تشهد الأحداث المتسارعة في سوريا تطورات دراماتيكية على مختلف الأصعدة، حيث تتسارع المواجهات العسكرية والسياسية، مما ينعكس بشكل مباشر على الوضع الميداني في البلاد وعلى الأمن الإقليمي. في الآونة الأخيرة، حققت “هيئة تحرير الشام” والفصائل المتحالفة معها تقدماً سريعاً، حيث سيطرت على العديد من المدن والبلدات في مناطق شمال ووسط سوريا، بما في ذلك حلب وحماة وريف حمص. الفصائل المسلحة تستعد الآن للتقدم نحو مدينة حمص بشكل كامل، وهو ما من شأنه أن يقطع الطريق بين العاصمة دمشق والساحل السوري.
في هذا المجال، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم السبت أن الفصائل المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام لم تتمكن بعد من دخول مدينة حمص وسط سوريا.
وفي تصريح لمدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ”سكاي نيوز عربية”، أكد أن “هيئة تحرير الشام لم تتقدم حتى الآن إلى داخل المدينة، بل تتمركز في محيطها”، مضيفًا أن الجيش السوري قد انسحب من المدينة ويواصل تمركزه على تخومها.
كما أشار عبد الرحمن إلى أن القوات الجوية الروسية شنت غارة على بلدة الدار الكبيرة الواقعة في محيط حمص. وأوضح أن “هناك فصائل موالية للجيش السوري داخل المدينة”، وأن الأخير قد دفع بتعزيزات ضخمة إلى محيط حمص.
وتزامن ذلك مع إعلان الفصائل المسلحة أنها باتت “على أبواب حمص”، بعد السيطرة على بعض القرى المحيطة بالمدينة، التي تعد ثالث أكبر مدن سوريا.
تقع حمص في قلب سوريا، بين دمشق والساحل السوري الذي يضم قاعدة بحرية روسية في طرطوس وأخرى جوية في حميميم، كما تشكل نقطة وصل رئيسية بين المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة والعاصمة دمشق.
وفي هذا السياق، ذكر تشارلز ليستر، مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط، أنه “إذا سقطت حمص، فإن دمشق ستُفصل عن الساحل، مما يؤدي فعليًا إلى تقسيم ما تبقى تحت سيطرة الحكومة السورية”.
يبلغ عدد سكان حمص أكثر من 1.4 مليون نسمة، وهي تقع على الطريق السريع “إم 5” الذي يربط جنوب البلاد بالشمال، على بعد نحو 40 كيلومترًا من مدينة حماة التي سيطرت عليها الفصائل المسلحة يوم الخميس الماضي.
ومن جانب آخر، ذكر معهد دراسة الحرب في واشنطن أن التقدم السريع للفصائل المسلحة، دون مقاومة تذكر، يتيح لقوات هيئة تحرير الشام الاقتراب من حمص بشكل متسارع.
الجمعة، أعلنت هيئة تحرير الشام أنها سيطرت على بلدتين على بُعد كيلومترات قليلة شمالي حمص، ما يشير إلى تقدمها المستمر نحو المدينة.
أما الجيش السوري فقد نفى انسحاب قواته القريبة من حمص، وأكد في بيان رسمي يوم الجمعة أن قواته “مستعدة تمامًا لمواجهة أي هجوم إرهابي”. كما أعلن الجيش عن تنفيذ عملية عسكرية باتجاه الدار الكبيرة وتلبيسة والرستن في الريف الشمالي، مدعومة من سلاح الجو السوري والروسي، وأشار إلى أن العملية أسفرت عن مقتل العشرات من المسلحين وسط حالة من الذعر والفرار الجماعي بين صفوفهم.