مع اقتراب موعد التاسع من كانون الثاني أي موعد انتخاب الرئيس المنتظر، تتصاعد في لبنان اليوم حالة الترقب والتوتر التي تتسع تدريجياً، إذ أصبح هذا التاريخ أشبه بمنعطف مصيري يتحدد من خلاله مستقبل النظام والدستور والمؤسسات في البلاد. بالنظر إلى أن خمسة أيام فقط تفصل عن الجلسة النيابية المقررة يوم الخميس المقبل لانتخاب الرئيس، يسود المشهد السياسي حالة غير مسبوقة من الارتباك والغموض.
تتفاقم المخاوف مع ازدياد احتمال الوصول إلى هذا اليوم بلا أي تغيير في حالة الانقسام والتعقيد السياسي والانتخابي السائدة، ما يثير تساؤلات حول السيناريو الغامض الذي قد تشهده الجلسة. فغياب رؤية واضحة بشأن المرشحين، والداعمين لهم، والتحالفات الحاسمة، يجعل من الصعب تصور مخرج هذه المواجهة السياسية لانتخاب رئيس الجمهورية، وهو المنصب الشاغر منذ سنتين وشهرين.
من هنا، وصل الى بيروت المكلف بملف لبنان في الخارجية السعودية الأمير يزيد بن فرحان، وعاد معه سفير المملكة في لبنان وليد بخاري.
تأتي الزيارة تأكيداً من المملكة على الإلتزام بمساعدة لبنان في مواجهة أزمته الراهنة، فضلاً عن الحد من تبعاتها الإنسانية، وجددت دعم الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز استقرار لبنان وسيادته.
سيكون في اول لقاءاته اليوم، زيارة الى عين التينة، حيث يلتقي الرئيس نبيه بري، المُصرّ على ان تثمر جلسة انتخاب رئيس الخميس، كما سيلتقي قائد الجيش العماد جوزف عون، وعددا من الشخصيات السياسية والنيابية.
رئاسياً، تحدثت مصادر “اللواء” عن استنفار نواب المعارضة خشية حصول ما لم يكن بالحسبان، لجهة عدم تأمين النصاب او تطيير الجلسة اذا ما بدا ان انتخاب الرئيس العتيد، لن يحدث التغير المطلوب لجهة الابتعاد عن المحور الايراني.
كما علمت “اللواء” في هذا الصدد ان الاتصالات قائمة لتشكيل تجمع او مجموعة نيابية وطنية تضم مسلمين ومسيحيين لا النواب السنّة فقط لتكون بمثابة تكتل وطني يُفترض ان يبصر النور قبيل جلسة انتخاب الرئيس، وسيعقد اجتماع لهذا الغرض يوم الاثنين المقبل بين الكتل والنواب المستقلين المعنيين لإستكمال البحث في تشكيل هذه الكتلة.
في السياق، دبّر باسيل “صفقة الشيطان” مع “الثنائي الشيعي”. وستكون هذه الصفقة التي تصاعدت روائحها في الساعات الماضية بمثابة تأكيد المؤكد، ونوع من “تفاهم مار مخايل جديد” يعيد ربط لبنان بمحور الممانعة. وفي الوقت الذي وصل مساء أمس الموفد السعودي الأمير يزيد بن محمد بن فهد الفرحان، ثمة مؤشرات جدية إلى أن هذه الزيارة بحسب جهة مطلعة “مهمة ومفصلية ولا يقلل من مضامينها أن وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان ليس هو الزائر”. وتوافرت معلومات لـ”نداء الوطن” أن الزيارة ستعيد خلط بعض الأوراق التي حاول البعض فرضها من خارج السياق الذي كان يدور بشأن الملف الرئاسي ورئيس يؤمن بالفعل بتطبيق القرار 1701 بكل تفاصيله ويؤمن بأن لبنان انتقل فعلاً لا قولاً و”تورية”، إلى مرحلة جديدة لا مكان فيها للتأثير الإيراني بأي شكل من الأشكال. هذا الكلام يمنح الزيارة أبعاداً سياسية مهمة خصوصاً بعدما توافرت معلومات لـ “نداء الوطن” أن حركة “أمل” و”الحزب” اتفقا مع باسيل على تمرير مرشح في الملف الرئاسي “تهريبة”.
وتلفت هذه الأوساط إلى أن باسيل حاول على امتداد المرحلة التي قاد فيها “الحزب” لبنان إلى الهاوية، منذ فتح “جبهة إسناد” غزة، عدم رفع سقف الاعتراض على هذه الجبهة مكتفياً بكلام إعلامي خلط فيه تأييده للمقاومة بعدم تأييده إشعال “الحزب” الحرب، أي قال الشيء ونقيضه، وطبعاً لم يتحرك سياسياً لا في الداخل ولا في المحافل العربية والدولية لشجب هذه المغامرة القاتلة.
لكن ما هو الأخطر بقرار باسيل عدم مغادرته مرحلة الهيمنة الإيرانية من خلال كلامه المتكرر عن “استراتيجية دفاعية”، والتي تعني ضمناً “ثلاثية جيش شعب ومقاومة”، في وقت دخل لبنان مرحلة مختلفة جذرياً، وتالياً ها هو ينضم إلى قافلة الذين يعيشون حال إنكار سياسي واستراتيجي كبير، محاولاً بشتى الطرق إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.