آنستي السنة 2025 التي أرغب في أن تكون محترمة ،
لقد توجّهت إليكِ بإضفاء لقب آنسة عليكِ، لا سيّدة، لأنكِ لا زلتِ في مقتبل العمر، حُبلَ بكِ الزمن، لكنكِ لم تتزوّجي، بعد، الأيام، ولم تُنجبي أحداثًا أرجو ألّا “يكونوا” شرّيرين، عاقّين، دمويّين، على غرار أبناء خالَتَيهم القريبتَي العهد، 2023 و 2024. ولا نتّهمهما، ظلمًا، اذا قلنا إنّهما وضعتا لبنان تحت المقصلة، فاغتيل الكيان، وصُعِقَت الهوية، ومُسِخَت السيادة، وجُرّ البلد الى حيث لا يريد أهله، الى ما هو أشدّ قبحًا من جهنّم.
واستنادًا الى لياقة المخاطبة، واقتفاءً بما درج عليه اسلوب التراسل، راجيًا ان تكوني ” محترمة “، فاقتضى التوضيح.
أمّا بعد،
رحم الله ” أبو تمّام ” الذي قال عن تنبّؤات المنجّمين : ” تَخَرّصًا وأحاديثًا مُلَفَّقةً…”. وعلى خُطاه، لن أقترف خطأ تبنّي ما يُسمّى بتوقّعات المُبَرِّجين والضارِبين بالرّمل، والذين يحمّلونك، بالرّغم منكِ، ما لم تتوقّعيه انتِ بالذات. لهؤلاء قولي: يكفي لأي شخص ذي حِجًى ومعلومات، يتمتّع بموهبة التحليل والاستنتاج، ان يصل الى بعضٍ من تَوَقّع المُمكِن. فلن أضيّع وقتي بظهورات المتنطّحين الى التوقّع…
ايتها الآنسة العزيزة،
ولمّا لا يهمّني، في رسالتي، كما الكثير من مواطنِيّ، إلّا لبنان العزّ، قديمه وحاضره، رجاءً، عودي الى خالاتك في خمسينيات وستينيات، والنصف الأول من سبعينيات القرن الماضي، وليتهنّ لم يكنّ مرحومات، فقد عملنَ على تحقيق مشروع قيام دولة قادرة في وطن سيّد، من حق أهله التمتّع بالسلامة والأمن والأمل، والعيش الحرّ، ومن حق البلاد ان يُبسَط سلطان القانون كامل مساحتها، من دون وصاية او انتداب، وان تحظى بنهائية كيانها في مسيرة سرمدية.
أو تفضّلي بالعودة الى غابر أيام خالاتك اللواتي ينتمين الى شعب أبيّ، مقدام، اكتشف قبل الاكتشافات، وسنَّ مبادئ قبل الشرائع، واحترم الحرية، والناسُ أسرى الخوف، وكتب التاريخ، ومصيرُ الشعوب كالِح…
إنهم أجدادنا الفينيقيون، أصل أصلنا، وضعوا المبادئ السبعة في عرين خالتك السنة 3200 قبل الميلاد، والتي ميّزت مجتمعهم بخصائص لا قبلَ لها، وتتجاوز الكثير ممّا يعتمده بعض الشّعوب في يومنا الحاضر.
والمبادئ السبعة التي تجعلنا نفتخر بأننا من أصلِ فينيقيا، هي:
– اعتماد الطرق السلمية في حلّ النّزاعات
– سنّ نظام للتجارة بين الشعوب
– إنشاء شراكة بين الأمم
– التسامح الديني والعقائدي
– احترام المرأة
– المساواة في الحقوق بين الجميع
– احترام الخصوصية الشخصية
إذا أقمنا مقابلة بين هذه المبادئ وما تبنّته جمعية الأمم في وثيقة شرعة الإنسان، بعد الحرب الكونيّة الثانية، لا بدّ من أن نقع على توافقٍ تام، وكأنّ الشرعة استُنبِطَت من المبادئ. ولعلّ عظيمنا شارل مالك الذي دبّج الشّرعة قد اطّلع على مبادئ الفينيقيين، وتأثّر بمضمونها، وهو سليلهم، يشبههم ذكاءً، وفطنةً، وعِلمًا، وتفوّقًا…
آنستي الكريمة،
لديكِ أنموذجان يتماهيان في نشر النظام، والرقيّ، والأمان، وفي رفع اسم لبنان عاليًا، على أنقاض ما تركه، قديمًا وفي واقعنا الحالي، البرابرة ومصّاصو الدّماء، والفاسدون من كلّ نوع، والمستقوون على الشرعية والناس… فاذهبي، رجاءً، ورحمةً بلبنان، الى ما يُريكِ وجدانُك.
ودمتِ…