صفقة أو لا صفقة فإن لبنان قد تغيّر

حجم الخط

صحيفة النهار – علي حمادة

 

كل ما يشاع عن وقف قريب لإطلاق النار ليس صحيحاً. ومصدر الضخ الإعلامي الذي ضجّت به الصحف والمواقع والقنوات التلفزيونية هو إسرائيل نفسها التي تروّج وسائلها الإعلامية أخباراً متناقضة، ومعلومات من الصعب أن يكون وقع الاتفاق حولها بين “الحزب” وإسرائيل. ومع ذلك يمكن القول إن الإطار العام للصفقة تحدد ضمن هوامش القرار ١٧٠١. وسوف يكون الأساس هو القرار الأممي المذكور الذي صدر في ١٢ آب ٢٠٠٦، مضافاً إليه بروتوكول جانبي يفصل الإطار التنفيذي لتأمين حسن تطبيق القرار.

 

بمعنى آخر، لن يكون هناك إحياء للقرار كما كان من دون أن يُرفق بخريطة طريق تنفيذية مفصلة تمنع أي مجال للتلاعب إن بالتفسير، أو بالتنفيذ على الأرض. والثابت حتى هذه اللحظة أن منطقة عمليات قوات “اليونيفيل” ستكون منزوعة من السلاح ومن مقاتلي “الحزب” حتى لو لم يحملوا السلاح. كما أن الثابت أن لجنة المراقبة الدولية ستضم فرنسا، لكنها ستكون تحت إشراف أميركي أعلى، أي إن الولايات المتحدة ستكون الطرف الذي يديرها وينسّق عملها، نظراً إلى كون الإسرائيليين لا يثقون بالفرنسيين، ويرفضون أيّ دور قيادي لقوات “اليونيفيل” بناءً على تجربة ثمانية عشر عاماً من المراقبة التي لم تحل دون إقامة “الحزب” قاعدة عسكرية إقليمية الوظيفة على كامل منطقة الجنوب اللبناني.

 

هذه الصفحة طويت إلى غير رجعة. لكن التقديرات المحلية في لبنان تشير إلى أن الحزب سيعمل في اليوم التالي لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، على إعادة بناء نفسه بمعونة الإيرانيين، بدءاً من منطقة شمالي الليطاني والبقاعين الغربي والشمالي، طبعاً دون إغفال الضاحية الجنوبية لبيروت التي ستكون عجلة بنائها مناسبة لبناء قدرات وبنى تحتية عسكرية. هذا إن لم توضع صيغة داخلية لبنانية تنهي مسألة السلاح من خارج الشرعية إلى الأبد. وهذه الصيغة تبدو في متناول اليد استناداً إلى مضمون الصفقة المنتظرة التي ستنص على منع إعادة تسليح “الحزب” أكان عن طرق سوريا أم عبر المرافئ ومطار رفيق الحريري الدولي.

 

فهذا البند المرتبط ببروتوكول تنفيذي يُفترض أنه سينسحب على سلاح “الحزب” بالمجمل حيث سيكون المطروح هو نزع سلاح الحزب إما بتسليمه للجيش اللبناني أو إعادته إلى المصدر أي إلى إيران. ومن هنا من المفترض أن يكون وقف إطلاق النار الذي يناسب “الحزب” مناسبة لمحاسبة ضمنية للكارثة التي استدرجها الحزب مورّطاً لبنان بأسره في حرب خسرها وخسّر فيها لبنان الكثير.

 

إن نجح آموس هوكشتاين في إتمام صفقة وقف إطلاق بالنار فإن لبنان لن يعود كما كان قبل الحرب. فالمسرح الإقليمي تغيّر. ووهم “وحدة الساحات” انتهى، والنفوذ الإيراني سيخضع في المرحلة المقبلة لنتائج المتغيرات التي شهدتها المنطقة. سقط النفوذ الإيراني في غزة مع انهيار حركة “ح”، وسقط جزء كبير من نفوذها في لبنان مع انهيار معادلة ما يسمّى “المقاومة” ومعها كل المعادلات التي تنبثق منها مثل معادلات “توازن الرعب”، و”العبور إلى الجليل”، والأهم من ذلك كله سقوط ادعاء “شرعية السلاح”! لقد انتهى تمدد “الحزب” خارج بيئته اللصيقة وبات منبوذاً في البيئات الأخرى.​

المصدر:
النهار

خبر عاجل