هكذا ينتخب حزب الدويلة مرشح الدولة

حجم الخط

في غمرة  تمادي “الحزب” في استئساده على من توسل منهم بالأمس القريب القريب ملجأً وملاذًا، وعلى من حضن بيئته وأمّنها مأكلًا ومشربًا ودفئًا وسكنًا وفي أدنى دركات استنعاجه وتراجعاته الدفاعية وصبره التكتيكي والاستراتيجي أمام من قضى على حزبه عتادًا وعديدًا وقياديين وقيادة ومن قوّض بيئته نساء وأطفالًا وأبرياء وبنى تحتية وفوقية واقتصادًا ومعيشة، حاول الحاج وفيق صفا إبراز مخالب “الحزب” التي قلمت لا بل نزعت، مدعيًا قوة وسلطة وحق نقض لم يعط له لا في المنطق ولا في القانون، لا بل انتزع منه مع مخالبه بالقرار الذي فُوّض الأخ الأكبر نبيه بري بالبصم عليه وعاد ووقع عليه وزراء “الحزب” في مرحلة تغييب الحاج وفيق القسري والذي على ما تبدّى، كان غيابًا وانقطاعًا عن المستجدات والتطورات، وإذ به يستعيد مشهد العدلية بإقراره بتهديد القضاة والقضاء لإطلاق الناشطات وتهديد المطار وأمنه واللبنانيين بنفس العبارة التي استعملها مع القاضي بيطار مهددًا بـ”قبعه” من خارج القانون، “واصلة معنا منك للمنخار”. وقمة الاستئساد على اللبنانيين مقابل الاستنعاج أمام الإسرائيليين تجلى بانتحال واحتلال مقعد دولة من الدول العظمى الخمس في مجلس الأمن واستعماله “المزور” والذي هو حق النقض الفيتو على سمير جعجع المرشح الطبيعي لرئاسة الجمهورية، وقد أثبت صفا بالفيتو عليه أنه سيادي حرّ ورجل دولة في وجه الدويلة وأثبتت صناديق الاقتراع انه صاحب التمثيل الأعلى في طائفته وأن كتلته المسيحية هي الأكبر في المجلس النيابي.

من المفيد لفت نظر من لم يقرأ كيف وقّع حزبه ووزراؤه على نزع مخالبه، أن حق النقض أو حق الاعتراض بالإنكليزية: veto الفيتو وهي كلمة لاتينية تعني “أنا أمنع”… ومثاله التطبيقي الحقيقي لا التوهمي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إذ يمكن لأعضائه الدائمين، الصين و‌فرنسا و‌روسيا و‌المملكة المتحدة و‌الولايات المتحدة أن يحجبوا أي قرار باستعمال هذا الحق المعطى لهم كون تلك الدول “قوى دولية عظمى” ذات سلطة وتأثير ونفوذ سياسي اقتصادي عسكري وحتى ثقافي… وطبعًا هذا الحق لم يعط لـ”الحزب” في أوج قوته ولن يعطى له على الأكيد في وضعه الحالي الذي وضع نفسه فيه.

أما توصيف صفا وحزبه للدكتور سمير جعجع في 5 كانون الثاني 2025 والذي على أساسه ادعى حق النقض أو المنع من الترشح فالانتخاب: “ليس لدينا فيتو على قائد الجيش، والفيتو الوحيد بالنسبة لنا هو على رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع لأنه مشروع فتنة وتدميري في البلد”، وفي ما سبق للثنائي الشيعي أن سرّبه في 4 من الحالي، على أن الإسم الوحيد الذي نرفض مناقشته للرئاسة هو جعجع فهو يولّد الأزمات ولا يحفظ التوازنات ولا يحوز حتى على شبه إجماع”، هذا الجو يعيدنا بالذاكرة وبالوقائع الى تاريخ 6 تشرين الثاني 1989 حين قال الأمين العام الراحل لـ”الحزب” نصرالله عن مرشحه اللاحق العماد ميشال عون، بمثل ما قاله “الحزب” عن المرشح “الممنوع” سمير جعجع وأكثر: “اما أن ميشال عون مشكلة فلأنه حالة إسرائيلية صدامية تدميرية ولا يرى الا مصالحه الشخصية ومصالح طائفته فهو النهج الماروني العنصري في الشرقية”، ليبيّن كشف الحقائق والوقائع لاحقًا أن التواصل والعلاقة بين “الحزب” و”الحالة الإسرائيلية التدميرية العنصرية الطائفية” لم تنقطع يومًا، إذ يقول النائب السابق في كتلة الوفاء للمقاومة نواف الموسوي لتلفزيون “otv” في 24 تموز 2018‏: “ليس مفاجأة إن أفصحت أنّ تواصلنا مع العماد عون لم ينقطع منذ 1989″، ليعود الموسوي ويؤكد على هذا التواصل “غير المنقطع”  في 21 نيسان 2024 لتلفزيون “الجديد”، مضيفًا انه “كان مكلفًا رسميًا من الحزب منذ 1989 بالتنسيق مع ميشال عون وانه بعد عملية 13 تشرين، قام بالتواصل مع جماعة عون محاولًا تغطيتهم”… كذلك من الضروري الاشارة الى ما كشفه نصرالله في تاريخ 25 أيار 2009 عن التحالف الثنائي بين عون “المتضرر” من الحلف الرباعي (أمل ـ الحزب ـ الاشتراكي ـ المستقبل) والحزب في مناطق جبـيل – كسروان، زحله والشمال، في انتخابات 2005 والذي خاضها “التيار الوطني الحر” ببرنامج انتخابي بكتاب برتقالي يطالب بنزع سلاح “الحزب”.

وطبعًا غني عن التذكير ما قاله نواف الموسوي ومن تحت قبة البرلمان عن أن بندقية “الحزب” هي من أوصلت من وصفه نصرالله “بالتدميري والاسرائيلي” الى قصر بعبدا.

كذلك يعيدنا تهديد صفا الى الصواريخ ـ الرسائل التي أطلقت على بعبدا ومحيطها في عهد الرئيس ميشال سليمان في تاريخي 21 تموز و 1 آب 2013 ردًا على مواقف الرئيس السيادية ضد “الحزب” وسلاحه وضد توريط اللبنانيين بحروب المنطقة.

لقد غاب عن صفا أن الثنائي الشيعي قبل ما جرى في لبنان وسوريا كان مصرًا ملحًا متمسكًا بسليمان فرنجية رئيسًا للجمهورية، وكان يفرض طاولة الحوار مؤسسة بديلة عن مجلس النواب ممرًا إلزاميًا تحايليًا لانتخاب مرشحه حصرًا، وغاب عنه في غيابه أن الرئيس بري تراجع أثناء الحرب عن الحوار وعن مرشح التحدي، داعيًا لرئيس توافقي وبجلسة بدورات متتالية وهذا ما كان الثنائي يرفضه في زهو فائض قوته…

يبدو أن صفا وحزبه المتخلي عن مخالبه أمام العدو الحقيقي والمصر على “مشروعه” ودويلته بوجه مرشح الدولة السيدة الحرة المستقلة، ما زال حالمًا ساعيًا الى النموذج الإيراني في “فرض” الرئيس بشكل لا ديمقراطي، وفي هذا يقول نصرالله في 29 كانون الثاني 2016: “يا ليت تصبح طاولة الحوار كهيئة مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران”.

إقرأ أيضًا

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل