لا يمكن لبعض جهابذة السياسة القول إن “المطلوب رئيس لكل اللبنانيين”، لأننا في مرحلة الفراغ الرئاسي ومرحلة الترشح للرئاسة والمرشحين الرئاسيين، وليس في مرحلة وجود رئيسٍ في قصر بعبدا، ولأن الرئيس هو لكل اللبنانيين وهو رمز وحدة الدولة اصلاً بموجب الدستور اللبناني لا بموجب طلبات وطلبيات من هنا، وتصريحات من هناك، لذلك فالأصح القول “مطلوب مرشّح لكل اللبنانيين”، وليس “رئيس لكل اللبنانيين”.
ولكن مع ذلك لا يمكن ان يكون “المطلوب مرشح لكل اللبنانيين” لأن ذلك يتعارض مع الدستور والديموقراطية والأعراف الميثاقية.
اولاً، بحسب الدستور اللبناني يمكن للمرشح الرئاسي ان يُصبح رئيساً بثلثي اعضاء مجلس النواب في الدورة الأولى وبنصفهم زائد واحد في الدورة الثانية، اي ان المرشح لمنصب الرئيس يمكن من حيث المبدأ الدستوري، ان يصبح رئيساً بتصويت نصف اللبنانيين معه، وعدم تصويت نصفهم الآخر له، لذلك فـ”المسموح بحسب الدستور مرشح لنصف اللبنانيين”.
ثانياً، بحسب النظام الديموقراطي المعمول به في لبنان، لا يمكن لأي مرشح ان يكون رئيساً لكل اللبنانيين قبل انتخابه، وإلاّ انتفت مبررات ديموقراطية النظام وانتفى مبدأ الانتخاب بالأساس، واصبحنا في نظامٍ آحادي كنظام الأسد البائد، الذي يُحتم على كل مرشح لموقع الرئاسة استحصاله مسبقاً على تأييد 100% من الناس، حتى يكون رئيساً عليهم، وعندها يُفترض الغاء المادة 49 من الدستور اللبناني واستبدالها بطاولة حوارٍ رئاسية توصل بنتيجتها المرشح الذي يوافق على رئاسته كل الاطراف اللبنانيين مسبقاً، وعند ذلك يصّح الحديث عن “مرشح لكل اللبنانيين وليس رئيس لكل اللبنانيين”، ولكن قبلاً يُفترض بنا تطبيق هذه القاعدة بالتوازي على موقعي رئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة، عملاً بمقولة “ظلمٌ في السويّة عدلٌ في الرعية”.
ثالثاً، بحسب العرف الميثاقي في لبنان، لا يمكن لأي مرشح ان يكون مرشحاً لكل اللبنانيين بموجب القيد الطائفي، كون الرئاسة مخصصة عرفياً للمسيحيين اساساً وليس للمسلمين، لذلك لا يمكن للمرشح الرئاسي المسيحي الماروني ان يكون مرشحاً ينتمي للطائفة المسيحية والطائفة الاسلامية بنفس الوقت حتى يكون “مرشحاً لكل اللبنانيين”، لذلك فالمرشح الرئاسي يبدأ مرشحاً مسيحياً فقط، ثم يصبح رئيساً مسيحياً لكل اللبنانيين بمجرد انتخابه.
امّا القول إن “المطلوب رئيس لكل اللبنانيين”، فهذا تحصيل حاصل بموجب الدستور، ولا يستدعي كل هذا الاصرار على تكرار تلك العبارة، كما لا يستدعي كل هذه المواقف والخطابات التي تتحدث عن هذا الموضوع لمجرد قطع الطريق على اي مُرشّحٍ رئاسي طرف، حتى لو كان مرشح قوي وسيادي ويُمثّل الغالبية الساحقة من المسيحيين المعنيين اولاً بهذا الموقع. (يُتبع)