الوحوش البشرية!

حجم الخط

كلا، لن نرى هذه الوحوش على محطة “أنيمال بلانيت” أو “ناشيونال جيوغرافيك” ولا أي محطة أخرى متخصصة بالحيوانات والوحوش الضارية المفترسة. مع أن هذه المحطات متخصصة بالحياة البرية المتوحشة، وغالباً ما تعرض كيف تعيش تلك الفئات من الحيوانات على حساب الحيوانات الأخرى، فتصطادها من دون أي شفقة أو رحمة لتؤمن القوت لها ولأولادها.

كل هذه العملية تتم من دون أي تنكيل أو تلذذ بالتعذيب بالرغم من وحشية تلك الحيوانات المفترسة، لأن هدفها الوحيد تأمين الطعام للحفاظ على حياتها فقط لا غير، وليس للتسلية والترفيه.

فالأسد حين يهجم على فريسته بكل شراسته وقوته، غالباً ما يغرز أنيابه في عنقها لتموت على الفور، فيؤمّن قوته وقوت من معه من صغاره لفترة معينة، وتنتهي المهمة عند هذا الحد، وهذا قانون الطبيعة.

مع كل هذه الوحشية، لم نر أسداً يفترس أسداً، ولا نمراً يفترس نمراً، ولا دباً يفترس دباً… بل كل الحيوانات تفترس غالباً من الفئات الأخرى الأضعف، التي تقتات وتعيش على حسابها.

إلا تلك الوحوش البشرية التي شاهدنا قسماً صغيراً جداً من أفعالها ووحشيتها المقيتة الدنيئة السادية المبكية… تتلذذ بتعذيب وإذلال وتهشيم طرائدها من لحمها ودمها، في تفنن بوسائل التعذيب والتقطيع والتكبيس… التي أظهرت تجرد هذه المخلوقات المتوحشة من كل ما يمت الى الإنسانية بصلة، لدرجة أنه من الظلم بحق البشرية أن نحسبهم من البشر، لأنهم فارغون من كل ما يميز الإنسان عن سائر المخلوقات.

لم تشهد البشرية هذا الانحطاط وسفالة الأخلاق والانعدام التام للإنسانية، بهذا الكم الكبير من الفنون القبيحة التي مارسها هذا النظام المجرم بحق شعبه، وبحق اللبنانيين، مع أنه لم يكن قادراً على إظهار كل إبداعات فنونه عندنا، مرغماً، بسبب الحريات الموجودة ولو بحدها الأدنى، وأيضاً بفعل وجود بعثات دبلوماسية وجمعيات أجنبية من دول كثيرة على الأرض اللبنانية.

في هذا السياق، أتذكر جيداً ما فعله جيش المجرم حافظ الأسد بقيادة المجرم علي ديب بعد المجزرة التي ارتكبوها في حق أهالي بلدة القاع العزيزة، وفي طريقهم الى بشري، وعند وصولهم الى منطقة الأرز، خطفوا عدداً من المدنيين العزل من أقاربنا وجيراننا، (عمال ونواطير وتلامذة مدارس)، وهم: ماريا مطانيوس جعجع، أنطوني أسعد كيروز، هاني أسعد كيروز، مطانيوس بوشيبان طوق، عزيز العاصي طوق، باخوس سركيس عبود، جميل الأسطا كيروز ودوري إميل نكد من بقاعكفرا، الذين استشهدوا بتاريخ 28-8-1978، وقد قتلوا بأبشع طرق التعذيب الذي كان بادياً على أجسادهم المشوهة، وكانت أحشاؤهم تتدلى من أجسادهم جراء مرور الدبابات عليها.

بالرغم من بشاعة المجازر التي ارتُكبت بحق كل اللبنانيين، كان هناك لبنانيون يهللون ويطبّلون ويزحفون أمام أولئك المجرمين الجزارين، وباعتراف العديد من صغارهم، وبالرغم من عمالتهم لهم، كانوا يعاملونهم بحقارة تليق بهم، قلّ مثيلها.

لهؤلاء الذين يرتقون الى مرتبة عملاء الوحش الجزار، اخجلوا من تاريخكم واعتذروا من الشعبين السوري واللبناني، لأنكم ساهمتم بشكل كبير في التشجيع على هذه المجازر، لا بل إن بعضكم كان له اليد الطولى في العديد منها، في لبنان، كما في سوريا.

جاء في رسالة القديس بولس الى أهل كورنثوس: أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم؟ إن كان أحد يُفسد هيكل الله فسيُفسده الله، لأن هيكل الله مقدس الذي أنتم هو.

الويل ثم الويل لكم أيها الفاسدون المفسدون الذين عثتم فساداً في البشر والحجر وتجرأتم على إفساد هياكل الله المقدسة.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل