حكيم

حجم الخط

حكيم

كيوم أمس العابر في عين الرب، إنَّ خمسين سنة من عمري قد شهِدَت عليَّ منتسبًا إلى رهبانية “القوات اللبنانية” منذ ابتدأت بأساكيمها الزيتية وبدأت معجزة صمود الوطن وبقائه تستشفع جراح وأرواح ناذريها، وطوال هذه الخمسين من سنين عيشي ديرية الرهبانية في “القوات اللبنانية” ومن بين كلِّ رتبِها ومراتبها، لم أطمح إلاَّ إلى رتبة ومرتبة رهبانها الفلاَّحين، والفلاَّحون هم الأدرى بأنَّ الأغراس تنمو وترتفع من دون جلبةٍ وإقلاق راحة وضجيج!

لست عضوًا داخل المجلس السياسي ولا داخل المجلس المركزي ولا في الهيئة التنفيذية، كما لم أكن يومًا ذا شأنٍ لا في إدراتها وأجهزتها، لكنَّ التمرُّس عشرات السنوات في مكالمة التراب كلام واضعي اليد على المحراث والعين تشق أتلام التراب قبل السِّكة، يقرِّب هؤلاء المتمرِّسين من مراصد الروح راعيَ جهل الجَّاهلين وإنعاماتِه الشَّاملة بساطة البسطاء !!

 

قائدي

سمير جعجع رأسًا استثنائيًا لزاوية وطن تحيط به الانهيارات وتُحدق به فوهات البراكين وتعدد مقاييس الزلازل، وهل من غرابة إن وجَّه لبنان السؤال الوجودي الوجداني: أليس هذا اليوم الذي يصنعه الرب لي ولشعبي؟؟…

جمهورية سمير جعجع إنَّه يوم أيام المنتظرين في ظلال الموت، تدحرج الحجر المتلبِّد وانتقلت الجبال بإيمانٍ يوازي حبة خردل وحفرها بزردة مبخرة بطريرك ثورة الأرز! سمير لجمهورية لبنانية الانتماء التام إليها “نَعَم نَعَم أو لا لا وكل ما زاد على ذلك فهو من مئة شرير وشرير” وويل لبلادٍ بعض أبنائها لهم فيها هويَّة وليس لها في عقولهم وقلوبهم هوى !!

 

يا رفيق الرفاق

أنتَ المؤمن المثال بأن الرَّب الثالوث هو الفاعل الأول والأخير في أقانيم البشرية والإنسانية والأحداث وإيمانُك البليغ أدخلكَ ذات نيسانٍ وتناسٍ بابًا أسودَ الطَّلاء اسوداد ضمائر جلاّدي الأرواح المتمردة، وشعائر الحاكمين بأمر العدل الأعزل من الحق والحقيقة: “الله ليس موجودًا هنا”!

من أيام تخلِّيك عن لقب طبيب وأنتَ رافضٌ مساندة اسمك بألقاب تتزلًّم له وتواكبه وتستدرج له أيادي التصفيق وحناجر التهييص ولكنَّ الوقائع غير المتوقَّعة تتوالى، والأنظمة الأزلية الأبدية تتحلَّل تحلُّلَ الجثث وذوي العِصمةِ المرهوبين تتناثر كالركام عصمتُهم، والطوائف تكسر قواعد التورية والتَّقية ومن دون أدنى مواربةٍ وتشذيب كلامٍ تجاهر كلٌّ منها بعودة عقائدها إلى أصولها كما تطالب أن تكون منطقة الشرق الأوسط مناطقًا مفروزة الأمكنة للحارات والحُرمات والخصوصيات…

وها هي الحقائق الجَّلية البيِّنة الدامغة تعلنُ اسمكَ يا حكيم عنوانًا متوسِّطيًا وحيدًا يرشِّحه ثبات الوجود المسيحي الشرق أوسطي !!

بعتَ رداءك واشتريت سيفًا

ما أقرب خطاياكَ وآثامكَ وذنوبكَ إلى خطايا وآثام وذنوب معلِّمكَ وهو ينذر ويحذِّر: “ما جئت ألقي في الأرض سلامًا، بل نارًا وسيفًا، ومَن ليس معه سيف فليبع رداءه ويشتري بثمنه سيفًا”… وكان رداء الطَّبيب هو ثمن هذا السَّيف.

أليست قدوسةٌ تلك النار وهي تحرق كل استسلامٍ مموهٍ بالسلام. أليس مبارك السيف إن لم يبقَ غيره رادعًا الذئاب الخاطفة المتستِّرة بصوف الحملان. أليس المقاتل طوباويًا والقتال فضيلة الفضائل أيام يستبيح الغزاة جوهر توصية: “مَن ضربكَ على خدِّك الأيمن فدر له الأيسر”…  وكم استغلَّ الطّغاة مكرمة هذا المأثورة وحوَّلوا هذه الآية الإنجيلية متراسًا ينزلون من خلفه الموت والخراب إلى المأمورين أن “يحبَّوا أعداءهم ويحسنوا إلى مبغضيهم” والأعداء المبغضون ومن بين جميع الآلهة المفروزين للعبادة رفضوا التعبد إلاَّ للإله “مارس” صنم الحروب والسَّحل والإبادة وتطهير الأعراق من عِرقها العريق. مقايضة بدلة الطبيب بسيف المقاتل من يدرك أثمانها ومثمَّناتها مثلما يدركها المؤمن بتوأمة حارات بيت لحم بحارات مثيلاتها اللبنانية وحراستهما معًا من المدجَّجين بأخلاقيات أوباش هيرودس وحثالته، وقد حان لراحيل الشرق أن تستريح من عويل تفجُّعها على بنيها هذا التفجُّع المتمادي في كثرة ظروف الزمان والمكان… يوسف بن يعقوب يا أبن فريد الآباء ومريم الأمهات قد سبقك في استجابته لصوت الرب الآب: “قم خذ الصبي وأمه إلى مصر فإنَّ الطاغية مزمعٌ على قتله”… ويوسف البار الذي هو أول المفتتحين مآسي دروب التهجير والمهجَّرين  قد سبقك بـ1978 سنة بنيلِه جائزة لقب “صاحب الأقدام التَّهجيرية ” التي أتحفه بها مهرِّجو الأصوات “التجعيرية” ودام التهريج والتَّجعير في ديارهم دوام السَّوس في أخلاقهم!

سمير فريد ملحم جعجع إنَّك المرشَّح البطريركي الألمع وأمَّة أنطاكيا وسائر المشرق ستستمر في ترشيحك إلى رتبة قيادة لبناننا، نسير معك إلى جبهة القتال الخلاصي القيامين تواكبنا و تحرسنا بركة تلك الطَّابية البطرسية الريفونيَّة القاديشية الأنطاكية، طابيَّة: “نحن الذين لجأنا إلى المغاور والكهوف طوال مئات السنين دفاعًا وصونًا لوديعة الأيمان والحرية”!!

 

الأمر لك

ساحة النًّجمة والمُنجِّمين نهار 9 كانون الثاني 2025 ومنذ تعيير منبِّه ساعتِه تظهر فيه للعيان عوارض أشباح المماليك  وطفرات فطريات العثمانيين، وجِنحة ظلام زمن أبوات مسحِ جونية طريقًا وممرًا إلى القدس… وها هو صرحُ المعطى لهم مجد لبنان يحنُّ إلى رمح دانيال الحدشيتيّ، ورعاية أرميا الدملصاوي وشهادة جبرائيل الحجولاوي… أمَّا آباء رهبانية المقاومة اللبنانية إفرام جعجع البشراوي والثالوث التنوري أغناطيوس داغر ومرتينوس طربيه ويوسف طربيه وبعدهم شربل القسيس القرطباوي وبولس نعمان العين ترازي، فهم اليوم في ذمة صاحب كلمة الحصن المسيحاني الأمنع: “لا تخف أيها القطيع الصَّغير” والبركة في دير مار شليطا القطارة ووصية راهبه الحرديني: “الشَّاطر لبخلِّص لبنان” وهو الأدرى بأننا في ذروة أيامنا البائسة !!

 

حيث لا يجرؤ غيركَ

ساحة نجمة 9 كانون الثاني 2025 ما أشبهها بتلال بلاَّ وديرونا 15 نوار 1977… ما أقربها إلى كنيسة ومدرسة وحارات وحفافي قنات 12 شباط 1980… والطريق إلى صندوق الاقتراع الحائر بين الكانوني والقانوني يلزمها أمثال رجالٍ عبروا بصناديق الذخيرة في ممرات الثلج والجليد والصّقيع والضباب بين صنين وزحلة 2 نيسان 1981، فالاعتماد على همم سعادة ذوي الاعتدال من منظِّرين و”مبشِّطين “كاعتماد العطاشى على حاملي الماء في السِّلال، وإنَّ عديدًا من هؤلاء السعادات بعضهم نطَّ إلى قاعة النمر الزرقاء من هوسة ثورة الوتساب وبعضهم فاز بفعائل السلاح المصوَّب على العدو الغاشم، والصَّح الصَّحيح يجزم بأنهم نوع تشريعي اقتراعيِّ من أنواح السِّلاح المتفلِّت !!

 

9 كانون الثاني 2025

لأنَّ كثيرًا من نجوم ساحة النجمة مرتبطين خلقيًا بساحات تتمدد بين الشرق الأوسط وأوروبا وأميركا، ولأنَّ المعلم جزم بأنَّه “لا ينبت من العوسج عنبًا” فحقول السلطة التشريعية لا يعوزها كي “تثمر  ثمارًا صالحةً تليق بالتوبة” عن الاقتراع على قميص الوطن المصلوب والشعب المسلوب، فإنَّ لك يا حكيم مهمة حراسة موعد الإيمان السَّاطع والرجاء الصّالح كما في عهدتِك أمانة حراستكَ ولو وحيدًا لساحة ثورة وثوار الأرز !!!

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل