لماذا يلتقي “الحزب” وإسرائيل على ادانة مذكرة توقيف نتنياهو

حجم الخط

المحكمة الدولية

بعيدًا عن ما قد تحفل به الأيام والأسابيع المقبلة من تطورات قد تحمل انفراجات وربما انفجارات على الساحة اللبنانية والمنطقة، وصولًا الى إيران في الفترة المتبقية من عهد بايدن ومن مهمة هوكشتاين، والتي تسمى وعن حق فترة “البطة العرجاء”، حمل الأسبوع الفائت خبر إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت بالإرتكابات التي حصلت في غزة، ليعد تطورًا قانونيًا جنائيًا دوليًا أجمعت على تأييده “مبدئيًا” كل الأطراف من أقصى الممانعة الى أقصى الدول الأوروبية والغربية وحتى العربية المتهمة بالرجعية المتآمرة المطبعة مع العدو.

من المؤكد والبديهي والموضوعي، أن تقف الولايات المتحدة الأميركية والدولة المُتهمة، موقف الرافض غير الموضوعي، المندد غير المؤيد للإصدارين، وأن تنعت المحكمة المعنية بالتسييس والاستنسابية وغيرها من النعوت.

من المؤكد والبديهي كذلك، أن يكون لبنان دولة، حكومة وشعبًا، على رأس المهتمين المعنيين بهذا الملف، لما ترتكبه إسرائيل بقيادة نتنياهو وبيديه وطيرانه وجيشه بلبنان، وهو ما يساوي ما ارتكبه في غزة، والذي على أساسه صدرت مذكرة توقيفه.

هنا، ومن خارج السياق المتوقع والبديهي وحتى قبل أن يمعن العدو في عدوانه الذي بدأ في 17 و18 و27 أيلول 2024، ومع قبول المحكمة الجنائية الدولية الدعوى التي قدمتها جمهورية جنوب السودان ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية، وبعد قرار مجلس الوزراء بحضور وتوقيع وزراء “الحزب” في 26 نيسان 2024 بتكليف وزارة الخارجية بـ”تقديم إعلان إلى قلم المحكمة الجنائية الدولية، يقبل فيه اختصاص المحكمة في التحقيق في الجرائم التي تدخل في اختصاصها المرتكبة على الأراضي اللبنانية منذ 7 تشرين الأول 2023 وملاحقة مرتكبيها”، قبل كل ذلك، قامت الحكومة نفسها بضغط من وزراء “الحزب” أنفسهم في 28 أيار 2024، بالتراجع عن قرارها القبول بصلاحية المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في “الجرائم” التي يتّهِم لبنان  إسرائيل بارتكابها في الجنوب.

وقد شرحت يومها المفكرة القانونية، وهي منظمة غير حكومية تُعنى بالأبحاث القانونية، أنّ “بعض القوى السياسية الوازنة في مجلس الوزراء، وبشكل خاص الحزب، لم تكن راضية تمامًا عن قرار الحكومة… وأن الهواجس من احتمال استخدام المحكمة الدولية ضد قادة الحزب أو مسؤولين في الدولة اللبنانية، قد غلبت في ميزان الحكومة اللبنانية”.

كما اعتبرت مديرة منظمة “هيومن رايتس ووتش” للشرق الأوسط وشمال أفريقيا يومها لمى فقيه أيضًا “أنّ التراجع عن القرار لا يتناسب وما سمعناه من المسؤولين الحكوميين، عن ضرورة تحقيق المحاسبة”.

ما يبرر إحجام الحكومة و”الحزب” المسيطر وعدم إقدامهما على الخوض في محاسبة إسرائيل على ارتكاباتها في لبنان، يكمن في قناعة “الحزب” الذاتية ومعرفته بنفسه لما يعتمده في إطلاق معارك إسناده ومقاومته وصواريخه الذكية والدقيقة منها والغبية العشوائية، كما يكمن في اقتناعه أن ما سبق ووافق عليه في 26 نيسان 2024 بقبوله “اختصاص المحكمة في التحقيق في الجرائم التي تدخل في اختصاصها المرتكبة على الأراضي اللبنانية منذ 7 تشرين الأول 2023 وملاحقة مرتكبيها”، سيعرضه حتمًا للملاحقة كمرتكب، وللتوقيف كمدان، وهذا ما تأكد بالمذكرة الصادرة بتوقيف قائد حركة ح. وعملية 7 أكتوبر أحمد ضيف والتي أهملت ذكرها وأسقطتها من التداول الممانعة ووسائل إعلامها.

الموقف الاستنسابي غير الموضوعي الذي اتخذته كل من إسرائيل وراعيها الأميركي من مذكرتي التوقيف ومن صلاحية المحكمة المصدرة لها، سبق أن اتخذته الممانعة ودولها ومحورها والدول الراعية له في مذكرات ومحاكمات سابقة. فـ”الحزب” مثلًا الذي تجاهل إدانة قائد حركة ح. في المذكرة الأخيرة، لم يضره على سبيل المثال القبض على سلوبان ميلوسوفيتش ومحاكمته وإدانته من المحكمة الجنائية نفسها في الـ1999، والتي اتهمت يومها من الروس بانصياعها للإملاءات الأميركية، وكان “الحزب” على ما كرره أمينه العام في أكثر من مناسبة، مقاتلًا في المحور الأميركي بوجه الصربي ميلوسوفتتش دفاعًا عن “مسلمي البوسنة”، في حين أن “الحزب” ومحوره انبريا مدافعين أمام مذكرتين مماثلتين في تاريخين لاحقين في 4 آذار 2009 عن الزعيم السوداني عمر البشير، وفي 18 آذار 2023 عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع العلم أن سبب التهم التي على أساسها صدرت مذكرات توقيف بوتين والبشير ونتنياهو والضيف، وحوكم ميلوسوفيتش على أساسها، هي نفسها التي حدت بـ”الحزب” أن يسقط قبول الحكومة باعتماد عدالة المحكمة الجنائية الدولية والتي ما زالت تحدوه على رفض كل المحاكم العامة والخاصة المحلية، العدلية، العسكرية والدولية، متناسيًا متغاضيًا، شأنه شأن الإسرائيلي، عن عدالة السماء.

إقرأ أيضًا

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل