إيران المستبعدة الوحيدة كلياً من سوريا

حجم الخط

صحيفة النهار- روزانا بومنصف

 

حملت زيارة مساعِدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف الى سوريا مجموعة رسائل مهمة لا تقف عند حدود واقع انها امرأة في موقع مسؤول في اهم واقوى دولة في العالم بل هي أيضا من يقوم بمهمة الانفتاح على السلطة الجديدة في سوريا بما يوجه رسالة مهمة حول قدرة المرأة على لعب ادوار مهمة في السلطة على غير ما ذهب اليه احد مساعدي رئيس هيئة تحرير الشام احمد الشرع في سوريا قبيل ساعات من وصول ليف مثيرا انتقادات ومخاوف.

 

الرسالة الابرز التي حملتها هي انفتاح الولايات المتحدة على تنظيم مصنف ارهابيا على اللوائح الاميركية والغاء واشنطن المكافأة المالية المخصصة لمن يدلي بمعلومات تساعد في اعتقاله، فيما رحّبت “بـالرسائل الإيجابية ” التي أعرب عنها خلال المحادثات معه وتضمنت تعهداً بمحاربة الإرهاب. هناك من يفتح هلالين ازاء “الحزب” في ازالة الصفة الارهابية عنه فيما ذهبت سويسرا المحايدة الاسبوع الماضي الى تصنيف الحزب “ارهابيا ” علما ان السؤال يثار ايضاً من باب قتل اسرائيل غالبية ان لم يكن جميع المدرجين من الحزب على اللوائح الاميركية للارهاب او من عليهم عقوبات اميركية بفعل مسؤولياتهم الحاسمة في تفجير السفارة الاميركية في بيروت ومقر مشاة البحرية الاميركية ايضا في العام 1983.

 

هذا الارث الثقيل للحزب يجعل صعبا جدا رؤية مسار مماثل لذلك الذي استهلته واشنطن راهنا مع هيئة تحرير الشام وفي المسار الحربي الذي انتهجه الحزب منذ ما بعد 7 تشرين الاول 2023 بعد مسار سياسي استطاع فيه الحزب ان يطرح نفسه محاورا رئيسيا في موضوع ترسيم الحدود البحرية نتيجة سيطرته على القرار السياسي في لبنان . ولكن الامر يجب او يفترض ان يثير تساؤلات كبيرة باعتبار ان يكون على الطاولة في المرحلة المقبلة اذا استطاع الحزب ان ينتهج سلوكا داخليا غير مرتبط كليا بايران التي تلقت ضربة قوية في سوريا بعد اضطرارها الى الانسحاب كليا من الاراضي السورية او في حال انتقلت ايران الى موقع اخر نتيجة التفاوض مع الولايات المتحدة. فالحزب المرتبط عضويا بايران لا يظهر قدرة على الانفكاك عن طهران لاعتبارات متعددة. ويظهر ذلك بوضوح في الارتباك الذي تعانيه طهران بالذات في استيعاب وتقويم ما حصل في سوريا ومحاولة التأقلم لتقليل الاضرار وحصرها . وهو الارتباك نفسه الذي لا يزال يعكسه الحزب والذي يدفع كثر الى توصيف ادائه بالانكار والمكابرة على رغم ادراكه ان متغيرات كبيرة جدا حصلت ولا يمكن اعادة الامور الى الوراء.

ويعود ذلك الى موافقته على تفكيك كل هيكليته العسكرية وليس فقط انسحاب قواته من جنوب الليطاني فحسب ، وكذلك موافقته على مسار ديبلوماسي يفكك النقاط الخلافية القائمة على الحدود مع اسرائيل ديبلوماسيا وليس عسكريا بالاضافة الى واقع موافقته على بنود الاتفاق الذي اثار تساؤلات وجهها جهات عدة الى الديبلوماسية الاميركية اذا كان الحزب وافق فعلا عن الاتفاق بعد درسه لبنوده لان ذلك لم يكن متوقعا او مرتقبا من جانبه.

احمد الشرع الحاكم الجديد لسوريا والذي يشهد انفتاحا متسارعا عليه اقليميا ودوليا تعمد توجيه رسالة مهمة قالها مسابقا كل الزيارات الاخيرة بما فيها زيارة ليف باعلانه ان اطاحة نظام بشار الاسد نتيجة تقدم فصائل المعارضة وسيطرتها على السلطة اعاد ايران اربعين سنة الى الوراء. الرسالة عدت موجهة ايضا الى الدول العربية والخليجية منها في شكل خاص حول تموضع سوريا والثمن الذي يجب ان تجنيه السلطة الجديدة من ذلك . فيما اعلنت بربارة ليف بعد لقاءاتها في دمشق إنها تتوقع “أن تنهي دمشق تماماً” أي دور لإيران، حليفة الرئيس المخلوع بشار الأسد. وقالت: ” بناء على معطيات اليوم، فإن إيران لن يكون لها أي دور على الإطلاق، ولا ينبغي أن يكون لها أي دور ” في سوريا. وفيما كرر الشرع الموقف نفسه بعبارات اخرى امام الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ووفده المرافق عن دور ايران المزعزع في سوريا ولبنان، كرر المرشد الايراني علي خامنئي موقفا كان قاله بعد ثلاثة ايام من سقوط نظام الاسد وحمل ربما الاشارة السلبية الابرز من الخارج ازاء السلطة الجديدة في سوريا.

 

توقع خامنئي ” أن تظهر ” قوة شريفة في سوريا ” وان “الشباب السوري… يجب أن يقف في وجه المخططين والمنفذين لانعدام الأمن [في سوريا] بإرادة قوية ويتغلب عليهم”. وكان قال إن “المناطق المحتلة في سوريا ستحرر بلا شك من قبل الشباب السوري المتحمس”. مقارنا سوريا بالعراق ما بين 2003 إلى 2011.

 

ليس واضحا اذا كانت ايران تعتزم القيام بتحركات ما من اجل تقويض السلطة الجديدة او التشجيع على تحركات مماثلة في سوريا كما فعلت في العراق الذي ذكره خامنئي في هذا الاطار ام ان الامر يقتصر على واقع ان لا اتصالات بعد بين ايران والقيادة الجديدة في سوريا كما اعترفت الخارجية الايرانية، فيما لا تود ان تكون مستبعدة وخاسرة في سوريا وترغب في استعادة بعض اوراقها المحتملة مجددا ولو بحدها الادنى. ولكن ايران تبدو الوحيدة في هذا الموقع فيما روسيا التي شاركتها دعم نظام بشار الاسد خلال اعوام الحرب هي في موقع اقل عدائية واحراجا منها .

المصدر:
النهار

خبر عاجل