريات الحرب، لعب في الأيام الأخيرة دوراً كبيراً في “تطوير” المنحى الجارف في العنف، من خلال تعمّد استهداف تجمعات النازحين في الكثير من المناطق، ما أشعل موجات غير مسبوقة من الذعر في كل المناطق اللبنانية، وذلك سعياً من إسرائيل إلى زيادة منسوب الضغوط على “الحزب” ولبنان إلى الحدود القصوى بهدف طرح شروطها وفرضها في أي مشروع لوقف النار.
الأوساط نفسها لفتت، إلى أن “التصعيد الجنوني أمس لم يكن مجرد مصادفة، بل جاء عشية لقاء البيت الأبيض بين الرئيسين جو بايدن ودونالد ترامب الذي يرجّح أن يطرح خلاله الوضع في غزة ولبنان. وإذا كان بعض المراقبين لم يستبعد تحريكاً جديداً لمهمة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين في قابل الأيام، فإن التصعيد الكبير الذي حصل أمس في لبنان وشمال إسرائيل، لم يكن بعيداً من خلفية هذا الاحتمال، وسط كلام عن بدء إسرائيل بتوسيع عمليتها البرية جنوباً”.
أما على المستوى الدبلوماسي، فلا تزال الأوساط الرسمية تؤكد عدم تبلغ لبنان أي طرح لوقف النار. على هذا المستوى، التقى أمس رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي العائد من الرياض، واطّلع منه على أجواء لقاءاته على هامش القمة العربية الإسلامية.
في السياق ذاته، كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استقبل ميقاتي على هامش أعمال القمة، وشارك في اللقاء وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب. السيسي شدد على “أن الاولوية هي للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على لبنان والتوصل إلى وقف اطلاق النار وتطبيق القرار 1701 كاملاً”.
ميدانياً، بدأ التصعيد الإسرائيلي الحاد والواسع في الضربات الكثيفة على المنطقة الواقعة بين حارة حريك وبئر العبد وحارة حريك والحدث ـ الجاموس، ومنطقة واقعة بين حارة حريك والغبيري. الضربات دمّرت مبانٍ كبيرة، كما استهدفت منطقة الحدث قرب مركز الميكانيك وأخرى في حي الأميركان- الحدث، وطالت الغارات أيضاً الليلكي ومحيط المريجة وأوتوستراد هادي نصرالله.
عدد الضربات بلغ 13 غارة، ثم شن الطيران الحربي الإسرائيلي ضربة على المنطقة الواقعة بين بعلشميه وضهور العبادية، فوق جسر بعلشميه ـ الطريق الدولية في قضاء عاليه.