رولان المر.. إبقَ في الضحكة

حجم الخط

 

رفيقي الشهيد… طيب الشهيد كما يقتضي واقع الأمر المرير، رفيقي الشهيد رولان المر، أحيانًا أوجِه الى اللا أحد أسئلة وجودية عبثية، وتبدو الأجوبة عليها مستحيلة. لماذا علينا أن نتلقى دائمًا الضربات تلو الاخرى؟ ولماذا نحن دائمًا المستهدفون؟! ليس سؤالًا لإبراز بأننا دائمًا الضحية، لا تتذمر يا رفيقي الذي لا يعرف سوى الابتسامة العريضة، لا، لا نقبل أساسًا هذا التوصيف الذي فيه ما فيه من ضعف واستهانة، لكن مفارقة الأحداث والمنعطفات في لبنان، تضعنا دائمًا في دائرة الاستهداف! هل لأن “القوات اللبنانية” هي دائمًا أم الصبي والبنت والعيلة والسليلة جمعاء، لذلك نتعرّض للهجومات والاغتيالات والتخوينات وما شابه؟ “استحلوا” غيرنا يا جماعة، ألا يوجد في الساحة سوى “القوات اللبنانية” يا عالم؟!

أسأل ما أسأله لأن قتلوك رفيقي رولان بدم بارد وليس بنيران معادية، والدم البارد ليس بالضرورة عدوًا، إنما قد يكون محسوب علينا صديقًا ولو اختلفنا معه بالرؤيا للأمور، قتلك “الصديق” المفترض وهرب وأنت تلقيت بصدرك ثمن الفوضى والعنجهية والغرور القاتل.

حتى اللحظة، لم يستوعب أهل الاشرفية تحديدًا أن رولان المر رحل، هيك “ببساطة” وبرصاصة مباشرة في القلب الكبير، ابن بولونيا، رئيس مركز كرم الزيتون في حزب “القوات اللبنانية”، قُتل في قلب أشرفيته التي يحب، والذي حوّل مركزه فيها، الى مكان لقاء واهتمام ليس فقط للقواتيين، إنما لأهل الكرم جميعًا من دون استثناء، هيك ببساطة، بلفتة رصاصة صار رولان المر في صيغة الغائب، في إطار صورة ممهورة بعبارة “نحنا جنود الحرية… المسيح قام”، طيب لماذا؟ ما الثمن؟ ما القضية؟ لا يجيب رولان ولن يجيب بعد الآن، وأتصور انه كما العادة يُطلق فوق العنان لضحكاته، هو سيد الابتسامة والأمل كما يقول عنه رفاقه.

“رولان شيخ الاوادم، دائم الابتسامة، كل قعداتنا معو لا يمكن أن تكون روتينية، دائمًا يفاجئنا بالجديد، بيضحكنا، بيهتم فينا من قلب قلبو، ما ممكن حدن ما يحب رولان” يقول عنه بحسرة بالغة صديقه ورفيقه ربيع زيناتي رئيس مركز ساسين.

“أعرفه منذ زمن وترافقنا بالعمل الحزبي منذ سنتين يوم استلمنا المراكز، وكل يوم نلتقي، طيب محب متفاني، كلو طاقة إيجابية يوزعها على من هم حوله، لا يرد طلبًا لأحد، مندفع لقضيته لأبعد الحدود، مسالم مثالي لدرجة كنا نطلق عليه لقب “أبو ملحم”، يحبه الجميع، هو أبو الضحكة، ولم أكن لأتوقع يومًا أن يقتل رولان وبهذه الطريقة”، يقول زيناتي ويروي تفاصيل الدقائق الأخيرة معه: “كنا معًا وبعض الرفاق نشرب القهوة، وصله اتصال من القاتل نفسه أي جوزف منصور، لأنه كان صديقهم جميعًا وعلى تواصل دائم معهم، يجلس معهم ويشربون القهوة، فقرر أن يذهب ليحل الإشكال الذي حصل منذ أيام بين رفاق لنا في القوات وشباب ما يسمى بجنود الرب، ذهبنا ثلاثة رفاق معه لعقد المصالحة وحل الإشكال وسحب فتيل التوتر، ولما وصلنا وجهوا صوبنا الرشاشات وطلبوا دخول رولان فقط، وبلمحة بصر بدأوا بإطلاق النار علينا، اختبأنا قليلًا، ولما قررنا العودة وجدنا رولان على الأرض يسبح بدمائه، نقلناه فورًا الى المستشفى ولم يصمد القلب الكبير الذي فدا الأشرفية بدمائه للأسف للأسف، أنا أعتبر أن دماء رولان حمت الأشرفية لأنه كان من الممكن أن تكون المصيبة أكبر بكثير بعد والا تقتصر على رولان، لولا حكمة الحكيم والرفاق جميعًا، وانشالله دمو ما يروح هدر، لا نريد لرولان الا العدالة، وكلنا تحت سقف القانون. سأفتقدك يا رفيقي الوفي الامين، سأشتاق للضحكة المليانة أمل بلبنان، سنفتقد مسؤولًا قواتيًا شريفًا صديقًا للجميع، أبًا لهم وأخ وصديق ورفيق” يقول ربيع بحزن بالغ.

