احتفل اللبنانيون أمس الثلاثاء بليلة عيد البربارة، عيد القديسة بربارة ابنة بعلبك اللبنانية والذي يصادف في 4 كانون الأول، على الرغم من كل المآسي والآلام والكوارث والضائقة المعيشية التي يعيشونها في ظل هذه الظروف والأحداث العصيبة. الأطفال كان لهم الحصة الأكبر من عيد البربارة كما في كل عام، فيما الأهل مصرّون بالرغم من كل الأوضاع الاقتصادية والأمنية الراهنة على التمسك بالاحتفال بعيد البربارة، كما غيره من الأعياد، تمسكاً بالأمل والفرح والإيمان والرجاء وإحياء للتراث ونقله من جيل إلى جيل.
في عيد البربارة تنشط الحركة في محلات بيع الأزياء والأقنعة التنكرية المختلفة ومساحيق التمويه للوجوه لزوم إحياء العيد، وتشبُّهاً بالقديسة الشهيدة بربارة، “العظيمة في الشهداء والشهيدات” بحسب تراث الكنيسة الكاثوليكية التي تموّهت وغيّرت لباسها ودهنت وجهها لإخفاء هوّيتها عن حراس أبيها الحاكم الغني الذين كانوا يطاردونها، بعدما هربت من قصرها الفخم وتركت حياة العزّ والجاه والترف لرفضها إنكار إيمانها بالمسيح، قبل أن يتم القبض عليها وتسقط شهيدة على يد والدها بالذات.
معظم محلات الأزياء التنكرية والأقنعة شهدت حركة مقبولة هذه السنة على مشارف عيد البربارة، وفق ما يقول العديد من أصحاب هذه المحلات لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، مشيرين إلى أننا “شهدنا في الأيام السابقة لعيد البربارة إقبالاً من الأهل على شراء الأزياء التنكرية لأولادهم والأقنعة المختلفة التي تعددت بين أبطال الرسوم المتحركة مثل ميكي ماوس أو دونالد داك وتوم وجيري، أو القصص المصورة مثل ووندر وومن وسبايدرمان وسوبرمان وباتمان وفلاش، أو بعض الحيوانات الأليفة مثل الغزال والأرنب والدبدوب والكلب والهر وغيرها، فيما كان بعض الأطفال يبحث عن أقنعة مخيفة أكثر مثل الغوريلا أو الذئب بهيئة متوحشة وما شابه”.
على الرغم من أن زيّ عيد البربارة للأطفال هذه السنة، من نوعية جيدة أو كما يقال “المرتّب”، كان يفوق الـ30 دولاراً تقريباً على الأقل، ما يشكّل عبئاً كبيراً على العائلات التي لديها أكثر من ولد، غير أن أصحاب المحلات يلفتون إلى أن “عيد البربارة هذه السنة كان مختلفاً عن السنوات الماضية، وحركة البيع كانت أفضل، ربما لأن الأهل أصرّوا على الرغم من الضائقة المعيشية والظروف المعروفة، على التعويض للأطفال عن كل هذا الضغط الذي يعيشونه بظل كل ما يحصل”.
هذا الكلام يتطابق مع ما يقوله الكثير من الأهل لموقع “القوات”، إذ يوضحون أن “الطفل لا ذنب له في كل ما يحصل ولا يفهم بأن الأوضاع صعبة “والدني حرب” وما شابه، هو ينتظر عيد البربارة من سنة إلى سنة، ليلبس زيّه التنكري المفضّل ويحتفل ويغنّي مع رفاقه “الهاشلة بربارة والقمح بالكوارة…”. الطفل لا ذنب له ومن حقه أن يفرح، خصوصاً وسط كل المآسي والضغوط التي نعيشها، ومن واجبنا كأهل أن نحاول التعويض بقدر استطاعتنا ونحرم أنفسنا من أشياء كثيرة لأجل أطفالنا، هذا أقل واجبنا”.
أما بالنسبة للأهل الذين يعانون من ظروف صعبة أكثر، فتدبّروا أمورهم بما تيسّر لعدم حرمان الأطفال من الاحتفال بعيد البربارة. منهم مثلاً من قام بحياكة الأزياء التنكرية لأطفالهم في المنزل، أو ألبسوهم ثياب الكبار القديمة أو الرثة، وغطّوا وجوههم بالمناديل والشالات مع دهنها بالفحم أو ببعض الألوان لتمويهها. لا بأس، فمن قال إن الطفل لا يفرح إلا بزيّ بـ30 أو 50 أو 100 دولار؟، المهم زرع روح العيد في خياله ونفسه، فتصبح الأزياء العتيقة أو الممزقة والمهلهلة ومساحيق الفحم والتلوين البسيطة بالنسبة إليه، أشبه برواية من القصص السحرية الخيالية وهو بطلها، ربما يعيش العيد بفرح أكبر”.