مَن ما زال يستمع الى تصاريح مسؤولي “الحزب” ونحن منهم مجبرين، بفعل متابعتنا للأوضاع السياسية، يدرك جيداً أن هؤلاء يعيشون في كوكب آخر وفي عصر آخر، منفصلين كلياً عن الواقع في ظاهر كلامهم، لكن في الحقيقة هم يعرفون الواقع جيداً، لكن سرعة سقوطهم من القمة الى القعر جعلتهم في حالة إنكار شديد، من ناحية، والجهاد في سبيل الحفاظ على صورتهم أمام بيئتهم، من ناحية أخرى.
الواقع أن هذا الحزب وافق على كامل بنود إتفاق وقف إطلاق النار تحت ضغط العمليات العسكرية والأمنية التي أدت الى فقدانه معظم مقومات صموده، وبالتالي هو الذي وافق على إعطاء إسرائيل حق ضرب الأهداف التي تراها مشبوهة، أقله حتى إنتهاء مهلة الـ60 يوماً التي نصّ عليها الإتفاق.
بالعودة الى بعض تصاريح مسؤولي الحزب المسلوخة كليا عن الواقع على الأرض، يتكلمون عن الثلاثية المهترئة وحماية لبنان والدفاع عن اللبنانيين ولا بديل عن الميليشيا الضرورة في تحرير الأرض والتصدي وتوازن الرعب… وإلى ما هنالك من هلوسات أصبحت كلياً خارج الإطار الزمني للأحداث، إضافة الى أن هؤلاء يحرصون كل الحرص على إلقاء اللوم على الدولة اللبنانية، أي على الجيش اللبناني، في تلميح لتحميله مسؤولية ما تقوم به إسرائيل على أرض الجنوب، وإظهار عجزه عن الدفاع عن لبنان أمام الإعتداءات الإسرائيلية.
نقول لهؤلاء، وفي إختصار مفيد:
اولاً، وعن ثلاثيتكم المهترئة التي أصلاً لا وجود لها عندكم إلا على الورق، أين كانت هذه الثلاثية عند إعلان حرب الإسناد والمشاغلة؟ هل وضعتم الخطط العسكرية مع الجيش اللبناني وإستفتيتم الشعب اللبناني إن كان يوافق عليها؟؟ هذه النقطة بالذات تلخص كل النفاق الذي يتحكم بأعمالكم منذ بداياتكم حتى اليوم!!
ثانياً، طبلتم آذاننا بأن إسرائيل لم تحتل شبراً واحداً من لبنان وأن ميليشيتكم تصدت لمحاولات تقدمهم على كافة المحاور!! بينما ما زلنا حتى يوم أمس نرى أن هذا العدو الغاشم ما زال يفجر القرى الجنوبية ليدمر الأنفاق التي بنيتموها على مدى عشرات السنين، ويدمر كل ما هو فوق هذه الأنفاق من مبانٍ، ما يفضح الكذب المباح لضرورة الحفاظ على ماء الوجه!
ثالثاً، من الذي يمنعكم اليوم من محاربة الإحتلال؟ لماذا هذا الدجل في التصاريح الطنانة الرنانة وأنتم لا تتجرؤون على إطلاق رصاصة واحدة على الإسرائيلي الذي يسرح ويمرح ويقصف ويدمر ويستهدف… على الأرض اللبنانية التي تدّعون حمايتها؟؟
أما مقولة أن الجيش لا يستطيع مواجهة العدو، فهي مردودة جملة وتفصيلاً على فشلكم المذري في مواجهتكم الفاشلة والفاشلة والفاشلة (1000 مرة)، لهذا العدو.
رابعاً، أين الذي يحمي ويبني ويفرض معادلات توازن الرعب والردع والخوف على العدو؟
ألم يكن الجنوب كله محرراً ولبنان كله آمناً إلا من مخططاتكم الشريرة، قبل حرب النكبة التي قمتم بها؟
أين الكرامة والشرف الذي تتغنون به لتعترفوا بمسؤوليكم أنتم وحدكم على كل الويلات التي وقعت منذ سنة وشهرين حتى اليوم؟
كل ما تفعلونه يدل على جهل وإنكار وعدم مسؤولية وجدية في تحمل نتاج الأعمال التي قمتم بها، وهذا يؤكد على عدم أهليتكم لأن تكونوا في أي موقع مسؤولية عن أي مجموعة ولو حتى فرقة كشافة.
فشلكم الذريع في كل ما لمسته أيديكم يحتم عليكم الإعتذار من الشعب اللبناني وبيئتكم على وجه الخصوص، وبعد الإعتذار، إعتزال التعاطي في الشأن العام وتعريض حياة البشر الى كل المخاطر التي تجذبوها من كل حدب وصوب مثل المغناطيس، الى أن يأتي من بينكم من يخطط ويفكر بمنطق علمي يتماشى مع القرن والواحد والعشرين، بدل منطق العصور المظلمة البائدة الذي لا يؤدي إلا الى المآسي والويلات والنكبات.