هل أعجبك كلام ربيع رولان؟ هو يعتبر أن لا كلام يمكن أن يفيك حقك فذهب الى الدمع الصامت حين عجز عن قول المزيد. “فقدت رفيق الدرب وصديق العمر” يقول خليل واكيم، مختار ساسين.

“لا أصدق أني أنعي رفيقي وصديق عمري، رولان كان من أوائل القواتيين، بدأ مشواره النضالي مع البشير وحتى لحظة رحيله، بدأنا معًا في الشرطة المدنية، ثم انتقلنا معًا الى جبهة الأسواق، ولما استلمتُ جهاز الامن، بقي معنا وناضلنا معًا وعبرنا كل المراحل في المقاومة اللبنانية، ولما دخل الحكيم المعتقل، توقف نشاطنا قسرًا لكن بقي رولان مناضلًا في قلب القضية ينتظر الحكيم لأنه كان مؤمنًا انه سيخرج وأن القوات ستعود أقوى مما كانت عليه، وانضم الى العمل الحزبي في منسقيات بيروت، الى حين تعيينه رئيسًا لمركز كرم الزيتون، لم أجد إنسانًا أجمل من قلبه وروحه الطيبة، رولان من الأشخاص المحبوبين جدًا، خدوم معطاء يساعد الجميع، متفائل، هو الوجه المشرق للقواتي الملتزم حتى النهاية… حتى موته” ويتوقف المختار عن الكلام بعدما غلبته الدمعة، “راح تـ يصالح بيقتلوه؟ كنا معًا لما تم استدعاؤه، فذهب ولم يعد، من الثمانينات ونحن نترافق في كل شيء، واكبني خطوة خطوة الى حين وصولي مختار القوات في الاشرفية، رب عيلة محب لأولاده وزوجته، عيلة مسيحية ملتزمة سعيدة دائمًا، يمنحهم جو الفرح والطمأنينة ويضل يقول “شو فيها هالحياة خلينا نضل نضحك” خسرناه، خسرناه والحكي عنو لا يفيه حقه، ولا أستطيع تقبل ما حصل، رجال مليان حيوية وأحلام وأمل ببكرا يخسر حياته لأنه ذهب ليصالح؟ مش مقبول، شو ما حكينا عن رولان قليل جدًا، لكن الأمر الوحيد الذي يمكن أن نفعله لرولان هو تحقيق العدالة، ولولا الالتزام القواتي لكانت الأمور تحولت الى غير مكان تمامًا، المهم أن يأخذ رولان حقه بالقانون. الله معك يا صديقي لن انساك” يقول المختار الذي لم يستوعب حتى اللحظة ما حصل مع صديق عمره.

أرأيت حزن صديقك عليك رولان؟ لم يستوعب الرفاق بعد أنك بالأمس كنت هنا وأن رصاصة غادرة حولتك الى قضية عدالة في سجل “القوات اللبنانية”. طيب هل قرأت رولان ما كتب عنك صديقك المناضل جوزف جبيلي الذي صدمه رحيلك غدرًا؟ سأخبرك…

“بكل حزن وألم بنعي رفيقي رولان المر يلي انقتل غدرًا. مبارح كنا سوا بحيِه المحبب كرم الزيتون، مع كم رفيق قواتي، نضحك ونتذكر أيامنا. ودّعت رولان تـ روح على موعد تاني، وما كنت بعرف إنو هيدا آخر لقاء بيناتنا. ساعة بس بعد ما فلّيت، وصلني الخبر المؤلم بإصابته وبعدين وفاته. رولان رح يبقى بذاكرتي دايمًا بوجهه البشوش وضحكته يلي ما كانت تفارق وجهه. رح نضل نذكره بالتزامه القواتي، وخلقه النظيف والشريف، ومحبتو لرفاقه وحرصه على أهل الأشرفية وخصوصًا أبناء كرم الزيتون. يا رولان رح تبقى حاضر بيناتنا، وذكراك رح تضل نور بقلوبنا. الله يرحمك ويعطي أهلك ورفاقك الصبر والقوة”.

سيخسر المركز سندًا لأهل كرم الزيتون، ستخسر القوات رفيقًا ملتزمًا حتى النهاية، ستخسر العائلة ذاك الأب الحنون الحاضن لابنه وابنته وزوجته، سيخسر المقهى كرسيًا كنت تجلس اليه، وفنجان قهوة ينتظر صاحبه ولا يأتي، وضحكة تملأ المكان من حيويتها، ورجلًا يقول عنه رفاقه إنه “معبي مطرحو” وصار المطرح مليان من الدمع، هي خسارات كثيرة رولان، ولعل المكسب الوحيد أن الدماء التي راحت غدرًا وتركت كل ذاك العبق اللامتناهي، نقلت ضحكتها الى مزود حقير ينتظر شعاع “يللي جايي نور من نور”، ليملأ الارض رجاء مع قيامة الرب الذي لا يملك جنودًا ولا أحزابًا، حسبه سلاح المحبة والغفران، وفي الميلاد سيكون عيدك في تلك الليلة بسماه. إبقَ في الضحكة رولان.

إقرأ أيضًا

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل