لفت الكثير من المراقبين إلى غياب الأعلام الحزبية، أكان أعلام “الحزب” أو أعلام حركة أمل، إلا في ما ندر، عن مسيرات عودة النازحين إلى قراهم المدمّرة في الجنوب، بعد ساعات من إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”الحزب”، وذلك على عكس ما سُجّل بعد انتهاء حرب تموز العام 2006، حيث لم تكد تخلو سيارة من سيارات النازحين من البيئة الحاضنة العائدين إلى الجنوب من الأعلام الحزبية لـ”الحزب” أو “الحركة”.
المراقبون يشيرون، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أن “ظاهرة غياب الأعلام الحزبية لـ”الحزب” وحركة أمل عن مسيرات العائدين، والتي وثَّقتها كاميرات كل التلفزيونات ووسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية، كانت لافتة بالفعل، وهي تعني الكثير الكثير حيال حقيقة ما يشعر به العائدون من البيئة الحاضنة إلى الجنوب، من خيبة وخذلان وانكسار تجاه “الحزب” خصوصاً، وتدحض كل محاولات الترويج التي بادر “الحزب” إلى شنِّها مباشرة فور الإعلان عن وقف إطلاق النار، ورفعه بروباغندا الانتصار الفاشلة”.
يضيف المراقبون: “كل بروباغندا “الحزب” سقطت أمام الحقيقة الموثَّقة بعدسات التلفزة، وكلام بعض النازحين عن الانتصار أمام بعض الكاميرات التي كانت تمارس الإحراج المباشر عليهم، يتبيَّن عكسه تماماً بعدم إشهارهم الصريح لقناعتهم بالانتصار، من خلال عدم رفع أعلام “الحزب” و”الحركة” بكل افتخار كما فعلوا بعد حرب تموز العام 2006″.
يتابع المراقبون: “هذا الأمر علّق عليه عدد من الناشطين والوجوه الإعلامية الشيعية سواء المعارضة أو المستقلة والتي ليست بالضرورة على عداء مع “الحزب”، إذ اعتبروا أنه لم تلاحظ المشاعر التي سُجّلت العام 2006 لدى البيئة الحاضنة، بحيث كان العائدون يشعرون فعلاً بالانتصار، لكننا اليوم لاحظنا أن وجوههم كانت تحكي عن شيء آخر، ولم يرفعوا الأعلام الحزبية بكل فخر، بل كانوا فقط متلهّفين لرؤية قراهم وبلداتهم بعيداً عن شعارات الانتصار، ما يعكس أيضاً الحالة النفسية الصعبة التي كانوا يعيشونها جرّاء النزوح وما يشعرون به من أنهم زُجّوا في حرب عبثية دمّرت بيوتهم وهجّرتهم ورمتهم في “البهدلة والشحار والتعتير”، فهل كان يجب أن يعيشوا هذا الذل بقرار خاطئ جرّ عليهم الويلات بعدما كانوا يعيشون بكل كرامة في قراهم وبيوتهم؟، وهل كان يجب أن يتهجّروا وتُدمَّر بيوتهم ومن ثم يعودوا ويرفعوا شعارات الانتصار فوق ركام قراهم التي سُوِّيَت بالأرض؟”.
المراقبون يتوقعون أن “الحزب” و”الحركة” سيستدركون هذا الأمر بعدم رفع الأعلام الحزبية في المستقبل خلال مسيرات العودة، بعدما تبيّن أن رفع بعض الأعلام الحزبية عند بعض المفترقات في مناطق معينة من قبل مجموعات تمّ تجهيزها وإعدادها مسبقاً والطلب منها الحديث عن الانتصار عبر التنسيق مع بعض وسائل الإعلام الممانعة، لم يؤدِّ النتيجة المتوخاة من تلك البروباغندا الفاشلة، لأن حقيقة مشاعر العائدين كانت معاكسة لبروباغندا الانتصار الكاذب. بالتالي، ربما نشهد رفع الأعلام الحزبية في مرحلة لاحقة، بعد ضغوط معينة على العائدين الذين لا حول لهم ولا قوة بطبيعة الحال لاعتبارات عدة معروفة، خصوصاً ربما لناحية الخشية من الانتقام منهم في مرحلة إعادة الإعمار التي لا يزال من غير الواضح كيف ستتم”.