خاص ـ “يا زعبرجيي”! (ميشال طوق)

حجم الخط

هذا الوصف الذي أطلقه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في إطلالته الأخيرة التي فنَّد فيها بنود اتفاق وقف النار، يعبِّر بشكل كبير عن حفلة الدجل والزجل من على الشاشات، وهي بديل منمَّق عن الوصف الحقيقي لما يحصل في الواقع، وهو الكذب المباح على كل العالم، وبالأخص، البيئة التي أدخلوها في نكبة لم تعرف لها مثيلاً من قبل.

في الرقص على رائحة الموت والدمار، رأينا البعض مزهواً يحتفل بالانتصار المبين بالهيصة وإطلاق الرصاص والزمامير… في مشاهد صادمة خارجة عن الواقع والمنطق والعقلانية، خصوصاً أنها تحصل على أطلال المنازل المدمرة وعلى الركام الذي لا تزال تفوح منه رائحة الدماء والموت.

نعرف جيداً مأساة أن يترك الإنسان منزله وأرضه وكل ما يملك هرباً من الموت، لا يوازيها إلا فرحة العودة من جديد. لكن الفرحة عند معظم العائدين، تحولت إلى صدمة وخيبة وعيون دامعة من الأسى والصدمة من هول الدمار الذي غيَّر معالم الأحياء والأبنية بالكامل، حيث أن هناك أحياء اختفت بكاملها عن الخريطة.

من يريد أن ينتصر ويفرح، فلينتصر وليفرح قدر ما يريد، علّه بذلك يعوّض ولو قليلاً من الخسائر الفادحة والكبيرة التي أدّت به إلى الموافقة على اتفاق الإذعان والاستسلام، والذي نعتبره استسلاماً للدولة اللبنانية ولمؤسساتها وللشرعية الدولية، ولن ننظر إليه على أنه استسلام للعدو.

أما للمسؤولين عن هذه البيئة المنكوبة، والمفترض بهم ليس فقط أن يبرّروا لماذا تسبّبوا بكل هذه المآسي لبيئتهم ولكل لبنان منذ 8 تشرين الأول 2023، بل أن يبدأوا بتحضير أرضية بيئتهم لتستوعب مفاعيل الاتفاق وبنوده التي سيتم تطبيقها بالكامل. مجبر أخاك لا بطل، لأنه إن عدنا إلى ما قبل هذا الاتفاق من أكذوبة المساندة والمشاغلة، فما سينتج عن ذلك سيكون أقسى بكثير من الذي فُرض علينا اليوم.

هذا الاتفاق لا يشبه ما اتُّفق عليه على طاولة الحوار والذي رميتموه في سلة المهملات، ولا إعلان بعبدا الذي انكرتم توقيعكم عليه قبل صياح الديك، وأيضاً ليس الـ1701 الذي طبقتموه على مزاجكم في السابق. هذا الاتفاق وقّعت عليه الحكومة اللبنانية التي تسيطرون عليها، ووزراؤكم لم يتحفّظوا ولا على أي بند من بنوده، وبإشراف دولي في بنود الاتفاق وفي تطبيقه. بالتالي، وبناءً على موازين القوى على الأرض، لا مجال للتهرّب من تطبيق هذا الاتفاق بكامل بنوده، والتي تنص على بسط سلطة الدولة بالكامل على كل الأراضي اللبنانية، وتفكيك كل البنى التحتية العسكرية خارج الأجهزة العسكرية الشرعية، ومصادرة كل مخازن ومصانع الأسلحة والتي أصبحت كلها بموجب هذا الاتفاق الموافق عليه من الحكومة اللبنانية، أسلحة خارج شرعية الدولة اللبنانية.

فرجاءً، لا تتعاطوا بالخفة ذاتها التي تعاطيتم بها يوم أعلنتم حرب الإسناد والمشاغلة، غير آبهين بالنتائح الوخيمة التي ترتَّبت عليها والتي أدّت بنا إلى ما نحن عليه اليوم، فأوقفوا هذه الزعبرة في تفسيركم الملتوي لما وافقتم عليه بإيعاز وأوامر من وليّكم، فالزعبرة ستؤدي بنا إلى المجهول وستدمّر وتقضي على ما ومن بقي.

فرحمة بناسكم أولاً وبكل لبنان، كونوا صادقين مع أنفسكم ومع شعبكم، علّنا نستطيع جميعاً أن نعيد بناء ما دمرتموه على كافة المستويات… منذ 34 عاماً حتى اليوم.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل