تستحوذ جلسة غد الخميس لانتخاب رئيس جديد للجمهورية إنهاءً لشغور طويل الأنظار، إذ شهدت الأيام الأخيرة حركة نشطة على الخطّ ومعه البحث الدائر للتوصل إلى اسم يقطع الطريق على وصول أي مرشح من فلك الممانعة وإنقاذ الجلسة. ومع الزخم المرافق لجلسة الخميس، وصل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لو دريان إلى بيروت لحضورها بناءً على الدعوة التي وجهها رئيس البرلمان نبيه بري. غير أن الصورة والمشهدية الأهم والأبرز كانت من معراب، إذ ضيّق رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الخناق على محور التعطيل، مفكِّكاً ألغامها سعياً لمحاولة قطع الطريق أمام مرشح من نسيجها أو أي محاولة من طرف المحور لإسقاط انتخاب العماد عون. علماً، أن اسم الوزير السابق جهاد أزعور قد يشكّل المفاجأة الكبرى في حال تعذّر الوصول إلى انتخاب عون.
على خطّ آخر، كلام لافت رشح عن أروقة لقاءات الموفد الأميركي آموس هوكشتاين الذي أكد أن لا عودة إلى الوراء في لبنان واتفاق وقف إطلاق النار وُجد لينفّذ، فيما لم يخلُ الكلام من تجديد الدعم الدولي لقائد الجيش العماد جوزيف عون.
في تفاصيل المشهد السياسي، كشف رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع لعبة الممانعة فضيَّق الخناق عليها، وتحدّاها أن تعلن موقفاً إيجابياً من العماد عون، وما لم تفعل، فستكون هي مَن أسقطت خيار انتخاب عون، وعندها ماذا يعود ينفع أن تؤيده المعارضة؟، وهل هذا التأييد كافٍ لإيصاله؟.
مصادر مطلعة قالت لـ”نداء الوطن”، إنه بمجرد أن تتجه المعارضة السيادية إلى التقاطع على اسمَي جهاد ازعور أو زياد حايك، فهذا يعني حكماً أن الدكتور جعجع غير مرشَّح، وعد الترشيح يهدف إلى فكفكة الألغام أمام الاستحقاق برمّته، إن للإبقاء على حظوظ عون، أو لمنع وصول “مرشح الممانعة” تحت تسميات مزيفة، لن تحجب خضوعه لاحقاً لمن أوصله.
كما علمت “نداء الوطن”، أن اتفاقاً ضمنياً حصل بين المعارضة السيادية وكتل “الاعتدال الوطني” و”اللقاء الديمقراطي” ونواب مستقلين وتغييريين وحتى كتلة “الوفاق الوطني” ومجموعات أخرى، ويتضمن هذا الاتفاق التصويت لمصلحة قائد الجيش في الدورة الأولى، أما بالنسبة لكيفية التعامل مع الدورة الثانية في حال لم يفز عون من الدورة الأولى، فهذا سيتقرر خلال اجتماعات مكوكية ستعقد اليوم بين جميع هذه المكونات حيث ستوضع جميع الاحتمالات على الطاولة. لكن الأكيد أن المعارضة ستنزل إلى الجلسة بكامل جهوزيتها ولن تسمح بحصول مفاجآت تعيد عقارب الساعة إلى الوراء.
في السياق عينه، أشارت مصادر سياسية مطلعة عبر لـ”اللواء”، إلى أن الساعات الفاصلة عن جلسة التاسع من كانون الثاني المقبل، مقبلة على سيل من الاتصالات بهدف ترتيب موقف الكتل النيابية بشكل نهائي في ما خص التصويت، مع العلم أن بعضها تمسك بثابتة عدم تعديل الدستور لمصلحة أي شخصية.
إلى ذلك، رأت المصادر أن هناك عملية خلط أوراق مرتقبة ووقائع قد تقلب أي معطيات برزت أخيراً على الساحة الرئاسية، ما قد يجعل أسماء محددة متقدمة على ما عداها ، كما أن هناك محاولات تجري لإقناع نواب بالسير بأحد الأسماء، في حين تبقى معادلة وصول رئيس يحظى بارتياح محلي وعربي ودولي هي من تتحكم بالمشهد الكامل.
كما أوضحت أن النواب بدأوا باحتساب البوانتاج ويترقبون إعلان الترشيحات لاستكمال رسم النتائج، مشيرة إلى أن الجميع يدرك أن هذه الجلسة مصيرية وإنجاز الاستحقاق هو تحد بحد ذاته، داعية إلى انتظار التطور كل دقيقة بدقيقتها وصولا إلى يوم الخميس.
على خطّ زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، علمت “اللواء” من مصادر المجتمعين أن هوكشتاين أبلغ النواب أن الإدارة الأميركية مصمّمة على استتباب الأمن في جنوب لبنان. كما شدد على أن هذا مطلب إدارة الرئيس دونالد ترامب أيضا التي تتسلم السلطة في 20 من الشهر الجاري. فيما كشفت المعلومات أن الموفد الأميركي أكد على مسمع النواب أن “لا عودة إلى الوراء”.
ردّاً على سؤال لأحد النواب عن الضمانات بعدم تجدد الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية، أكد الموفد الأميركي هوكشتاين أنه لن تحصل انتهاكات وستنسحب إسرائيل من كامل الأراضي اللبنانية بنهاية مهلة الستين يوماً لتنفيذ الاتفاق.
حسب النواب، لم يُخفِ هوكشتاين حجم الصعوبات التي ترافق تطبيق الاتفاق على الأرض، مشيراً إلى “حجم ما عثر عليه الجيش الإسرائيلي وما دمَّره من مستودعات أسلحة ومنصات لإطلاق الصواريخ وأنفاق وبنى عسكرية تعود لـ”الحزب”، وقال إن قيمتها تساوي المئات من ملايين الدولارات وكان ومن الأفضل لـ”الحزب” لو سلَّم كل هذه الأسلحة للجيش اللبناني ولم يخض الحرب. كذلك كان من الأجدى أيضاً لو أنفقت كل هذه الأموال في مشاريع إنمائية لاستفاد منها كل الشعب اللبناني بدل هدرها بهذه الطريقة، وكلها ستزول، في إشارة غير مباشرة إلى استمرار الاحتلال بالتفجيرات في القرى الحدودية قبل انسحابه النهائي.
حسب معلومات “اللواء” أيضاً، تطرق الحديث الى الاستحقاق الرئاسي، وسأله أحد نواب المعارضة الذي أعلن دعمه لإنتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون عن الموقف من ترشيحه، فرد هوكشتاين قائلاً: إنه رجل موثوق من قبلنا وقد تعاونّا معه وهو رجل مؤسسات لكنه ليس المرشح الوحيد. وبعد طلب بعض النواب تسمية مرشح آخر قال الموفد الأميركي: أنتم سألتم عن مرشح واحد هو قائد الجيش، ولم يطرح أي اسم آخر.
بدورها كشفت مصادر خاصة لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، عن أن موفد الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، كان حازماً وصارماً وتحدث بجدية لكل من التقاهم، بأن اتفاق وقف إطلاق النار وجد لتنفيذه، ولا يمكن تجاهل أي بند وارد فيه، وأي تلكّؤ بالتنفيذ يعني عودة لبنان إلى دائرة الخطر، بالتالي، أي استحقاق دستوري في لبنان، لا يمكن فصله عن قرار وقف النار والتغييرات التي طرأت على لبنان ما بعد الحرب، ويجب الأخذ بالاعتبار كل هذه التطورات والتصرف وفقاً للمرحلة المستجدة.