عندما تدق ساعة الحقيقة لـ”الحزب”

حجم الخط

مما لا شك فيه أننا جميعاً فرحون بسقوط نظام الطاغية والإجرام في سوريا، كما أننا كلنا لبنانيين وسوريين فرحون بالصفحة الجديدة التي تفتح في سوريا وتأثيراتها الإيجابية المفترضة على لبنان والمحيط الإقليمي، غير أننا في لبنان ننسى أمراً مهماً جداً، ألا وهو ماذا سيكون موقفنا إن بادرت السلطات السورية الجديدة إلى طلب تسليمها عناصر ومسؤولي “الحزب” الذين ارتكبوا الفظاعات في سوريا حين تدخلوا لصالح النظام البائد؟ ماذا يمكن أن يكون موقف لبنان الرسمي إن أثارت السلطات السورية الجديدة هذه المسألة؟.

“الحزب” يتحمل الفاتورة الباهظة الثمن في سوريا، و”الحزب” هو الذي بدأ استخدام تقيّته المعهودة في مدح السلطة الجديدة في سوريا والحديث عن إمكانية التعاون معها، هذا الحزب نفسه شارك النظام الدموي في سوريا في الذبح والتنكيل بالسوريين وفي الفساد والمخدرات، علماً أن وضع الحزب الداخلي في لبنان ليس بأفضل حال وقد مضى إلى الآن حوالي ثلاثة أسابيع من أصل الـ60 يوماً ولم يتحرك شيء فعلياً، إن على مستوى اللجنة العليا الأميركية الفرنسية، أو على صعيد العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة في الجنوب، أو على مستوى البدء بتفكيك البنى التحتية العسكرية للحزب جنوب الليطاني وشماله في ظل البطء في دخول الجيش اللبناني كافة مناطق الجنوب، والبطء في إحكام السيطرة على كامل المنطقة الجنوبية بقطاعاتها الغربية والوسطى والشرقية.

كل هذا في ظل التذاكي اللبناني الرسمي على المجتمع الدولي والذي يعكس تذاكي “الحزب” في شرح نصوص اتفاق وقف إطلاق النار على مزاجه، وفي ظل عدم تجرؤ لبنان على تقديم شكاوى للجنة العليا ضد الانتهاكات الإسرائيلية اليومية والتي ليست بانتهاكات في المنظار الإسرائيلي، بل ممارسة لحق دفاع كما يقولون، مستفيدين من غياب الجدية العملية في تطبيق مراحل اتفاق وقف إطلاق النار، وكل هذا في ظل بوادر تعثر جلسة 9 كانون الثاني المقبل بعد انكشاف التهريبة الرئاسية التي كان يعمل عليها لإراحة “الحزب” بمرشح غير سيادي.

كثيرون يتخوّفون من أن الحرب الإسرائيلية عائدة إلى لبنان في فصلها الأخير والأكثر دموية، إن استمر “الحزب” في استكباره وعناده، وكل كلام الشيخ نعيم قاسم إما نابع من غباء سياسي، أو من تكبُّر أعمى لا يحسن قراءة التطورات والحالة المزرية التي وصل إليها ما يسمى بمحور المقاومة، ويخطىء من يظن أن إسرائيل انتهت من “الحزب”، فقد وافقت على وقف العمليات العسكرية لكنها لا تزال تخبِّىء المزيد للأسف، وهذا المزيد بدأت ملامحه في الأسبوع الأول من الشهر الحالي أي بسقوط نظام الأسد في سوريا. فبعد 8 لن يكون كما قبل، فالتغيير الكبير في سوريا والمعطوف على القضاء على القيادات الكبيرة في “الحزب” في لبنان وفي طليعتها الأمين العام السابق نصرالله، مؤشرات لا بل إثباتات على المضي قدماً في إنهاء أذرع إيران في المنطقة، واليوم دور الحوثي وبعده العراق وصولاً إلى الرأس، ولا نبالغ إن قلنا إن المرشد الأعلى علي خامنئي قد يلحق يوماً ببشار الأسد هرباً من طهران إذا ما أحكمت إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب خناقها “النووي” عليه وعلى نظامه، بعد أن يكون قد قضي على الحرس الثوري الإيراني الذراع القوي للنظام في المنطقة وايران.

سقطت أسطورة “الحزب” الذي يمكنه إقامة توازن الرعب والردع مع العدو الإسرائيلي، وسقطت بالتالي هيبته كما هيبة إيران، مهما حاول بعض أبواق “الحزب” والمحور نفي هذه الحقيقة، وقد تحدثت وكالة رويترز في إحدى تقاريرها الحديثة عن أن “الحزب” يعلم بضعفه وبأنه لن يستطيع قريباً إعادة بناء ذاته، خصوصاً بعد توقف خط الإمداد السوري إثر سقوط طاغية دمشق واستيلاء الثوار السوريين على السلطة والمعابر.

ذاك “الحزب” الذي اعتبر العام 2006 أنه انتصر ضد العدو الإسرائيلي، والذي اعتبر 7 أيار يوماً مجيداً، والذي تدخل منذ العام 2011 في الحرب الأهلية في سوريا لارتكاب المجازر باسم حماية الأماكن الشيعية المقدسة، وصولاً إلى استعلائه وعنجهيته إزاء اللبنانيين وممارسة فائض قوته عليهم في السياسة والمؤسسات والأمن والقضاء… ها هو اليوم يفقد قياداته الكاريزماتية ويفقد ظهيره السوري وطرق التواصل والإمداد مع ولي نعمته في طهران.

يخطىء من يعتبر أن الزلزال السوري أمر عادي محصور في الزمان والمكان بتأثيراته، ومخطىء من يعتقد أن الزلزال السوري محليّ المصدر… فإن ما حصل في سوريا بدأ يغيّر فعلياً وجه الشرق الأوسط، وأحمد الشرع لم يوقظوه من نومه ذات صباح لتحميله بندقية باتجاه دمشق… المبايعات الإقليمية الدولية فتكت بنظام الاجرام في دمشق لأن سوريا باتت أكبر مصدر خطر على المنطقة بأسرها وكان لا بد من قطع رأس النظام البائد من أجل إنقاذ مخطط الشرق الأوسط الجديد، وقد خرج بشار الأسد من الحكم “جيفة” سياسية ميتة ولن يهرب من مساءلة شعبه والتاريخ… وعلى طريقه “الحزب” إن استمر في غطرسته ولم يقرر العودة للدولة وتسليم سلاحه للدولة.

بقي أمل وحيد للحزب، وهو إذا حاولت طهران التفاوض مع الأميركي على الإبقاء عليه سياسياً ككيان سياسي، الأمر الذي لن يكون ممكناً مع دخول الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى المكتب البيضاوي… وبالتالي قد تلجأ طهران إلى تخفيف الضغط على “الحزب” من خلال فتح جبهة أخرى للمفاوضة… لكن على الأرجح سيكون السيف قد سبق العزل…​

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل